صدى القوافي

رسولُ الإباء


عبد الحسين الأزري

عِـشْ في زَمانِكَ ما اسْتَطَعْتَ نَبيلا
وَاتْـرُكْ حَـدِيثَكَ لـلرُّواةِ جَـميلا
لا غَـرْوَ إِنْ طَـوَتِ الـمَنِيَّةُ ماجِداً
كـَثُرَتْ مَـحاسِنُهُ وَعـاشَ قَـليلا
مـا كـانَ لـلأَحْرارِ إلّا قُـدْوَةً
بـَطَلٌ تَوَسَّدَ في الطُّفوفِ قَتيلا
بَـعَثَتْهُ أَسْـفارُ الـحَقائِقِ آيَـةً
لا تَـقْبَلُ الـتَّفْسيرَ وَالـتَّأْويلا
لا زالَ يَـقْرَأُها الزَّمانُ مُعَظِّماً
مِـنْ شَـأْنِها وَيَزيدُها تَرْتيلا
يَدْوي صَداها في المَسامِعِ زاجِراً
مَنْ عَلَّ ضَيْماً وَاسْتَكانَ خُمولا
أَفْـديكَ مُعْتَصِماً بِسَيْفِكَ لَمْ تَجِدْ
إلّاهُ فـي حِـفْظِ الـذِّمارِ كَفيلا
خَشِيَتْ أُمَّيَةُ أَنْ تُزَعْزِعَ عَرْشَها
وَالـعَرْشُ لَوْلاكَ اسْتَقامَ طَوِيلا
بَـثُّوا دِعايَتَهُمْ لِحَرْبِكَ وَافْتَرَى
المُسْتَأْجَرونَ بِما ادَّعَوْا تَضْليلا
مِنْ أَيْنَ تَأْمَنُ مِنْكَ أَرْؤُسُ مَعْشَرٍ
حَـسِبَتْكَ سَـيْفاً فَوقَها مَسْلولا
قَطَعُوا الطَّريقَ لِذا عَلَيْكَ وَأَلَّبُوا
مِـنْ كُـلِّ فَـجٍّ عُصْبَةً وَقَبيلا
وَهُـناكَ آلَ الأَمْـرُ إِمّـا سِلَّةً
أَوْ ذِلَّــةً فَـأَبَيْتَ إِلّا الأُولـى
وَمَـشَيْتَ مِشْيَةَ مُطْمَئِنٍّ حِينَما
أَزْمَعْتَ عَنْ هَذِي الحَياةِ رَحيلا
تَـسْتَقْبِلُ البيضَ الصِّفاحَ كَأَنَّها
وَفْـدٌ يُـؤَمِّلُ مِـنْ نَداكَ منيلا
فـَكَأَنَّ مَـوْقِفَكَ الأَبِـيَّ رِسالَةٌ
وَبِـها كَـأَنَّكَ قَدْ بُعِثْتَ رَسولا
نَهَجَ الأُباةُ عَلى هُداكَ وَلَمْ تَزَلْ
لَـهُمْ مِـثالاً فـي الحَياةِ نَبيلا
وَتَـعَشَّقَ الأَحْـرارُ سُنَّتَكَ الّتي
لَـمْ تُبْقِ عُذْراً للشَّجا مَقْبولا
قَـتَلوكَ لـلدُّنْيا وَلَـكِن لَـمْ تَدُمْ
لِـبَني أُمَـيَّةَ بَـعْدَ قَـتْلِكَ جيلا
وَلَـرُبَّ نَـصْرٍ عادَ شَرَّ هَزيمَةٍ
تـَرَكَتْ بُـيوتَ الظَالِمينَ طُلولا
حَمَلَتْ (بِصِفّينَ) الكِتابَ رِماحُهُمْ
لِـيَكونَ رَأْسُـكَ بَـعْدَهُ مَحْمُولا
يَـدْعونَ بِـاسْمِ (مُحَمَّدٍ) وَبِكَرْبَلا
دَمُـهُ غَـدا بِـسُيوفِهِمْ مَـطْلولا
لَـوْ لَـمْ تَـبِتْ لِنِصالِهِمْ نَهْباً لَما
اجْـتَرَأَ (الـوَليدُ) فَمَزَّقَ التَّنْزيلا
تَمْضي الدُّهورُ وَلا تَرى إلّاكَ في
الـدُّنْيا شَـهيدَ المَكْرُماتِ جَليلا
وَكَـفاكَ تَـعْظيماً لِشَأْوِكَ مَوْقِفٌ
أَمْـسى عَـلَيْكَ مَدى الحَياةِ دَليلا
مـا أَبْـخَسَ الدُّنْيا إِذا لَمْ تَسْتَطِعْ
أَنْ تـوجِدَ الـدُّنْيا إِلَـيْكَ مَثيلا

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد