من التاريخ

هذا منّا أهلَ البيت


«عن حبّة العرني قال: لمّا نزل أمير المؤمنين عليه السلام على الرقّة، نزل بمكانٍ يُقال له (بليخ) على جانب الفرات، فنزل راهبٌ من صومعته فقال لعليٍّ عليه السلام: إنّ عندنا كتاباً توارثناه عن آبائنا، كَتَبه أصحاب عيسى بن مريم، أعرضُه عليك؟
قال عليٌّ عليه السلام: نَعَم، فَمَا هُو؟
قال الراهب: بسم الله الرّحمن الرّحيم الذي قَضى فيما قَضى، وسطّر فيما سطّر، أنّه باعثٌ في الأمّيّين رسولاً منهم يعلّمهم الكتاب والحكمة، ويدلّهم على سبيل الله.... وينصره الله على كلّ مَن ناواه، فإذا توفّاه الله اختلفت أمّتُه ثمّ اجتمعت، فلبثتْ بذلك ما شاء الله ثمّ اختلفت، فيمرّ رجلٌ من أمّته بشاطئ هذا الفرات، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقضي بالحقّ، ولا يرتشي في الحُكم، الدّنيا أهونُ عليه من الرّماد في يومٍ عصفتْ به الريح، والموتُ أهون عليه من شُرب الماء على الظَّمأ، يخافُ الله في السرّ، وينصحُ له في العلانية، ولا يخافُ في الله لومة لائم، مَن أدرك ذلك النّبيّ من أهل هذه البلاد فآمنَ به كان ثوابُه رضواني والجنّة، ومَن أدركَ ذلك العبدَ الصالح فليَنصرْه، فإنّ القتل معه شهادة.
ثمّ قال له: فأنا مصاحبُك غيرُ مفارقك حتّى يُصيبَني ما أصابك.
قال الراوي: فبكى عليٌّ عليه السلام، ثمّ قال: الحَمْدُ للهِ الّذي لمْ يَجْعَلْنِي عِنْدَهُ مَنْسِيّاً، الحَمْدُ للهِ الّذي ذَكَرَنِي في كُتُبِ الأبْرَار.
ومضى الراهبُ معه، وكان – في ما ذكروا - يتغدّى مع عليٍّ عليه السلام ويتعشّى، حتّى أُصيبَ يوم صفّين، فلمّا خرج الناسُ يدفنون قتلاهم قال عليٌّ عليه السلام: اطلبُوه.
فلمّا وجَدوه صلّى عليه ودفنه، وقال: هَذا مِنّا أهلَ البيت. واستغفرَ له مِراراً».
(وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد