نسرين نجم
للشعر مكانة خاصة في عالم الجمال، فالشاعر المبدع هو الذي ينتج الجمال في كلماته وقصائده، وبهذا يكون قد اكتسب حالة فنية وإنسانية مبتعدًا عن كل مشاكل العالم وتحقق له وللقارئ أو للمستمع توازن كبير بين سعة الحياة بما فيها من مفردات وتجارب وقدرات وبين ما هو موجود في الطبيعة من جمال في ذاتها .
والشعر في أغلب الأحيان يترجم حالة نفسية واقعة وكلما كان مساسها شديدًا كان الشعر أجمل وأصدق، لذا فإن الحديث عن عالم الشعر لا ينتهي لما يتضمنه من أسرار وجماليات.. وحول شؤون وشجون الشعر كان لنا هذا الحوار مع الشاعرة والكاتبة أمل الفرج:
* "الشعر هو صيرورة الحياة":
البعض ينظر للشعر على أنه هواية يتصيد بها كلمات من هنا ومن هناك، والبعض يعتبر الشعر جزءًا منه فيكتب كل منهما الآخر بأجمل الأبيات الصادقة وهذا ما كان مع الشاعرة أمل الفرج التي تعتبر: "أنّ الخلق الأوّل للذات الشّاعرة هي حياة جديدة مجتزأةٌ من حياة حقيقية .. فالشعر هو صيرورة الحياة.. وكأيِّ محاولة أولى تبدو البدايات خجولة .. !
كنتُ أعتاش الكلمات منذ الصغر .. كنتُ أجدني بين القصاصات المتناثرة لأخي الشاعر حتى تكوّنت عندي سمائي الخاصة .. تلك السماء التي أتذوقها .. فتنعشُ روحي .. ولكنها فقط بيني ..! إلى أن استطعت بتشجيعٍ ما أن أتلمّس خيوط الثقة الحقيقية بالنفس لأبرز في مجتمعي اسمًا له بصمته . أما لماذا الشعر بالذات ..؟ لأن الشعر ببساطة هو غربلة الحياة وهو وحده من يستطيع - يجماليّته وحيويته - أن ينتشلنا من مرارات تلك الحياة ..".
للشعراء ميزة بأنهم ينجذبون إلى نوع معين من الشعر يشبههم ويختارونه ليتناسب مع طاقتهم الشعرية وكفاءتهم فمنهم من يُحسن الاختيار ومنهم من يحاول وكأنه يبحث عن إبرة في كومة قش فيختار نوعًا فضفاضًا عليه فيفقد جماليته إلا أن الأستاذة أمل الفرج نجحت في اختيارها ل:"الشعر الفصيح بشقيه العموديّ والتفعيلة فكلُّ ما كتبته - وأخال كلّ ما سأكتبهُ مستقبلًا - يُسندُ ظهرهُ لتلك البحور الشهيّة .. قد أجدّد في بنية النصّ وقد أزاوج الحرّ بالعمود .. ولكن لا أخرجهُ عن تلكم التفاعيل الخليليّة العشر .
لي محاولات جيّدة أيضًا مع الشعر الشعبيّ .. الذي له لذته في روحي .. ولكني لا أستطيع إلا أن أعود للفصيح .."
من يقرأ قصائد الشاعرة أمل الفرج يلاحظ بأنها موشحة بالحزن فهل هذا يشير إلى أن الحزن يولد من رحم المعاناة؟ تجيب : "الحزن / الحب / الأم/ الإبداع / العطاء وغيرها... كلّها تولد من رحم المعاناة .. وهذا الحزن الكونيّ إنما هو ثيمة شعرية متدفقة اللغة والخيال .. وهو أصدق البوح ..!
وملامسة طاقاته اللامحدودة في التعبير الكتابيّ لهي مفتاح للولوج إلى التحليق .. وإن كنتُ لا أرى أن بصمة حرفي تحترف الحزن كثيرًا إلا أن الشاعر بتركيبته الخلّاقة قادر على صنع النجوم وصناعة الفرح وخلق الحب المليء بالتطهير من ذاك الحزن .."
وعن الكتابة الشعرية عن آل البيت (ع) ودورها في تعزيز الثقافة الإسلامية عند المستمعين ترى الشاعرة الفرج بأن: "الشعر الولائيّ هو القيمة الوحيدة التي تفتح آفاقًا مضاعفة للسموّ والسكون الروحيّ والتدفّق الخيالي .. ناهيك عن أن هنالك رصيدًا ثرًا من النتاج الشعريّ الخاصّ الذي يرفد المنجز الأدبيّ بمصدرٍ غنيٍّ جدًا من مصادر وموارد الثقافة والمعرفة المضمّختان بعبير العقيدة الصحيحة .. فالقارئ والمتأمل لهذا الكم الهائل من النتاج الشعري منذ عهد النبوّة إلى يومنا هذا سيرى شعرًا ناصعًا أبيض متقاطرًا بصدق الحب ومتناثرًا بأريحِ الهدى .. وجذوة هذا النوع من الشعر لا تخبو ولن تخبو على مدى الدهر ..!
ومع الانفتاح في هذا الزمن نجد رعيلًا من الشعراء ممن أسسوا لهم طريقًا نيّرًا في هذا المجال وأثروا الذائقة بنماذج شعريّة آخذة في الروعة والتميّز".
* " فك شيفرة النبض لا يكون إلا باللغة وانثيالاتها الشعريّة ":
عندما يبدع الشاعر في قصيدته فإنه يعكس مدى ملامسة الكلمة لعاطفته ولمشاعره ولشخصيته فتنجح بالوصول إلى قلوب المستمعين والقراء بسرعة، وهنا يكمن الإبداع الذي يتطلب حسًّا فريدًا بالجمال ورنينًا عاطفيًّا وصدقًا تعبيريًّا، وهذا ما سألناه للشاعرة أمل الفرج عن مدى انعكاس شخصيتها على ما تكتبه في مجالات الحب والإنسان فقالت: "الشعر هو الوطن .. والشعر هو الوجع الأبديّ .. الذي سنلجأ إليه بل نلجأ إليه إن ضاقت بنا الأرواح والمسافات .. ولأن الشاعر هو ابن بيئته وابن روحه فهو يترجم إحساسه بصدق .. حتى لكأنّه يهرب من الشعر إليه .. ليكوّن ذاته ..!
ففك شيفرة النبض لا يكون إلا باللغة وانثيالاتها الشعريّة .. ولا يكون الشاعرُ صادقًا ما لم يُسقط هويّته ورؤاه وأحلامه بل وواقعه على الشعر فيتعاطاه كحياة ويكتبه كنفَس ..!"
وعن المعايير التي تعتمدها الشاعرة أمل الفرج في اختيار مضامين قصائدها ليكون لها هذا الأثر الجمالي الخاص تقول: "شتّى هي المعايير التي أرتكز عليها في الكتابة .. ولكن أبرزها :
- الدهشة،
- رهافة الحسّ،
- البُعد عن السطحية والمبَاشرة والنظم الجافّ،
- جاذبيّة العنوان والاهتمام بالمحتوى."
أما بالنسبة لرأيها وموقفها من واقع المرأة الشاعرة في عالمنا العربي وما الذي تحتاجه لتنطلق إلى العالمية؟ ترى الشاعرة أمل الفرج بأنه: "بلا شكّ أن الشعر النسويّ كان مغامرة في مجتمع رتيب ومحافظ كمجتمعنا .. إلا أن الحضور الشعريّ النسائي استطاع أن يُثبت نفسه بجدارة .. فنجد الشاعرة مؤخرًا تشارك مشاركات واعية بعيدة عن الضبابية في التواصل .. مما فجّر لدينا كثافة إبداعية يُشار إليها بالرضا والابتسامة بالرغم من أنَّ هذه الحالة ليست عامة لكنها لمحة واضحة..
نعم ، وبشكلٍ عام استطاعت الشّاعرة أن تتشاغل بكلّ قيم الإبداع الشعريّ لديها لتصنع وعيًا عند الآخر .. فالمرأة لها ما للرجل من تكوين الهويّة الشعريّة العربيّة ولها ما له من العمق الذاتيّ والنضج الإبداعيّ . فلا تزال التجارب النسويّة الأدبيّة آخذة في السطوع .. وتليق بها العالمية ..".
العنصر الثقافي والاطلاع المعرفي والمخزون الشعري والتعبيري من الأمور الأساسية التي يجب أن تتوفر لدى الشاعر والكاتب، وعن أهمية توفر العنصر الثقافي عند الشاعر أو الكاتب تقول: "بما أن الشعر ليس ترفًا بل هو تكوين للذات . فيحتاج هذا التكوين إلى سعة أفق واطلاع ليعيد الشاعر صياغة تجربته للحياة بشكلٍ أجلى.. فكلّما توسّعت ثقافته اتسعت نظرته للأشياء .. فالانفتاح على التراث المعرفيّ والإنساني بات ضرورة ملحة لاستجلاب عمق الصورة أو الرمز وتوظيف العمق الملحمي المجازي أو تطعيم النصّ بالأسطورة .. فكلّ ثقافة هي قيمة داعمة جدًا للشاعر ولإبداعه."
أمل الفرج هي شاعرة وكاتبة أيضًا فرصيدها من النصوص والقصائد وكما تقول يبلغ: "خمسة وعشرين عامًا من الفتنة واجتراح البوح والنزوع إلى الضوء .. وعدد من الدواوين المعدّة للطبع وعمر الأمل ! ".... هذا المزج بين الشعر والكتابة دفعنا لسؤالها ما إذا كان هناك تلاق بينهما في قلمها وأين تجد نفسها أكثر؟ فتقول: "الكاتبة والشاعرة الحقّ هي التي لا تكتبُ شيئًا طارئًا .. وفقيرًا بالخيال والصّدق .. بل هي التي تفكُّ لغز معجزة الحبّ التي أودعها الله تعالى فينا وتجربة الجمال بالكثير من التأمّل وسبر أغوار الروح .. بلغة رشيقة كالفراشة ومتجددة كالزهرة .. فالكتابة والشعر متلازمان في الشاعر فكلّ شاعر هو كاتب .. وأجدني في الشعر".
لمن تكتب أمل الفرج؟ تجيب: " أكتب لي ولك وللكون وللإنسانية .. ولكلّ مفتقر للحبّ والجمال لأن مهمّة الشاعر الحقيقيّة خلق الجمال في محيطه".
وعن طموحها وأبرز التحديات التي تواجهها تقول: "بعد غياب شبه ملحوظ .. عن النشر والمتابعة والقراءة .. التحدي الراهن والصّعب هو الرجوع للذات .. والانصهار في الأنا .. أرجع إلى أناي لأرسمها بكلّ آفاقها المجنونة وإلى ذاتي لأثثها بالأمل .. وأعود بقوّة للتفاعل مع المتلقي".
أما ماذا أخذ الشعر منها وماذا أعطاها؟ تجيب بكل وضوح: "أخذ مني أنا وأعطاني عوالمه .. جعلني أسافر فيه لأصل إلى أبعد نقطة ضوء .. وأعطاني الامتداد والاتساع داخل المعنى .. والولوج إلى فضاءات ما كنتُ لأصل لها لولاه ..!".
أما عن مشاريعها الحالية والمستقبلية تقول الشاعرة أمل الفرج: "أشرعُ حاليًا في تأسيس منتدى أدبيّ .. سيتمّ تدشينه قريبًا جدًا .. وآمل أن أطبع قريبًا أحد الدواوين المركونة في مكانٍ ما".
السيد عادل العلوي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
عدنان الحاجي
الأستاذ عبد الوهاب حسين
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
قارون والرأسمالية المستبدة
العسيّف يوقّع روايته الجديدة (مذكّرات أمل) في سيهات
السيد كامل الحسن: غياب الهدفية في حياة الإنسان
العلم الإلهامي برؤية جديدة
الشيخ عبد الجليل البن سعد: المجتمع الرّشيد
هل خلق آدم للجنّة أم للأرض؟
معنى (الدعاء الملحون)
اختلاف آراء الفلاسفة المادّيّين في حقيقة المادّة
كتاب الدّين والضّمير، تهافت وردّ
عوامل احتمال الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة الحادّة