قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) (١).
الويل: كلمة عذاب وهلكة، بعكس الويح فإنها كلمة رحمة وشفقة، فمن دعي عليه بالعذاب والهلكة قيل: ويله، وويل له.
وقد وردت في القرآن الكريم بهذا المعنى، أي بمعنى الدعاء على من يستحق العذاب والهلكة، كهذه الآية وأمثالها.
وقد يضيفها الداعي لنفسه، فيقول: ويلي. قال أعشى قيس وهو ميمون بن قيس المتوفّى سنة ٧من الهجرة في لاميته المشهورة.
قـالـت هـريـرة لما جـئـت زائـرّهـا
ويلي عليك وويلي منك يا رجلُ (٢)
وقد جاء في سورة يس: (قَالُواْ يَٰوَيْلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ) (٣)، إلى غير ذلك.
وقد تضاف إليها تاء التأنيث، فيقال: يا ويلتا، قال تعالى حكاية عن قابيل: (قَالَ يَٰوَيْلَتَىٰٓ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَٰرِىَ سَوْءَةَ أَخِى ۖ) (٤).
ويقال: إن (ويل) اسم وادٍ في جهنم، لو وضعت في الجبال لذابت من حرّه.
(لِّلْمُصَلِّينَ): جمع مصلٍّ. وقد استغل بعض المولعين بالخمر هذه الآية الكريمة، فسخّرها لغرضه، واقتطعها عمّا بعدها مغالطة منه، وقال:
ما قال ربك ويل للذي شربوا
بل قال ربـك ويـل للمصـلّيـنا (٥).
والجواب على هذا التهكم والاستهتار أن الله جلّ وعلا وإن لم يقل ذلك بلفظه(٦) فقد قاله بمعناه، وإلّا فما معنى قوله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلْأَنصَابُ وَٱلْأَزْلَٰمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَٰنِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٧)؟
فوضع الخمر والميسر إلى جانب الأنصاب والأزلام؛ للدلالة على أنهما لا يقلّان في الإثم عمّأ قُرنا به، وقد جاء في الحديث عن النبي (ص) أنه قال: (شارب الخمر كعابد الوثن) (٨).
ثم إنه جلّ وعلا لم يجعل الويل لجميع المصلّين، وإنما جعله لفئة خاصة وهم (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ). وهم المنافقون الذين لا يرجون لها ثواباً إن صلّوا، ولا يخافون عقاباً إن تركوا.
فهم عنها غافلون؛ إن كانوا مع المؤمنين صلّوها، وإن لم يكونوا معهم تركوها.
وقال البعض: والحمد لله الذي قال: (عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) ولم يقل: (في صلاتهم ساهون) (٩)؛ لأن السهو في الصلاة يقع من كلّ أحد إلا من عصم الله سبحانه وتعالى.
وفي كتاب (الدر المنثور) عن ابن عباس (رض) أنه قال: (إن الساهين هم المنافقون الذين يراؤون الناس بالصلاة إذا حضروا معهم، ويتركونها إذا غابوا عنهم، ويمنعونهم العارية بغضاً لهم، وهي (الماعون) (١٠).
وفي الكتاب المذكور عن أبي برزة الأسلمي قال: لما نزلت هذه الآيات قال رسول الله (ص): (هو الذي إن صلى لم يرجُ خير صلاته، وإن تركها لم يخف من ربّه) (١١).
وقد عد بعضهم المستخفين بالصلاة من هؤلاء (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ).
(١) سورة الماعون، الآية ٤-٧.
(٢) مجمع البيان ج٨، ص٢٨٠.
(٣) سورة يس، الآية ٥٢.
(٤) سورة المائدة، الآية ٣١.
(٥) شجرة طوبى، ص١٤٢.
(٦) أي (ويل لشاربي الخمر).
(٧) سورة المائدة، الآية ٩٠.
(٨) عوالي اللآلي، ج٢، ١٤٨\٤١٣.
(٩) التفسير الكبير، الجامع لأحكام القرآن، تفسير القرآن العظيم.
(١٠) الدر المنثور، ج٦، ص٣٩٩.
(١١) الدر المنثور، ج٦، ص٤٠٠.
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد هادي معرفة
عدنان الحاجي
السيد عباس نور الدين
الشيخ فوزي آل سيف
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
الشيخ علي الجشي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
السيّدة الزّهراء: تحفة سماويّة الملامح
تطوّر اللّغة واضطراباتها، جديد المترجم عدنان الحاجي
القرآن وخلق العالم
مفهوم العبادة وحدّها
أملٌ وَشيك
من كان في هذه أعمى
السيد حسن النمر: من يحبهم الله ومن لا يحبهم (2)
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (8)
كانت الأحلام
جمعيّة ابن المقرّب تحتفي باليوم العالميّ للّغة العربيّة