من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ جعفر السبحاني
عن الكاتب :
من مراجع الشيعة في ايران، مؤسس مؤسسة الإمام الصادق والمشرف عليها

الصفرية، من فرق الخوارج


الشيخ جعفر السبحاني ..

اختلفت كلمة أصحاب المقالات في مؤسس هذه الفرقة، فنرى أنّ المبرّد يعرّفهم بأنّهم أصحاب ابن صفار، وانّهم إنّما سمّوا بصفرة لصفرة عَلَتْهم ويستشهد على ذلك بقول ابن عاصم الليثي، وكان يرى رأي الخوارج وصار مرجئاً.
فارقتُ نجدة والذين تزرّقوا * وابن الزبير وشيعة الكذّاب
والصفر الآذان (1) الذين تخيّروا * ديناً بلاثقة ولا بكتاب
بينما الأشعري والشهرستاني ينسبانها إلى زياد بن أصفر(2) .
ولكن يقول المقريزي: إنّهم أتباع زياد بن الأصفر ويضيف، ربّما يقال: إنّهم أتباع النعمان بن الصفر، وقيل: بل نسبوا إلى عبدالله بن صفار، ويقال لهم أيضاً: الزيادية... ويقال لهم أيضاً: النُكّار من أجل أنّهم ينقصون نصف علي وثلث عثمان وسدس عائشة (3) .

وعل كل تقدير فهم كالأباضية أقرب الفرق إلى المسلمين:
1 ـ يخالفون الأزارقة في عذاب الأطفال، فإنّهم لا يجيزون ذلك ولا يكفّرونهم ولا يخلّدونهم في النار.
2 ـ لم يكفّروا القعدة عن القتال ـ والمراد قعدة الخوارج ـ .
3 ـ لم يسقطوا الرجم .
4 ـ التقية جائزة في القول دون العمل عندهم.
5 ـ وأمّا إطلاق الكافر والمشرك على مرتكبي الكبائر، فقد قالوا فيه بالتفصيل الآتي:
ما كان من الأعمال عليه حدّ واقع فلا يتعدّى بأهله، الاسمُ الذي لزمه به الحدّ كالزنا والسرقة، والقذف، فيسمّى زانياً سارقاً، قاذقاً، لا كافراً مشركاً.
وما كان من الكبائر ممّا ليس فيه حدّ لعظم قدره مثل ترك الصلاة والفرار من الزحف، فإنّه يكفّر بذلك.
6 ـ ونقل عن الضحّاك منهم أنّه جوّز تزويج المسلمات من كفّار قومهم (يريد سائر المسلمين) في دار التقيّة دون دار العلانية .
7 ـ ونقل عن زياد بن الأصفر أنّ الزكاة سهم واحد في دار التقيّة (4) .
8 ـ ويحكى عنه أنّه قال: نحن مؤمنون عند أنفسنا ولا ندري أنّنا خرجنا من الإيمان عند الله!
9 ـ الكفر كفران، كفر بإنكار النعمة، وكفر بإنكار الربوبية.
10 ـ البراءة براءتان: براءة من أهل الحدود، سنّة، وبراءة من أهل الجحود، فريضة (5) .
وعلى ما ذكره الشهرستاني فهم لا يرون ارتكاب الكبيرة موجباً للشرك والكفر إلاّ فيما إذا لم يرد فيه حدّ كترك الصلاة .

لكن الظاهر ممّا نقله البغدادي في الفرق أنّ بين الصفرية قولين آخرين:
الف ـ إنّ صاحب كل ذنب مشرك، كما قالت الأزارقة.
ب ـ إنّ صاحب الذنب لا يحكم عليه بالكفر حتى يرفع إلى الوالي فيحدّه (6).
وكل الصفرية بل جميع فرق الخوارج حتى الأباضية الذين يتحرّجون من تسميتهم خوارج، يقولون بموالاة عبدالله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير وأتباعهما من المحكّمة الأولى .
ويقولون بإمامة أبي بلال مرداس، الخارج بعد المحكّمة الأولى، وبإمامة عمران بن حطان السدوسي بعد أبي بلال.
أمّا أبو بلال فقد مرّت ترجمته وأنّه خرج في أيّام يزيد بن معاوية بناحية البصرة، فبعث إليه عبيدالله بن زياد، عبّاد بن أخضر التميمي، فقتله مع أتباعه.
وأمّا الثاني فهو من شعراء الخوارج وخطبائهم، مات سنة 84، وبلغ من خبثه في بغض علي ـ عليه السَّلام ـ أنّه رثا عبدالرحمن بن ملجم وقال في ضربه عليّاً:
يا ضربة من منيب ما أراد بها * إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إنّي لأذكره يوماً فأحسبه * أوفى الربية عند الله ميزانا
قال عبدالقاهر (البغدادي): وقد أجبناه عن شعره هذا بقولنا:
يا ضربة من كفور ما استفاد بها * إلاّ الجزاء بما يصليه نيرانا
إنّى لألعنه ديناً، وألعن من * يرجو له أبداً عفواً وغفرانا
ذاك الشقي لأشقى الناس كلّهم * أخفّهم عند ربّ الناس ميزانا(7)


المصادر:
1. قال المبرّد: خفف الهمزة من الاذان ولولاه لانكسر الشعر.(المبرّد: الكامل 2/214) .
2. الأشعري: مقالات الإسلاميين 101، والشهرستاني: الملل والنحل 1/137 .
3. المقريزي: الخطط 2/354، والنكّار جمع ناكر.
4. يريد أنّه لا يجب صرف الزكاة على الأصناف الثمانية الواردة في آية الصدقات، لعدم بسط اليد في دار التقيّة بل تصرف في مورد واحد.
5. الشهرستاني: الملل و النحل 1/137. البغدادي: الفَرق بين الفِرق 90. الأشعري: المقالات 101 .
6. البغدادي: الفَرق بين الفِرق 91 .
7. البغدادي: الفَرق بين الفِرق 93 .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد