مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ فوزي آل سيف
عن الكاتب :
من مواليد سنة «1379 هـ» في تاروت ـ القطيف، درس المرحلة الابتدائية في تاروت وهاجر للدراسة الدينية في الحوزة العلمية بالنجف ـ العراق سنة 1391 هـ. التحق في عام 1394 هـ، بمدرسة الرسول الأعظم ودرس فيها الأصول والفقه وتفسير القرآن والتاريخ الإسلامي والخطابة والأدب، في عام 1400 هـ هاجر إلى الجمهورية الإسلامية في إيران وشارك في إدارة حوزة القائم العلمية في طهران، ودرّس فيها الفقه والأصول والثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي، وأكمل دراسة المنهج الحوزوي في الفقه والأصول. انتقل لمتابعة دراساته العالية إلى قم في بداية عام 1412 هـ ودرس البحث الخارج، عاد في نهاية عام 1418 هـ إلى وطنه القطيف. صدر له عدد من المؤلفات منها: "من قضايا النهضة الحسينية أسئلة وحوارات، نساء حول أهل البيت، الحياة الشخصية عند أهل البيت، طلب العلم فريضة، رؤى في قضايا الاستبداد والحرية، صفحات من التاريخ السياسي للشيعة" وغير ذلك..

من ألقاب الإمام الحسن عليه السلام

من المواضيع التي تتطرق لها كتب السيرة، كنى وألقاب صاحب السيرة. والكنية: هي ما صُدّر بأب في الرجال أو أم في النساء، فيقال أبو القاسم مثلاً كنية النبي صلى الله عليه وآله، ويقال: أم الحسن مثلاً كنية فاطمة.

 

وهي عند العرب من أساليب التفخيم والتعظيم لمن يخاطب بها، بدلاً من النداء له باسمه المجرد، وقد وردت روايات تحث على ذلك وتحبّذه.

 

واللقب: لفظ يدل على مدح ذي اللقب أو ذمه لمعنىً فيه، والأكثر أنه يستعمل في المدح. كعلي المرتضى والحسن المجتبى والحسين الشهيد وهكذا..

 

وعندما ننظر إلى سيرة الأئمة المعصومين عليهم السلام نجد أنه عقد باب لذكر ألقابهم. وقد ينظر إلى ذلك نظرة عابرة – تارة - باعتبار أن اللقب إنما يدل على مدح الملقب. وأخرى ينظر إليه بما نعتقد أنه كذلك باعتبار أن اللقب يشير إلى أحد الأدوار التي قام بها الإمام أو الصفات التي اتسمت بها شخصيته. وفي هذه الحالة – الثانية – سنتمكن من خلال قراءة جديدة لألقاب المعصومين أن نتعرف على بعض أدوارهم. وكأن هذه الفكرة تريد القول إن اللقب هو أشبه بشفرة تشرح لك دورًا كاملًا أو تفتح لك بوابة على معرفة الإمام. وبدلًا من أن يشرح لك في كل الأوقات بالتفصيل، يكتفي بإعطاء كلمات ورموز وشفرات هي نفسها الألقاب وهذه مما يسهل حفظها ومن خلالها تشير إلى معارف واسعة من حياة المعصوم.

 

بهذا المعنى الثاني، نستطيع أن نفهم لماذا كان اهتمام بتحديد ألقاب الأئمة، وتخصيص بعضهم ببعضها مع اشتراكهم فيما نعتقد في صفات الكمال والجمال. حتى لقد رأى بعض المحققين أنها توقيفية من الله سبحانه. وبناء على هذا فإننا سنتابع عددًا من الألقاب التي عرف بها الإمام الحسن عليه السلام.

 

 الزكي:

 

الزكاة أصلها في اللغة الطهارة والنماء والبركة، ومنه أخذت الزكاة، فهي طهارة للأموال وزكاة الفطر طهارة للأبدان. ومنه التزكية للنفس، والزكي اسم لذلك.

 

والحسن الزكي يعني المبارك الذي لا تشوبه شائبة ولا تلحقه منقصة، والطاهر المنزّه عن الشين، وكأن هذا اللقب ناظر إلى أن الإمام عليه السلام سيتعرض إلى حزمة من الاتهامات الكاذبة تتناول حياته الشخصية والزوجية والسياسية، فيختصر هذا اللقب الرد الكامل عليهم في أنه هو (الزكي)!

 

فإذا قال أحدهم إنه الحسن كان عثماني الهوى! يرد عليه بل كان الزكي الخالص والطاهر. وإذا طبل بعضهم وزمّر بالقول بأنه كان مزواجًا مطلاقًا، قيل له إن ذلك غير صحيح بل هو الزكي! وإذا أراد بعضهم إلباس شخصيته ثوبًا مخرقًا من الصفات السيئة يقال له هذا ليس على مقاس الحسن، بل هو الزكي قولًا وعملًا، وإدارة وسياسة وهكذا.

 

وبالرغم من أن صفة الزكي تنطبق على المعصومين جميعًا فهم الأزكياء، ولكن لجهة ما ذكرناه من اختصاص الإمام الحسن عليه السلام لمقاومة جملة الاتهامات والطعون التي حركها الأمويون والعباسيون على حد سواء ضد شخصيته الكريمة.

 

كريم أهل البيت

 

والكرم خصلة محمودة وخلق حسن، ولا سيما إذا كان المنفق ينفق من ماله، فإن ذلك يشير إلى سمو نفس. بل حتى لو لم يكن من ماله وسعى للحصول عليه من أجل إعطاء من يحتاج إلى رفده وإعانته.

 

وقد عرف الإمام الحسن المجتبى عليه السلام بكريم أهل البيت، لما كان يغدقه على المحتاجين من المال، فهو يعطي كل من جاءه محتاجًا، ولا سيما إذا كان من شيعة أبيه المرتضى الذين تضرروا بالحرب الاقتصادية التي أعلنها الأمويون على شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام بدءًا من أيام معاوية، بالرغم من أن شدتها وقوتها كانت بعد شهادة الإمام الحسن عليه السلام، إلا أن بوادرها كانت من أول أيام معاوية بن أبي سفيان. وربما لهذه الجهة وتوقع الإمام الحسن عليه السلام لها، فقد اشترط على معاوية أن يكون للحسن خراج دار أبجرد لكي يقسمه الإمام فيمن يراه.

 

ابن رسول الله

 

هذه تدخل ضمن الكنى، من جهة تعريفها.. وبالنظر إلى ما حدث فيما بعد؛ أي في منتصف أيام الأمويين وبدايات أيام العباسيين، نفهم لماذا كان تأكيد رسول الله صلى الله عليه وآله وأئمة الهدى على أن الحسن والحسين ابنا رسول الله! وما الذي يقصد من ذلك.

 

السيد:

 

تكاد الأحاديث النبوية الواردة بين الفريقين تتفق على فكرة سيادة الإمام الحسن وسؤدده.. فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله عنه (وأخيه الحسين) أنهما سيدا شباب أهل الجنة. وفي بعضها الحديث عن أن الحسن سيد شباب أهل الجنة. وبالطبع هذا لا يخالف ذاك لأن الحديثين مثبتان وليسا متنافيين.

 

فالحسن المجتبى بهذه الأحاديث؛ هو سيد المؤمنين وأهل الجنة، وهو وارث سؤدد النبي وسيادته على قومه، وهو المنصب من قبل جده النبي سيّدًا، وحين يكون كذلك فلا معنى لأن يكون تابعًا لغيره، كالذين اعترضوا – بادئ الرأي – على مصالحته، أو مهادنته معاوية. فضلًا عن مخاطبته من قبل بعض بما لا يناسب سؤدده وسيادته.

 

وقد وجدنا عوامل السؤدد من الصَّبر والحِلْم والتكَرُّم والبذل والعَطاء والتفقُّد بارزة وواضحة في سيرة الإمام الحسن الزكي عليه السلام. حتى لقد اعترف بصفاته تلك ألدُّ مناوئيه كمروان بن الحكم، من صبره في مواجهته أعداءه وفي تربيته حلفاءه وأصحابه، ومن حلمه واعتصامه بالعقل في ردوده وابتعاده عن الانفعال والغضب والعطاء....

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد