لقد أشار القرآن المجید فی الآیة 4 من سورة «الحدید» إلى لمحة من علم الله حیث یقول: ﴿ ... يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ... ﴾.
وبالرغم من أنّ جمیع هذه الأمور التي ذکرت فی الآیات السابقة قد جمعت في تعبیر ﴿ ... وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾، إلاّ أنّ توضیح هذه الأمور یعطی للإنسان توجّهاً أکثر فی مجال سعة علم الله.
نعم، إنّ جمیع ما ینفذ في الأرض یعلم به الله، سواء قطرات المطر والسیول. ومن بذور النبات التی تنتشر في الأرض بمساعدة الهواء والحشرات. ومن جذور الأشجار التی تنفذ ـ بحثاً عن الماء والغذاء ـ إلى أعماق الأرض. ومن أنواع المعادن والذخائر التي کانت یوماً على سطح الأرض ثمّ دفنت فیها. من أجساد الموتى وأنواع الحشرات... نعم إنّه یعلم بکلّ ذلك.
ثمّ إنّه یعلم بالنباتات التي تخرج من الأرض. وبالعیون التي تفور من أعماق التراب والصخور. وبالمعادن والکنوز التي تظهر. وبالبشر الذین ظهروا ثمّ ماتوا. وبالبراکین التي تخرج من أعماقها. وبالحشرات التي تخرج من بیوتها وجحورها. وبالغازات التي تتصاعد منها. وبأمواج الجاذبیة التي تصدر منها الجاذبیة... الله تعالى یعلم بذلك جزءاً جزءاً وذرّة ذرّة.
وکذلك ما ینزل من السماء من قطرات المطر إلى أشعّة الشمس الباعثة للحیاة.
ومن الأعداد العظیمة من الملائکة إلى أنوار الوحي والکتب السماویة.
ومن الأشعّة الکونیة إلى الشهب والنیازك المنجذبة نحو الأرض، إنّه عالم بأجزاء کلّ ذلك.
وکذلك ما یصعد إلى السماء، أعمّ من الملائکة، وأرواح البشر، وأعمال العباد، وأنواع الأدعیة، وأقسام الطیور، والأبخرة، والغیوم وغیر ذلك، ممّا نعلمه وممّا لا نعلمه، فإنّه واضح عند الله وفی دائرة علمه.
وإذا فکّرنا قلیلاً بأنّ فی کلّ لحظة تدخل الأرض ملایین الملایین من الموجودات المختلفة، وملایین الملایین من الموجودات تخرج منها، وملایین الملایین تنزل من السماء أو تصعد إلیها، حیث تخرج عن العدّ والحصر والحدّ، ولا یستطیع أي مخلوق أن یحصیها... إذا فکّرنا بهذا الموضوع قلیلاً فسنعرف مدى اتّساع علمه سبحانه.
وأخیراً فی رابع وخامس صفة له سبحانه یرکّز حول نقطة مهمّة حیث یقول:﴿ ... وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.
وکیف لا یکون معنا في الوقت الذی نعتمد علیه، لیس في إیجادنا فحسب، بل في البقاء لحظة بلحظة ـ أیضاً ـ ونستمدّ منه العون، إنّه روح عالم الوجود، بل هو أعلى من ذلك وأسمى.
فالله معنا في کلّ الحالات وفي کلّ الأوقات، فهو معنا یوم کنّا ذرّة تراب مهملة، وهو معنا یوم کنّا أجنّة في بطون أمّهاتنا، وهو معنا طیلة عمرنا، وفي عالم البرزخ... فهل بالإمکان ـ مع هذا ـ ألاّ یکون مطّلعاً علینا؟
الحقیقة أنّ الإحساس بأنّ الله معنا في کلّ مکان یعطي للإنسان عظمة وجلالاً من جهة، ومن جهة أخرى یخلق فیه اعتماداً على النفس وشجاعة وشهامة، ومن جهة ثالثة فإنّه یثیر إحساساً شدیداً بالمسؤولیة، لأنّ الله حاضر معنا في کلّ مکان، وناظر ومراقب لأعمالنا، وهذا أکبر درس تربوی لنا. وهذا الاعتقاد یمثّل دافعاً جدّیاً للتقوى والطهارة والعمل الصالح في الإنسان، ویعتبر رمز عظمته وعزّته.
أجل: إنّ مسألة أنّ الله تعالى معنا دائماً وفی کلّ مکان هي حقیقة ولیست کنایة ومجازاً، حقیقة مقبولة للنفس ومربّیة للروح، ومولّدة للخوف والمسؤولیة.
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد علي التسخيري
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد جواد البلاغي
حيدر حب الله
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عبد الأعلى السبزواري
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
الولاية والتمكين بين الاصطلاح وحراك المعنى
مشاهير مفسري الشيعة في القرنين الخامس والسادس (2)
نبي الإسلام القائد والمدير الفريد
منهج أهل البيت (ع) في بناء الإنسان الكامل (2)
وصايا النبي (ص) التربوية إلى الإمام أمير المؤمنين (ع) (2)
أوّل دروس النبيّ (ص): بناء الأمّة
حقائق حول الخسوف والكسوف
عوائق وعوامل صعود الأعمال
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ..}
النص القرآني: المكانة والدّور