قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} وقرأ يرتدد بدالين جوابه محذوف يعني فلن يضر دين الله شيئًا فإن الله لا يخلي دينه من أنصار يحمونه.
القمي قال: هو مخاطبة لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين غصبوا آل محمد صلوات الله عليهم حقهم وارتدوا عن دين الله {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} يحبهم الله ويحبون الله وقد سبق معنى المحبة من الله ومن العباد.
{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} رحماء عليهم من الذل بالكسر الذي هو اللين لا من الذل بالضم الذي هو الهوان {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} غلاظ شداد عليهم من عزه إذا غلبه {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} بالقتال لإعلاء كلمة الله وإعزاز دينه {وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} فيما يأتون من الجهاد والطاعة.
في المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام) هم أمير المؤمنين وأصحابه حتى قاتل من قاتله من الناكثين والقاسطين والمارقين.
قال ويؤيد هذا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصفه بهذه الصفات حين ندبه لفتح خيبر بعد أن رد عنها حامل الراية إليه مرة بعد أخرى وهو يجبن والناس يجبنونه، لأعطين الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارًا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه ثم أعطاها إياه.
فأما الوصف باللين على أهل الإيمان والشدة على الكفار والجهاد في سبيل الله مع أنه لا يخاف لومة لائم، فمما لا يمكن دفع علي عن استحقاق ذلك لما ظهر من شدته على أهل الشرك والكفر ونكابته فيهم ومقاماته المشهورة في تشييد الملة ونصرة الدين والرأفة بالمؤمنين.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال يوم البصرة والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم وتلا هذه الآية، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون [1] عن الحوض فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى.
والقمي: إنها نزلت في مهدي الأمة وأصحابه (عليهم السلام) وأولها خطاب لمن ظلم آل محمد صلوات الله عليهم وقتلهم وغصبهم حقهم.
وفي المجمع ويمكن أن ينصر هذا بأن قوله سبحانه {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} يوجب أن يكون ذلك القوم غير موجودين في وقت نزول الخطاب فهو يتناول من يكون بعدهم بهذه.
أقول: لا منافاة بين الروايتين على ما حققناه في المقدمات من جواز التعميم، ذلك فضل الله أي محبتهم لله سبحانه ولين جانبهم للمؤمنين وشدتهم على الكافرين، تفضل من الله وتوفيق ولطف منه ومنة من جهته، يؤتيه من يشاء ويعطيه من يعلم أنه محل له، والله واسع جواد لا يخاف نفاد ما عنده عليم بموضع جوده وعطائه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] حلات، الإبل بالتشديد تحلئة وتحلا طردتها عنه ومنعتها أن تراه وكذلك غير الإبل.
الفيض الكاشاني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد جواد مغنية
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
إيمان شمس الدين
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
قوم يحبهم الله ويحبونه
السبب في اشتمال القرآن على المتشابه
الإسلام حرب على الظلم والفساد
نادي (صوت المجاز) يحتفي بسنويّته الأولى
التصاق كهربائي بين معادن صلبة وخضار وفواكه ولحوم
مذكرات آخر فئران الأرض، جديد الكاتب موسى الثنيان
الأسرة الدافئة (3)
الشيخ عبد الجليل البن سعد: الانتماء الصادق
الشيخ عبد الجليل البن سعد: القيم والتقوى: ركائز الأمان والتمييز في بحور النفس والمجتمع
عبور لنهر هيراقليطس، أمسية لهادي رسول في الخبر