صدى القوافي

يا حادي الحزن


مالك فتيل ..

بالشوقِ مشغولةٌ –ولهى- وبالأملِ
بيضُ النوايا، وكُلّي فيك في شُغُلِ
ألملمُ الدمعَ مُذْ عامٍ أُزمزمهُ
كيما يسيلُ كفيض العارضِ الهَطِلِ
أمرّنُ الصدر كي يقوى بحشرجةٍ
تصعّدُ النّفسَ الْمكْتظَ بالْوَجَلِ
فتعتلي شهقةٌ للحلق تحصرُهُ
حصْرَ المعزّزِ  بين العوز والخجل
لتنزع اليَبسَ المغروسَ في شفتي
وتُنبِتُ النورَ رَيحاناً بمختضِلِ
فأستعيدُ مع الأيام تذكرةً
للحق، للمجد، للعلياء والقِلَلِ
ذكرى تُعيدُ إلى الإنسان موضِعَهُ
فوقَ الطُغاة وفوق القيدِ والدُّولِ
ذكرى تُقرُّ بأن الله خولنا
هذي البسيطةَ لا للعيش كالخَوَلِ
نحن النداءُ، وأحكامُ السماءِ لنا
قُرآنُها، نحن قصدُ الشّرع والنِّحَلِ
نحن الصراطُ، إذا ما اللهُ أوقفنا
على السؤال، ونحن مُنتهى السُؤُلِ
يا حاديَ الْـحزن ما في الْـحزن من ضِعةٍ
وليس من وصمةٍ تـخْزي ولا خَطَلِ
هذيْ الدّموعُ رسالاتٌ مجنّحةٌ
مبعوثةٌ من نبيلِ القلب والمُقَلِ
تمنّعتْ في ذُرى أبراجِ مهْجعِها
أن تستفيضَ سوى  في غير مبتَذَلِ
تمازجتْ وخليطٍ من معادِنِن
معنىً يذوبُ بماء الكِبرِ والجَذل
أنخْ رحالك هذا الصدرُ بئرُ أسىً
تنبّعتْ فيه صحراءٌ من العِلَلِ
جوفي احتواه جفافٌ لا جوابَ بهِ
دلْوي اعْترتْهُ ثقوبُ النّقصِ والنَّفَلِ
وأنتَ عشرٌ من الأيام لسن سوى
سُلافةِ الراحِ في كأسٍ بِلا بَلَلِ
وذي يديْ تنبُشُ الْأكْوابَ منْ ظمئٍ
ترنحتْ بين وهمِ الصحوِ والثَمَلِ
تساءلتْ لِمَ؟ في أيّ الزّمان أنا؟!
دوُ التحققِ لحنٌ غيرُ مُحتَمَلِ
جاستْ خيالاتُهم بين الّسطوْرِ كما
عنْ غفْلةٍ قدْ يُدَافُ السُّمُّ في العسلِ
وعاجلوا الْأمْر لغواً و اسْتطالوا بهِ
نبْشَ الْأقاويلِ في وحلٍ من الْـجَدَلِ
إنّي وجدْتُ حُسيْناً غيْرَ قوْلِهِمُ
إذْ عفّ عنْ كلِّ مكْذوْبٍ ومفْتَعَلِ
ماذا يخيفُكَ إن قلنا: معادِنُهُ
من منجمِ النورِ والجوزاء والرُسُلِ
من طينة الناس لكن من أرومتِها
تجاوزَ التُربَ حتى بات كالشُعَلِ
يختارُ للنفس ما يروي عذوبَتَها
أنقوعةً من صفي الغمر لا الوشل
يمْشيْ على الْأرْض لا كالنّاس مشْيتُهُ
تأوّدتْهُ دروْبُ السّقْطِ والزّللِ
بالدُّونِ ما وسوستْ، تلْك النّفوْسُ لها
طبعٌ تخلّلَ في  الأمصال والعَضَلِ
نال الذي نال عن عينٍ و عن عَمَدٍ
مُستلهماً كلَّ ما يسمو من السُبُلِ
هذي المعالي خِياراتٌ معقدةٌ
تورطٌ في كريمِ الفعلِ والمُثُلِ
يا زائر الخطِّ هل تدري بما فَعَلَتْ
بنا اللياليْ وما تأتيه من جَلَلِ
تقاذفتنا شحومٌ لا ذيولَ بها
وناطحتنا قرونُ الطيشِ والخَبَلِ
واستصغرتنا نفوسٌ جُلُّ مكسبِها
أن تستعيض عن التحنان بالغِللِ
قوْمٌ إذا الدّهْر صِدْقاً جاء يُنْصفُنا
كانوا السّرابَ وكنّا الوَدْقَ في الغَلَلِ
أيْن الصّحاريْ إلى ربيْع خُضْرتِن
أين الغبارُ وأينَ التُربُ من زُحَلِ
نحْن الْقطيْفُ أرادَ الله أنّ لنا
سبْقَ الْـحضارة، سلْ رسْميْ و سلْ طلليْ
نحن الكرامة، نزفٌ للإباء بنا،
للغيرِ ما ذَلَّ منْ فعْلٍ ومنْ حِيَلِ
يا سائس الدمع، إنّ الدارَ موحشةٌ
و الموتُ يقبعُ بين الغدرِ والخَتَل
والْلّيْلُ أقْسى، وأقْسى في شراستهِ
ظلماً على كل ممسوسٍ بحبّ "علي

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد