يشهد العالم اليوم كثير من الاختلافات والانقسامات السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة والمذهبية المتصارعة والمتناحرة، ولكن هذا الواقع، لا يحجب شعاعًا من نور، ينبثق من أرضٍ شهدت ولادة سيّد الخلق صلّى الله عليه وآله وسلّم، فترى الناس كالفراش ينجذبون إليها، إنّها الكعبة المشرّفة، التي ما زالت إلى يومنا هذا محورًا يجتمع في ظلالها المسلمون من أقطار العالم كافّة؛ غنيّهم وفقيرهم، أبيضهم وأسودهم، وكأنّها صرّة التوحيد الأبديّة التي تربط الدعوة بمركزها، لتشهد بالتوحيد في أزمنة الفراق والتشتّت.
الكعبة المشرّفة المقصد الدائم، ومهبط القلوب العامرة بالإيمان، فيها، تُعاد اللوحة إلى ألقها الأوّل، فتصدح الحناجر “لبيك اللّهم لبيك”، ويُرسم المشهد من جديد، حجيجٌ عقدوا العزم على زيارة بيت الله الحرام، وشكّلوا أعظم وأكبر ظاهرة تجمّع إنسانيّ سنويّ، لا نجده في أيّ محور من محاور العالم، أتوا ليقولوا كلمتهم وليسقطوا الفوارق والفواصل والفجوات، والوقوف جميعًا في موقف أمام إله واحد لا إله إلّا هو.
إنّه البيت الحرم، سبيل السماء وأرض الوحدة في ظلّ الانقسامات الطائفيّة والمذهبيّة والتناحر والتكفير، إنّه وعيّ الأمّة ونداء الأخوّة بين المسلمين، إنّه صوت الإسلام المحمّديّ الأصيل، الذي يدعو لتلافي وتجاوز جميع الخلافات، فيجعل الإنسان نقيًا يتقبّل الآخر ويسمع رأيه، عملًا بقول أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: “الناس صنفان إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”[1]، الذي أعلن فيه قاعدة الرحمة والتراحم بين جميع البشر مهما كانت جنسيّاتهم وأشكالهم.
هذا الكتاب الذي بين أيدينا “الأمّة الواحدة في رحاب البيت الحرام” للشيخ محمّد مهدي الآصفي، هو من الكتب الرائدة في مجال تعميق الوحدة الإسلامية. أراد سماحته من خلاله أن يشير إلى محوريّة الكعبة المشرّفة في كونها قبلة يتوجّه إليها المسلمون في كلّ عام؛ ليجدّدوا عهدهم لله بالوحدة، وليقدّموا نموذجًا إنسانيًّا راقيًا للتجمّع البشريّ، الذي يتمّ رغم كلّ الاختلافات التي تطرأ على الأمّة الإسلاميّة.
فالكتاب يشير إلى محتوى خطاب الحجّ العالميّ والوحدويّ، لأنّه يمثّل باكورة الوعي بالوحدة الجامعة، فالحجّ يتعدى أهميّته العباديّة، ليتحوّل إلى ضرورة، تستفيد منها الأمّة لتقديم صورة مشرقة لهذه الأمّة المتضامنة قلبًا وقالبًا. عبر ما تشكّله من مساحة للتلاقي والحوار الثقافيّ والسياسيّ والاجتماعيّ والمعرفيّ بين أفراد الأمّة بتقديم مصلحة الجماعة على المصلحة الفرديّة لإنشاء المشاريع والأعمال المشتركة التي من شأنها أن تنهض بالأمّة لتكوين مجتمع متماسك وواحد.
تقع مسؤوليّة السعي إلى التوحّد على جميع أفراد الأمّة دون استثناء. فالخطاب الإلهيّ والدينيّ خطاب أمّة وليس خطاب أفراد، فعسانا نسعى في طريق وضع حجر أساس لاتّحاد هذا المجتمع والترفّع عن الخلافات لنكون أمّة لائقة بالرحمة الإلهيّة.
ــــــــــــ
[1] خطب الإمام علي (ع)، نهج البلاغة، شرح الشيخ محمّد عبده (قم: دار الذخائر، الطبعة 1، 1412ه/ 1370ه.ش)، الجزء 3، الصفحة 84.
الشيخ محمد مهدي النراقي
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد الريشهري
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد مهدي الآصفي
عدنان الحاجي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد صنقور
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
الإمام الباقر عليه السلام: هكذا تكون سعيداً
الحج وإيجاد الإنسان
بين يديّ الإمام الباقر عليه السّلام
زكي السّالم: كيف تصبح متملّقًا في تسع دقائق ونصف؟
ما جرى على البيت الحرام في تاريخ الإسلام
الحج ووحدة المسلمين وإيقاظهم
الحج دعوة وتلبية (1)
الإمام الجواد: شباب في مهبّ السّموم
(ملمس الظّلّ) جديد الشّاعر حسن المبارك
منتدى الينابيع الهجريّة يحتفي بثلاثة من شعرائه