صدى القوافي

(ليلةُ الرُّوحِ المُفَدَّى)

حسين اللويم

مُهَفهَفةٌ تَخايَلُ بالجمالِ
تَضُجُّ بحُسنِها بين اللَّيالي

تَفاخَرُ أنَّ موعِدَها مُدِلٌّ
على الآياتِ من سِوَرِ المعالي

تسامقَ نجمُها حيثُ استفاقَت
عيونُ الماءِ تنضحُ بالزُّلالِ

وفيها قد تسربلَتِ الحنايا
بأسطحِ عاكسٍ عكَسَ اللَّآلي

تُزَفُّ بنصفِ شعبانٍ لبدرٍ
أضاءَ لها لتهنأ بالدَّلالِ

*******

تُطِلُّ من الجنانِ على قلوبٍ
تشبَّثَ نبضُها بدمٍ موالي

تُبَشِّرها بمقدَمِ مُبتغاها
سليلِ الطُّهرِ موصوفِ الكمالِ

مُفَرِّقُ شَملِ من سَكَنَت إليهِ
مجاميعُ الخديعةِ والضَّلالِ

مُسَطِّرُ للخلاصِ كتابَ جُندٍ
سيُقرأُ بالسِّنانِ وبالعوالي

مُقسِّمُ عَدلِهِ بين البرايا
مُكفكِفُ دمعِها بيدِ النَّوالِ

عليهِ الكونُ منذُ الخلقِ صَلَّى
وردَّدَ إسمَهُ ذاتَ ابتهالِ

*******

وليدٌ طوَّقَ الدُّنيا سناهُ
بطوقٍ باتَ يرفُلُ بالجلالِ

أعدَّ لهُ الإلهُ مِهادَ رُشدٍ
وقمَّطهُ بمجدٍ جدِّ عالي

تُحَصِّنُهُ الملائِكُ من عيونٍ
تَطايَرُ بالشَّرارِ وبالوَبالِ

أتى فَغَدا بمولدهِ جواباً
بهِ كُشِفَت دهاليزُ السُّؤالِ

فعمَّ شوارعَ الأبدانِ أنسٌ
وجابَ منازلَ الإحساسِ حالي

ليَغرِفَ من عطاياهُ سروراً
توسَّدَ حِملُهُ مُهَجَ السِّلالِ

*******

تُحَدِّثُهُ الشَّدائِدُ عن شؤونٍ
تُشاغِلها فيُفصِحُ عن مآلِ

يُسائِلهُ انسِدادُ الأفقِ عوناً
فيشرَعُ لانفراجٍ وانسِلالِ

فكيفَ وقد تبدَّلت النَّوايا
وطاوَلَ شَرُّها قِمَمَ الجبالِ

رأينا كفَّه هدرَت فقرَّت
على فتنٍ تَدافَعُ بالنِّصالِ

لينكَفِئَ المُعَدُّ لبَترِ جِذعٍ
تحمَّلَ رفعَ أغصانِ الظِّلالِ

*******

ألا يا سيِّدي يا مِلءَ روحي
أيا من قد تعلَّقَ فيهِ بالي

رجوتُ الله حِفظَكَ كلَّ يومٍ
ليحفظَ أمَّةَ الدِّينِ المِثالي

لئلا تقتفي دربَ المنايا
فتخضعَ كالمُلَفَّعِ بانحِلالِ

كمَن قد باتَ يُعلِنها جِهاراً
بأنَّ غرامهُ قطعُ الحبالِ

وأنَّ فؤادهُ لا شَكَّ يهوى
عبادةَ نفسهِ في كُلِّ حالِ

أكبَّتهُ الخطوبُ ودبَّ فيهِ
سُباتٌ راحَ يهزأُ بالنِّضالِ

أشاعَ سُدًى بأنَّكَ محضُ وهمٍ
وروَّجَ لانغماسٍ في الرِّمالِ

فشُلَّ على أدِلَّةِ مُستنيرٍ
وسيقَ بجهلهِ نحو الزَّوالِ

ليعلمَ من يرومُ العِلمَ حقًّاً
بأنَّ الجهلَ مقبرةُ الرِّجالِ

وأنَّكَ سيِّدي الروحُ المُفدَّى
وأنَّكَ سيِّدي ذُخري ومالي

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد