
قد يقوم المضيّف أحياناً بتهيئة جميع المستلزمات الضرورية لضيفه العزيز، لكنَّها عادة ما تكون محدودة بشكل أو آخر، إلّاأنّه عندما يعِدُهُ بتوفير كل ما يشتهي وما يطلب بلا استثناء، فالضيف يشعر في مثل هذه الحالة بالارتياح والسكينة، لأنّه يتأكد من انعدام أيّة قيود أو حدود في هذا الصدد.
وكما أنّ هذا الكلام يصدق على النعم الماديّة في الجنّة، وهو كذلك يصدق تماماً على النعم المعنوية فيها، وبعض تعابير الآيات القرآنية تتّسق معانيها أكثر مع النعم المعنوية، فمثلًا ورد قوله تعالى بعد التحدث عن حدائق الجنّة: «لَهُمْ مَّا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ». (الشورى / 22)
فتعبير «عند ربّهم» وتعبير «ذلك هو الفضل الكبير» يتناسبان مع العطايا المعنوية والروحية في الجنّة... وقد ورد نفس هذا المعنى في قوله تعالى دون الإشارة إلى النعم المادية: «لَهُمْ مَّا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ». (الزمر / 34)
وعلى هذا فلا توجد هناك أيّة قيود على النعم في الجنّة وخاصّة في الأبعاد الروحية والمعنوية، بالإضافة إلى ما تتضمنه هذه التعابير من دلالات على عدم محدوية نِعَم الجنّة في الأطُر المادية، فهي تُظهر أيضاً عدم وجود أيّة محدوية في أيٍّ من الجانبين.
وبتعبير آخر إنّ اللَّه يهب الإنسان القدرة التي تجعل من إرادته سبباً لحصول أيّة نعمة، خلافاً لما عليه الحال في الدنيا إذ إنّ إرادة الإنسان فيها تابعة لوجود الأسباب وتوفّر العوامل، فعندما يرغب الإنسان في التجوال في روضة أو بُستان ولا يكون الجو معتدلًا ولا الأشجار يانعة، فإرادة الإنسان لا تستطيع مطلقاً خلق أجواء ربيعية أو أشجار مورقة نديّة، ولكنه في الجنّة ما أن يطلب شيئاً حتّى يتحقق له بإذن اللَّه، وهذا الامتياز مثير للعجب «1».
وقد طرح بعض المفسرين، الذين يصرّون على قضية رؤية اللَّه تعالى، هذه المسألة هنا وقالوا: إنّها تتضمن المشاهدة أيضاً، فمن ذا الذي لا يطلب ولا يبغي رؤية اللَّه جل وعلا؟! «2»
لكن خطأهم الفاحش يكمن في عدم رغبتهم للإذعان لهذه الحقيقة وهي أنّ مشاهدة اللَّه حسيّاً أمر غير ممكن، وذلك لأنّ الاتصاف بالجسمية والمكانية والأينية لا تعدو أن تكون من الصفات الخاصة بالمخلوقات وهو أمر مستحيل بشأن ذاته المقدّسة، وأهل الجنّة لا يطلبون المحال، أمّا المشاهدة القلبية والباطنية فهي متيّسرة في هذا العالم وكذلك في العالم الآخر.
وفي نفس هذا السياق ورد في قوله تعالى: «لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ». (ق / 35) ويدلّ هذا التعبير على توفير كل ما تتسع له جملة «لهم ما يشاءُون» وكل ما تشتمل عليه إرادتهم إضافة إلى توفير جميع النعم والعطايا التي لم تخطر على بال أي إنسان، ويشملهم بلطفه الذي يستعصي على البيان وصفه.
ويُسْتدل من بعض الروايات أنّ جملة: «ولدينا مزيد» هي إشارة إلى أيّام الجمعة التي يحظى فيها أهل الجنّة بكرامات وعنايات خاصة من قبل الباري جلّ وعلا، وهو أكثر لديهم باثنين وسبعين مرّة «3»، وتوجد هناك آيات أخرى في القرآن الكريم تتّسق بشكل أو آخر مع الآيات السابقة الذكر «4».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). مقتبس من تفسير الميزان، ج 17، ص 260.
(2). التفسير الكبير، ج 26، ص 280.
(3). بحار الأنوار، ج 8، ص 126، ح 27.
(4). من جملة ذلك: سورة يس، الآية 57؛ سورة فصلت، الآية 31 والتي تشتمل على النعم المختلفة ويتبيّن ذلك من خلال تعابيرها: «ولهم ما يدّعون» «ولكم فيها ما تدّعون».
شكل القرآن الكريم (2)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
محمود حيدر
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)
الهداية والإضلال
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
(قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
الذنوب التي تهتك العصم