قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عن الكاتب :
فيلسوف، مفسر وعالم دين إسلامي و مرجع شيعي، مؤسس مؤسسة الإسراء للبحوث في في مدينة قم الإيرانية

صفات القرآن في نظر المعصومين (1)

جاء في روايات المعصومين (عليهم السلام) صفات كثيرة عن القرآن نشير فيما يلي إلى بعضها:

 

1. الوافد الأول على الله سبحانه 

 

يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم): "أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي"(1)، ففي القيامة حيث إن جميع المخلوقات تعود إلى خالقها: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53] فإن أول ضيف يرد على الله هو النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والقرآن وأهل بيت النبي، وحيث إن هذه الكثرة النورانية منسجمة مع الوحدة الحقيقية، إذن يمكن أن يعبر عن مجموع هذه الأنوار الثلاثة بالنور الواحد والوافد الفرد وأن يقال: الوافد الأول.

 

2. أرفع مخلوق إلهي

 

كذلك يقول النبي "القرآن أفضل كل شيء دون الله، فمن وقر القرآن فقد وقر الله ومن لم يوقر القرآن فقد استخف بحرمة الله"(2). والقرآن الكريم له مراتب مختلفة، فمرتبته النازلة هي "عربي مبين" ومرتبته العالية هي: "علي حكيم" {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 3، 4] وبين هاتين المرتبتين توجد مراتب متوسطة. والقرآن الكريم حبل متصل ومستحكم طرف منه بيد الله سبحانه وطرفه الآخر بيد الناس، والتمسك والاعتصام بحبل الله عامل للسعادة والسيادة في الدنيا والآخرة.

 

والله سبحانه يأمر حملة القرآن باحترام القرآن ويعدهم بأن ثمرة ذلك هي المحبة عند الله وخلقه. يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "يقول الله عز وجل: يا حملة القرآن تحببوا إلى الله تعالى بتوقير كتابه يزدكم حبًّا لي ويحببكم إلى خلقه"(3).

 

والجدير بالذكر أن للقرآن مراتب، كما أن لولاية الرسول الأكرم وأهل البيت (عليهم السلام) مراتب. والمرتبة العليا للقرآن والولاية هي نور واحد، ولهذا فليس هناك كلام عن فاضل ومفضول. وإذا لوحظت كثرة المراتب فإن المرتبة العليا للقرآن هي أفضل من المرتبة النازلة للولاية..

 

3. الكتاب المؤدي للنجاة

 

يقول معاذ بن جبل: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سفر، فقلت: يا رسول الله حدثنا بما لنا فيه نفع. فقال: "إن أردتُم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحشر والظل يوم الحرور والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن فإنه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان".(4)

 

4. دليل الجنة

 

يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "تعلموا القرآن واقرؤوه واعلموا أنه كائن لكم ذكراً وذخراً وكائن عليكم وزراً فاتبعوا القرآن ولا يتبعتكم، فإنه من تبع القرآن تهجم على رياض الجنة، ومن تبعه القرآن زج في قفاه حتى يقذفه في جهنم"(5) أي اقرأوا القرآن واعلموا أن القرآن يرفع شأنكم واسمكم واعلموا أنه سيكون لكم ذخراً ووزراً، فهو ذخر حسن للإنسان إذا جعله إماماً له وأما إذا جعل الإنسان نفسه إماماً للقرآن فإن القرآن سيكون وزراً ثقيلاً على ظهره وسيقذفه من قفاه في جهنم. وكما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) حول القرآن أيضاً، من جعل القرآن له قائداً فإن مصيره إلى الجنة ومن تركه خلفه فسوف يسوقه إلى النار: "من جعله أمامه قاده إلى الجنة، جعله خلفه ساقه إلى النار".(6)

 

5. طريق الإنسان لكي يصبح ربانيًّا

 

يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) "ما من مؤمن، ذكر أو أنثى، حر أو مملوك إلا والله عليه حق واجب: أن يتعلم من القرآن ويتفقه فيه ثم قرأ هذه الآية: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ}(7)".

 

أي أن حق الله سبحانه على الجميع أن يتعلموا القرآن بتفقه لأن القرآن يدعو الناس ليكونوا ربانيين وطريق ذلك هو تعلم القرآن.

 

والعالم الرباني هو الذي له ارتباط وثيق مع رب العالمين وكذلك يتقن تربية الناس، وما قاله الأئمة المعصومون (عليه السلام): "فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون"(8) فهو لبيان المصداق الكامل للعالم الرباني وليس الحصر ذلك في أهل البيت (عليهم السلام)، أجل إن أكمل مصاديق العالم الرباني هم الأئمة (عليه السلام)، ولكن الباب مفتوح أمام أتباعهم كي يصبحوا ربانيين.

 

6. مرقاة أهل الجنة

 

جاء رجل إلى الإمام السجاد (عليه السلام) وسأله عددًا من الأسئلة فأجاب عليها الإمام، فأحب أن يسأل الإمام من جديد فقال له الإمام (عليه السلام): "مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعلمون، ولما عملتم بما علمتم فإن العالم إذا لم يعمل به لم يزده من الله إلا بعدًا، ثم قال: "عليك بالقرآن فإن الله خلق الجنة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصاها اللؤلؤ وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن، فمن قرأ القرآن قال له: اقرأ وارق، ومن دخل منهم الجنة لم يكن أحد في الجنة أعلى درجة منه ما خلا النبيين والصديقين".(9)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص6

2. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص7

3. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص7.

4. جامع أحاديث الشيعة، ج 15، ص 9.

5. نفس المصدر، ص10.

6. البحار، ج89، ص17.

7. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص9(سورة آل عمران، الآية 79).

8. أصول الكافي، ج 1، ص34.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد