بعثة الأنبياء، تجلٍّ للمعنويات وتحرر الإنسان من العبودية
«إذا افترضنا استمرار بعثة الأنبياء إلى الأبد فلن تحيد سيرتهم عن ذلك. حيث الاهتمام بالجوانب المعنوية للإنسان بالقدر الذي يستوعبه الإنسان، والعمل على بسط العدل بين بني الإنسان وقطع دابر الظالمين. وعلينا نحن أن نعمل على تطبيق هذين النهجين».
ولكن من أين أبدأ؟ فالأفضل أن أبدأ بالفطرة (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) وأكتفي هنا بالفطرة الإنسانية وإن كان ما ذكر عنها من خواص الخليقة (وإن من شيءٍ إلا يُسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)، (فالجميع يقولون إننا نسمع ونبصر ونعي ولكننا نسكت عنكم لأنكم غير جديرين بمعرفة ذلك).
إننا ننظر الآن إلى العرفان الفطري عند البشر فنقول بأن الإنسان لا يمكنه أن يتجه نحو شيءٍ غير الكمال المطلق حسب فطرته وخلقه ولا يمكن أن يتعلق بغيره، إن جميع النفوس والأفئدة تهوي إليه ولا تريد غيره فالجميع يحمدونه ويثنون عليه والثناء على شيءٍ يعني الثناء عليه فالذي يثني يظن بأنه يثني على غيره. ما دام الحجاب يحيط بقلبه. وكذا الأمر في التحليل العقلي الذي هو حجاب آخر. إن من يطلب الكمال ـ كائنًا ما كان ـ فإن في قلبه حباً للكمال المطلق لا الناقص. فكل كمال ناقص محدود بعدمه وإن الفطرة تكره العدم. إن طالب العلم يريد العلم المطلق وهو يحب العلم المطلق، وكذا طالب القدرة وطالب أي كمال آخر.
إن الإنسان بفطرته يحب الكمال المطلق، فهو يبحث في الكمالات الناقصة عن الكمال الذي ليس ناقصاً. فالفطرة تكره ذلك والحجب النورانية والمظلمة هي التي توقع الإنسان في الخطأ، فالشعراء المادحون يظنون بأنهم يمدحون الأمير القوي الفلاني، أو الفقيه العالم الفلاني، إنهم يمدحون القدرة والعلم لا بشكلهما المحدود وإن ظنوا بأن ما يريدونه محدود. فلن تتغير هذه الفطرة (لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم).
وما دام الإنسان في حجابه مشغولًا بنفسه ولم يخرق الحجب النورانية فإنّ فطرته محجوبة، وإن الخروج من هذا المنزل يتطلب إضافةً إلى الترويض والمجاهدة، هداية الحق تعالى، فأنت تقرأ في المناجاة الشعبانية المباركة (إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعزّ قدسك، إلهي واجعلني ممن ناديته فأجابك ولاحظته فصعق لجلالك فناجيته سراً).
إن كمال الانقطاع هذا هو الخروج عن منزل النفس والأنا والجميع والالتحاق به، والانقطاع عن الجميع وهي هبة تمنح للأولياء المخلصين بعد أن صعقوا بملاحظة الجلال التي هي بمثابة غمزة منه في تعبير (لاحظته) ... الخ.
ما لم تشرق أبصار القلوب بضياء نظرته فلا تخرق حجب النور، وما دامت هذه الحجب باقية فلا يوجد طريق إلى معدن عظمته ولن تدرك الأرواح التعلق بعزّ قدسه فلا تحصل مرتبة التدلّي (ثم دنى فتدلّى) والأدنى من ذلك هو الفناء المطلق والوصول المطلق. (أيها الصوفي لا بد من التنعم بالحب والوفاء بالعهد الذي عاهدته، وما دمت (أنت) فإنك لن تبلغ وصل المحبوب فلا بد من التفاني في طريق المحبوب).
إن المناجاة السرية بين الحق وعبده الخاص لن تتم إلّا بعد الصعق واندكاك جبل الوجود....
"عندما ننظر إلى أصحاب المقامات الروحية والمعنوية، عندما ننظر إلى أدعيتهم نراهم أكثر عجزاً منّا لأنهم أدركوا حقيقة الأمر. فأنتم عندما تقرأون دعاء كميل، عندما تقرأون المناجاة الشعبانية والأدعية الأخرى الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) ترون أن لغة هؤلاء غير لغتنا العامة نحن الذين إذا ما علمنا مسألة فقهية تصورنا أننا أصبحنا شيئاً. ولو تسلمنا مقاليد الأمور في بلد تصورنا بأن ذلك أمر مهم. ولو حصلنا على مقام معنوي تصورنا أننا حققنا كل شيء.
ولكن عندما ينظر الإنسان إلى أقوال أولئك الذين وصلوا إلى هذه المقامات التي يعجز عن الوصول إليها الآخرون، يجدها لا تكف عن تصوير عجزهم من أولها إلى آخرها، ويجب أن تكون كذلك لأنهم لم يصلوا ولن يصلوا أبداً. ولكننا ملزمون بأن ندعو، أمرنا بأن ندعو وان نحمد وان نسبّح، أمرنا بالصلاة.
ضرورة اقتران الدعوة بالعمل
اقرأوا المناجاة الشعبانية فإنَّها من المناجاة التي لو تتبّعها الإنسان وفكّر فيها لأوصلته إلى ما يريد. إنَّ من أطلق هذه المناجاة وكان الأئمة كلهم ـ حسب الروايات ـ يقرأونها فهؤلاء أناس كانوا قد تحرّروا من كل شيءٍ ومع ذلك كانوا يناجون بهذا الشكل لأنَّهم لم يكونوا مغرورين ومهما كانوا فإنَّهم لم يكن أحدهم يرى نفسه أنَّه الإمام الصادق أو غيره من الأئمة (عليهم السلام).
كلا فالإمام الصادق(عليه السلام) يناجي الله كما يناجي الإنسان العادي الغارق في المعاصي لأنَّه يرى نفسه لا شيء وأنَّه كله نقص وأنَّ كل ما في الوجود فمن الله، وكل كمال من الله، وأنه هو لا شيء عنده وأيّ إنسان آخر لا شيء عنده، والأنبياء كذلك لم يكونوا يملكون شيئاً والكل هباء، الله هو وحده كل شيء والكل تابع له، وكل فطرة تابعة له، وبما أنَّنا محجوبون فلا نفهم أننا تابعون له.
أمَّا الذين يفهمون فإنَّهم يتحررون من كل شيء، ويتبعونه هو. وهذا هو كمال الانقطاع الذي طلبوه، وكمال الانقطاع يعني التنحّي عن كل ما في وجوده، ويفسّر بعضهم قول الله تعالى: «ظلوماً جهولًا» الوارد في الآية الشريفة: «إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ...» ثم يقول: «إنَّه كان ظلوماً جهولًا». فسّروه بأنه على وصف الله به الإنسان وقالوا: إنه قال «ظلوماً» لأنَّه كسر الأصنام وكل شيء، و«جهولًا» لأنَّه لم يلتفت إلى أيَّ شيء ولم يلتفت إليه شيء وغافل عن الجميع، ونحن لا نقدر أنْ نكون هكذا، ولا نقدر أنْ نكون مؤتمنين، لكننا يمكن أنْ نكون في هذا الطريق.
وأنتم أيّها السادة الذين تريدون أنْ تدعوا الناس إلى الآخرة وإلى صفات كذا وكذا، عليكم أن تخطوا الخطوة الأولى أنتم أنفسكم لتكون دعوتكم دعوة حق، وإلّا فدعوة الحق تكون دعوة شيطانية وبلسان الشيطان تدعون الإنسان. وهذا الذي يدرس التوحيد كذلك إن كان أنانيّاً فلسانه لسان شيطان ويدرّس التوحيد بلسان الشيطان. وأنتم أيّها السادة الذين تريدون الذهاب إلى أماكن أخرى لتربية الناس، تنبهوا كي لا تتلوثوا وأنتم تدعونهم.
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ محمد مصباح يزدي
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد صنقور
الشيخ حسين الخشن
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ جعفر السبحاني
السيد عباس نور الدين
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
ياسر آل غريب
القرآن يغير حياتك في شهر الله
السّنن القرآنيّة
رمضان شهر الله
رمضان شهر التأمل
الشعور بالضغينة قد يجعل المرء معرّضًا أكثر للاعتقاد بنظريات المؤامرة
التفقه في الدعاء (10)
شهر رمضان فرصة لا تعوّض، وغنيمة لا تفوّت
(مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ)
فوائد معرفة إدارة الغضب في العمل
التفقه في الدعاء (9)