موطنه
يستفاد من بعض الوثائق التاريخية أنّ بلاد الشام كانت هي المكان الّذي نشأ فيه لقمان وترعرع وعاش «1». ويرى البعض أنّ لقمان كان من أهل آسيا الصُغرى «2»، وأنّه قد ولد في قرية تُدعى «آموريوم». وأشارت مصادر تاريخية أخرى إلى أنّه كان من أهالي أيلة. «3» ويتبيّن من بعض الروايات أنّ لقمان قضى شطراً من عمره في الموصل وهي إحدى المدن المهمّة في شمال العراق.
والمدينة الأخرى الّتي قيل بأنّها كانت موطنه في السنوات الأخيرة أو الأيّام الأخيرة من عمره هي مدينة الرملة. «4»
عمله
هناك أخبار شتّى أيضاً حول العمل أو المهنة الّتي كان يمارسها لقمان، حيث نُسب إليه أنّه كان يعمل خيّاطاً، ونجّاراً، وراعياً، وحطّاباً. وقال عنه آخرون إنّه كان نجّاداً، والنجّاد هو من يعالج البسط والفرش والوسائد ويخيّطها. ولكن جميع هذه الأخبار والأقوال لا تستند إلى دليل رصين.
وذُكِر في بعض الأخبار أنّه كان يزاول القضاء بين بني إسرائيل «5»، لكن مثل هذه الأخبار تخالف الروايات الّتي تعتبر منشأ حِكمَة لقمان رفضه للقضاء. «6» ويعتقد بعض الباحثين بأنّ هناك وثائق معتبرة تدلّ على أنّ لقمان كان يتّقن - إضافة إلى ما كان يتّصف به من الحكمة - الطبابة ومعرفة الأمراض.
نقش خاتمه
نقل الغزالي في إحياء علوم الدين بأنّ خاتم لقمان كان منقوشاً عليه هذه الجملة: «الستر لما عافيت أحسن من إذاعة ما ظننت». «7»
تلاميذه
ذكر حمد اللَّه المستوفي في كتابه تاريخ گزيده أنّ فيثاغورث الحكيم اليوناني الّذي ينحدر من أصل لبناني، وجاماسب حكيم بلاد فارس القديمة، كانا من تلاميذ لقمان الحكيم.
وقال أيضاً بأنّ انباذقلس الحكيم اليوناني المعروف تعلّم الحكمة من لقمان في بلاد الشام ونقلها إلى اليونان.
وقال البعض بأنّ لقمان بن عاد الّذي كان يعيش في زمن النبيّ هود (ع)، كان هو الآخر من تلاميذ لقمان. يقول المحدّث القمّي: قيل إنّ بطليموس كان تلميذ جالينوس، وجالينوس تلميذ بليناس، وبليناس تلميذ أرسطو، وأرسطو تلميذ أفلاطون، وأفلاطون تلميذ سقراط، وسقراط تلميذ بقراط، وبقراط تلميذ جاماسب، وجاماسب أخو كشتاسب وهو من تلامذة لقمان الحكيم مثل فيثاغورث الحكيم المشهور. «8»
طول عمره
هناك أخبار متضاربة أيضاً حول طول عمر لقمان، ففي بعضها أنّه عمّر مئتي سنة، بينما ذكرت أخبار أخرى أنّ عمره كان ألف سنة. وقد ورد في كتاب كليات سعدي: «لم يعمّر أحد من بني آدم كعمر لقمان، إذ أنّه عاش ثلاثة آلاف سنة، وعندما حان أجله وجاءه ملك الموت وجده جالساً بين القصب يحوك زنبيلًا، فقال له: يا لقمان لقد عمّرت 3000 سنة فلماذا لم تبنِ لنفسك داراً؟ قال: مغفَّل من تكون لديه جرأة على بناء دار وأنت تطلبه».
وجاء في خبر آخر أنّ لقمان عاش 3500 سنة. وذهب آخر إلى ما هو أبعد من ذلك حين قال: «إن لقمان وعظ ابنه عشت أربعة آلاف سنة، وخدمة أربعة آلاف نبيّاً...».
ولابدّ من القول بأنّه ليس ثمّة دليل قاطع يثبت صحّة أيّاً من هذه الأقوال، كما إنّه لا دليل ينفيها. ولكن لعلّه من الممكن إثبات طول عمره من خلال مجموع هذه الأخبار مضافاً للوارد في بعض الروايات. «9»
مرقده
ذكرت المصادر التاريخية عدّة مواضع لمدفن لقمان. وقال بعض المؤرّخين إنّه مدفون في أيلة، وقال آخرون إنّ ضريحه يقع في مدينة الرملة، وذكر بعض الرحّالة في كتب رحلاتهم عن زيارتهم لقبر لقمان في مدينة الإسكندرية الواقعة في شمال مصر. وجاء في كتاب معجم البلدان ما يلي: «وفي شرقي بحيرة طبرية قبر لقمان الحكيم وابنه، وله باليمن قبر، واللَّه أعلم بالصحيح منهما». «10»
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). في القديم كانت تسمية الشام تُطلق على منطقة واسعة تشمل الأردن وسورية ولبنان وفلسطينالحالية (معجم دهخدا).
(2). كانت آسيا الصغرى إلى ما قبل عدّة عقود تُعرف باسم الأناضول، واشتهرت عند علماء الجغرافيا المسلمين باسم "الروم" وهي تُسمّى حالياً تركية.
(3). تقع مدينة أيله: أيلات عند رأس خليج العقبة في الأردن، وقد بُنيت عند النهاية الشمالية القصوى للبحر الأحمر.
(4). الرملة: اسم لعدة مدن أشهرها مدينة عظيمة بفلسطين القديمة وكانت قصبتها قد خربت الآن، وتبعد عن بيت المقدس مسيرة ثمانية عشر يوماً. كما يطلق هذا الاسم على المدن والمناطق التالية: محلة خربت نحون شاطئ دجلة مقابل الكرخ ببغداد. وقرية في البحرين، ومحلة بسرخس، و... (انظر: معجم البلدان: ج 3 ص 69).
(5). جامع البيان: ج 11 ص 67، الدرّ المنثور: ج 6 ص 510.
(6). راجع: الفصل الثاني: «عدم قبول الحُكم بين الناس».
(7). إحياء علوم الدين: ص 475.
(8). الكنى والألقاب: ج 2 ص 74.
(9). يبدو أنّ بعض المؤرخين خلط بين «لقمان الحكيم» و «لقمان بن عاد الكبير (صاحب كركسان)» ولم يفرّق بينهما، مع أنّ الفترة التي عاش فيها «لقمان بن عاد الكبير» هي زمان النبي هود (ع)، وأما «لقمان الحكيم» فكان في زمان النبي داود (ع)، وقد كانت نبوّة هود (ع) قبل زمان داود (ع) بثمانمئة سنة على ما في بعض النقول، فمع الأخذ بنظر الاعتبار سن «لقمان الحكيم» وكونه شاباً يتضح عدم إمكان اتحاده مع «لقمان بن عاد الكبير».
وقد أثار طول عمر «لقمان بن عاد» أنظار الكثير من العلماء والمحققين ومنهم الشيخ الصدوق والشيخ المفيد اللذين أورداه في عِداد المعمّرين لإثبات طول عمر الإمام المهدي (ع) (انظر: كمال الدين وتمام النعمة: ص 559، الفصول المهمة: ص 94).
وقد بالغ الشعراء والقصاصون العرب في الثناء والمدح لهذه الشخصية حتّى جعلوها شخصية أسطورية، حتّى كتب الجاحظ (المتوفى 255 ق): «وكانت العرب تعظم شأن لقمان بن عاد الأكبر والأصغر ولقيم بن لقمان في النباهة والقدر وفي العلم والحكم وفي اللسان وفي الحلم وهذان غير لقمان الحكيم المذكور في القرآن» (البيان والتبين : ج 1 ص 23 و 161).
(10). معجم البلدان: ج 4 ص 19.
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ علي آل محسن
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ باقر القرشي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد صنقور
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
القدرة العجيبة المنسيّة لصناعة الإنسان
النّفس وتسويتها
ملامح من حياة الإمام علي الهادي (ع)
تصبَّر تكن أكثر سعادة وبأفضل صحة
الإمام علي الهادي (ع) والعطاء العلمي
الفرق بين (يفعلون) و(يعملون) و(يصنعون)
الإمام الهادي في مواجهة الاتجاه الجبري والقدري
الإمام الهادي: وارث خزائن المعارف
تحيّات النبي إلى الباقر عليه السلام
نصاعة الصوت في الأداء القرآني