الشيخ مرتضى الباشا
السؤال الأول:
ما معنى قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) آل عمران: 102.
الجواب:
روى الشيخ الصدوق بسنده عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) قال: (يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر) معاني الأخبار: 240.
ومما يدل على هذا المعنى، أنّ قوله في نهاية الآية الكريمة (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) لا تعني أن نموت على الشهادتين فقط وفقط، بل تعني مقام التسليم التام لكل ما يريده الله سبحانه، وهو المقصود بدعاء إبراهيم وإسماعيل (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ) البقرة: 128، (وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) البقرة: 132.
والحاصل من ذلك: العبودية التامة لله تعالى، بحيث يكون في طاعة دائمة بلا عصيان، وفي ذِكر دائم وعميق بلا غفلة ولا نسيان، وشكر للنعم بلا كفران (ما رأيتُ إلا جميلاً)، وهذه هي الدرجة العليا من التقوى (حق تقاته).
السؤال الثاني:
قال الله عزّ وجلّ (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن: 16.
ربما يرتكب الإنسان بعض المعاصي، ويبرر لنفسه بأنه لا يستطيع الصبر عن الحرام، وأنّ الله تعالى طلب التقوى بمقدار الاستطاعة فقط، لا أكثر من الاستطاعة، فماذا تقولون؟
الجواب:
فعل الواجبات وترك المحرّمات، كله داخل تحت قدرة واستطاعة الإنسان. ولكن ليس بمعنى أنه سهل بسيط بدون حاجة إلى صبر وجهاد النفس ومقاومة للغرائز والمغريات.
وبعبارة أخرى:
ما الفرق بين لسان المؤمن ولسان الفاسق؟
لماذا لسان المؤمن يلهج بالذكر والدعاء والكلام الحسن، ولسان الفاسق يلهج بالكذب والغيبة والسباب؟
الفرق أن المؤمن هذّب نفسه وراقبها وحاسبها، بينهما الفاسق ترك أهواءه وشهواته تقوده إلى حيث تشاء.
ونكرر أنّ الطاعة تحتاج إلى صبر ومجاهدة ومراقبة، وربما يكون (كالقابض على الجمر) ويحتاج إلى الابتعاد عن المثيرات والأجواء الموبوءة وأصدقاء السوء وأمثال ذلك.
والحاصل:
زوجة فرعون وصلت إلى ربها تعالى لأنّها أرادت ذلك، وهي في بيت فرعون.
أمّا زوجة النبي نوح، فقد ضلّت لأنّها أرادت ذلك، وهي في بيت نبي عظيم.
السؤال الثالث:
كيف نجمع بين قوله تعالى (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) وقوله (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)؟ هل يلزم أن نتقي بالدرجة العليا؟ أو بمقدار ما نستطيع فقط؟
الجواب:
لتقريب الفكرة، نأتي بالمثال التالي:
الدرجة الكاملة للتقوى 100 درجة مثلاً.
درجة النجاح في التقوى بحيث يدخل الإنسان للجنة، هي 50 درجة مثلاً.
عرفنا سابقًا أن كل إنسان يمكنه بإرادته وسعيه وتوفيق الله تعالى أن يحقق درجة النجاح 50 درجة، لكن على الإنسان أن يسعى لأكثر من مجرد درجة النجاح، بل يسعى للتفوق والدرجات العليا.
كثير من الناس يقول (لا يمكن أن أصل إلى درجة 100)، فيأتي الجواب: عليك أن تبذل أقصى جهدك وأكثر ما تستطيع عليه (ما استطعتم = أعلى درجة يمكنكم الوصول إليها).
إذن حاول أن تصل إلى 90 درجة، أو 85، أو 70، أو 65 درجة.
تمامًا كما نشجع أبناءنا ليبذلوا أقصى ما لديهم في الامتحان، فنقول له (افعل كل ما بوسعك، وقم بما تستطيع، والله يوفقك).
أخيرًا:
كما نراقب رصيدنا المالي في البنك، ونحاول زيادته أكثر فأكثر، ونحزن إذا حصلت خسارة في رصيد البنك. على الأقل ليكون حرصنا على (رصيد التقوى) بنفس تلك الدرجة، فهو الرصيد لعالم الآخرة والحياة الأبدية (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) البقرة: 197.
نراقب رصيدنا من التقوى، ونخطط لزيادته، ونحزن إذا أصيب بالنقص والخسران.
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي المشكيني
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد باقر الصدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد جعفر مرتضى
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد هادي معرفة
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان