مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد حسين الطهراني
عن الكاتب :
عُرف بين الناس باسم العلامة الطهراني، عارف وفيلسوف، ومؤلف موسوعي، من مؤلفاته: دورة المعارف، ودورة العلوم، توفي عن عمر يناهز الواحد والسبعين من العمر، سنة 1416 هـ.

خطورة ذياع صيت الإنسان بين الناس واشتهاره بينهم

إنّنا نرى من بين طلاب المرحوم القاضي، أنّ الأشخاص الذين اهتمّوا وراعوا، حصّلوا واكتسبوا، أمّا الذين لم يُراعوا فلم يكتسبوا شيئًا.

 

فينبغي أن لا نقول بأنّ جميع من كان وصل إلى محضر المرحوم القاضي قد نال الفلاح؛ كلّا، لقد عاد بعضهم إلى إيران، وذهبوا إلى هذه المدينة وتلك، وصاروا من أئمّة الجماعات ومن أهل السياسة، وكانوا يركضون خلف تحصيل الوكالة، وأن يُعيَّنوا نوّابًا في مجلس [الأمّة] في تلك الأزمان، وغيرها من الأمور، وكلّ ذلك بعنوان خدمة الإسلام. ولم يكن المرحوم القاضي راضيًا عنهم، وكانت أخبارهم وأفعالهم تصل إليه.

 

لقد ذهب أحد طلاب المرحوم القاضي إلى "آذربيجان"، وبعد سنةٍ جاء شخص من "آذربيجان" إلى محضر سماحته، فسأله عن ذلك الطالب، فقال له: الحمد لله، لقد سلك مسْلكًا وأصبح من الوجهاء والناس تحبّه.

 

والحاصل، لقد تأثّر المرحوم القاضي لذلك كثيرًا، وقال: هذه المعرفة والشهرة - أي: ذياع صيت الإنسان بين الناس واشتهاره - لهي آفّةٌ عظيمةٌ!

 

يعني: عندما يُعرف الإنسان بين الناس، فإنّهم يقصدونه، ولكلّ واحدٍ منهم مطلبٌ، ومطالبهم في الغالب لا تتعدّى أمور المعاش والخبز والماء واللّحم وما شابه ذلك.

 

ومن ناحيةٍ أخرى، هذا الشخص ليس كاملًا ولا واصلًا إلى سِدْرَة الـمُنتهى ولا متربّعًا عليها، وهو غارقٌ في جميع هذه الكثرات ومنشغلٌ بها، وبالتالي سيخسر روحه، وسيبقى إلى آخر عمْره بين طلب فلان، وطلب فلان، وهذا يُسلّم عليه وذاك يُطلق الصلوات، وهذا يُقبّل يده وذاك يُقبّل رجله.

 

أمّا الذي اجتنب الشهرة؛ فعلى الأقل يستطيع أن يستجمع نفسه وقواه، وأن يتأمّل في مكنوناتها، ومع رعاية الصمت سيصل في النهاية إلى مقامٍ ومنزلةٍ.

 

لقد قال لي الميرزا حسن النوري رحمة الله عليه: في يومٍ من الأيّام كنتُ في محضر آية الله البروجردي - رحمة الله عليه - فقال لي سماحته: "يا ميرزا حسن، طالما كنتُ في "بروجرد" كُنتُ لنفسي، وحينما جئتُ إلى "قم" لم أعد ملكًا لنفسي، بل صرتُ للناس".

 

هل التفتم؟ لقد قال كلامًا صحيحًا.

 

أقول: لن يعجب البعض هذا الكلام ولن يتفق معه لاعتقاده بعناوين مرتبطة بخدمة المجتمع وضرورة التصدّي وملء الفراغ وأمثال ذلك، وهو حقٌ في محلّه بشرطه وشروطه البالغة مبلغها من الدقة والصعوبة والخطورة، وما أوردناه رأيٌ ينبغي أن يُفهم بجميع حيثياته وتحترم خبرة أصحابه في هذا الشأن والمجال.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد