سياحة ثقافية

عين الأحساء الحارة

 

الأحساء أرض مياه اكتسبت اسمها من مضمون طبيعتها الجغرافية، التي عرفت بوفرة المياه وعذوبتها. توجد فيها أكثر من 32 عينًا طبيعية، كانت تمد الواحة الزراعية بالمياه، عبر مجموعة من الأنهار التي تشكل في مجموعها، شبكة الري التقليدي في الأحساء.
 ورد في كتاب واحة الأحساء لمؤلفه فيدريكو شمد فيدال، أن عدد  الينابيع في الأحساء يقدر ما بين ستين وسبعين نبعًا، بينها أربعة ينابيع كبيرة جدًّا، تتدفق منفردة أحيانًا وأحيانًا في مجموعات، وهي تشبه في تدفقها التدفق الارتوازي. ويقدر إجمالي الماء المتدفق أكثر من 150 ألف جالون في الدقيقة، ويختلف عمق الينابيع بشكل ملحوظ، إذ يتراوح بين 500 إلى 600 قدم، ولا يبعد عمق بعض البنابيع الكبيرة عن سطح الأرض إلا قليلًا.
ينابيع مياه الأحساء دافئة، وتتراوح درجة حرارتها ما بين 29 إلى 32 دجة سيلسيوس، وهناك عدد منها ينابيع ساخنة، تبلغ درجة حرارتها أكثر من 32 درجة سيلسيوس، وتعد عين نجم واحدة من تلك الينابيع الساخنة التي تمتاز بكون مياهها كبريتيه.


العين الحارة
هي إحدى عيون الأحساء، التي تعتبر معلمًا ورمزًا سياحيًّا، وتحمل قيمة تاريخية في الواحة الأحسائية. وإن أردت الوصول إليها، فعليك أن تذهب إلى منطقة المبرز بجانب المقبرة. والعين عبارة عن بركة كبيرة يحيطها سور، وتنزل إليها عبر درج حجري، وتتدفق المياه السّاخنة عبر مضخّات كبيرة إلى البحيرة، وعندها تذكر عظمة الخالق في هذا المنظر الخلاب، والمياه تنساب من الجهات الثلاث إلى البحيرة، وتتذكّر قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).
ومع دخول فصل الصيف، تدفع درجة الحرارة أعدادًا كبيرة من الشباب إلى ارتياد عيون الماء المنتشرة في الأحساء، ومنها عين الحارة، التي تشهد إقبالًا كبيرًا من قبل الناس، فتجد الصغار والكبار يتوافدون إليها في ساعة الليل والنهار من أجل المتعة، وكذلك من أجل المنافسة في إقامة بعض الألعاب بين فترة وأخرى.. ولا عجب أن تسمى بذلك، لسخونة الماء الذي يخرج منها. ويذكر أهل الخبرة أن ماءها يقدر بعشرين ألف جالون في الدقيقة، ويصل ماؤها إلى سطح الأرض عبر 3 فوهات مكونًا بحيرة كبيرة. 


العين في عيون أهاليها
يرتبط الكثير من أهالي الأحساء بذكريات مع عين الحارة. يذكر أحد الأهالي أن هذه العين من أقدم عيون البلاد على الإطلاق، لكن مرتاديها الذين كانوا يستمتعون بالسباحة فيها ابتعدوا... ويقول أحدهم: "تم استغلال تلك العيون تجاريًّا، حيث قام بعض المواطنين بعمل غرف سباحة تنبع بداخلها العين، يتم تأجيرها للمرتادين". 


يقول الحاج صالح بن وهب بن علي: إن لعين الحارَّة رونقًا وذكريات جميلة وطيبة منذ الزمن الأول، كنا نقوم بالذهاب مشيًا على الأقدام ولمسافات بعيدة، من أجل القيام بالسباحة والاستحمام والتمتع بمناظر تلك المياه الدافئة الساخنة وتلك البساتين المحيطة بالعين، والجميع يسرح ويمرح هنا وهناك للاستمتاع بتلك المناظر، فتجد مياه العين في فصل الصيف باردة، فالجميع يتسابق للحضور والاستحمام من أجل إطفاء حرارة الشمس الحارقة، وفي فصل الشتاء تجد الماء الدافئ الساخن".


السّياحة العلاجيّة
ويؤكدَّ بعضهم أنَّ عين الحارَّة هي واحدة من العيون المشهورة والمعروفة بالأحساء، خاصةً في الزمن الماضي قبل أن يقل ماؤها، حيثُ كان البعض يتخذها مشفى وعلاجًا له، خاصة كبار السِن الذين يُعانون من آلام في المفاصل والروماتيزم،ل كون مياه العين من المياه المعدنية الكبريتية التي تساعد على تقوية العضلات والمفاصل، وتساعد على النشاط والحيوية، نظرًا لعذوبة المياه ودفئها وصفائها.
إن عادة أهالي الأحساء التى توارثوها عن آبائهم وأجدادهم؛ هي التمتع بمياه العيون التي كانت منتشرة. وما زالت لعيون المياه خصوصيتها عند الأحسائيين، فتلك العيون شكلت جزءًا من الحياة اليومية لهم آنذاك، وحتى اليوم، إذ يصر البعض على الذهاب إلى تلك العيون، يقفون عليها يستذكرون ما كان فيها حين كان تفيض بمائها قبل أن تجف، باعتبارها الذّاكرة الحيّة الباقية في وجدان الأحسائيين.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد