سياحة ثقافية

المنازل التي نزل بها الحسين من مكة حتى كربلاء (1)


1 ـ التنعيم1: سار الحسين بن علي عليهما السلام ومر بالتنعيم ومانعه عبدالله بن عمر وكان على عين له ومال له فلم يمتنع.
2 ـ الصفاح 2: ومر بالصفاح، روى الطبري بإسناده عن عبدالله بن سليم والمذري قالا: أقبلنا حتى انتهينا إلى الصفاح، فلقينا الفرزدق بن غالب الشاعر، فواقف حسيناً فقال له: أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب، فقال له الحسين: بين لنا نبأ الناس خلفك، فقال له الفرزدق: من الخبير سألت، قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء، فقال له الحسين: صدقت، لله الأمر والله يفعل ما يشاء، وكل يوم ربنا في شأن، إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء، فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوى سريرته. ثم حرك الحسين راحلته فقال: السلام عليك، ثم افترقا .
3 ـ ذات عرق3 : ثم سار من الصفاح ومر بوادي العقيق حتى نزل ذات عرق.
روى الطبري بإسناده عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: لما خرجنا من مكة كتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إلى الحسين بن علي مع ابنيه عون ومحمّد:
أما بعد، فاني أسألك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي، فإني مشفق عليك من الوجه الذي توجه له أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك، إن هلكت اليوم طفىء نور الأرض، فإنك علم المهتدين، ورجاء المؤمنين، فلا تعجل بالسير فإني في أثر الكتاب، والسلام.
قال: وقام عبد الله بن جعفر إلى عمرو بن سعيد بن العاص فكلمه، وقال: اكتب إلى الحسين كتاباً تجعل له فيه الأمان، وتمنيه فيه البر والصلة، وتوثق له في كتابك، وتسأله الرجوع لعله يطمئن إلى ذلك فيرجع، فقال عمرو بن سعيد: اكتب ما شئت وائتني به حتى أختمه، فكتب عبد الله بن جعفر الكتاب، ثم أتى به عمرو ابن سعيد فقال له: اختمه، وابعث به مع أخيك يحيى بن سعيد فإنه أحرى أن تطمئن نفسه إليه، ويعلم أنه الجد منك، ففعل، وكان عمرو بن سعيد عامل يزيد بن معاوية على مكة، قال: فلحقه يحيى وعبد الله بن جعفر، ثم انصرفا بعد أن أقرأه يحيى الكتاب، فقالا: أقرأناه الكتاب وجهدنا به، وكان مما اعتذر به إلينا أن قال: إني رأيت رؤيا فيها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأمرت فيها بأمر أنا ماض له، علي كان أو لي، فقالا له: فما تلك الرؤيا؟ قال: ما حدثت أحداً بها، وما أنا محدث بها حتى ألقى ربي.
قال: وكان كتاب عمرو بن سعيد إلى الحسين بن علي:


بسم الله الرّحمن الرّحيم
من عمرو بن سعيد إلى الحسين بن علي: أما بعد، فإني أسأل الله أن يصرفك عما يوبقك وأن يهديك لما يرشدك. بلغني أنك قد توجهت إلى العراق، وإني أعيذك بالله من الشقاق، فإني أخاف عليك فيه الهلاك، وقد بعثت إليك عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد، فأقبل إلي معهما، فإن لك عندي الأمان والصلة والبرّ وحسن الجوار لك، الله عليّ بذلك شهيد وكفيلٌ، ومُراع ووكيل، والسلام عليك.
قال: وكتب إليه الحسين: أما بعد فإنه لم يشاقق الله ورسوله من دعا إلى الله عزّوجل وعمل صالحاً وقال إني من المسلمين، وقد دعوت إلى الأمان والبر والصلة، فخير الأمان أمان الله، ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا، فنسأل الله مخافةً في الدنيا توجب لنا أمانه يوم القيامة، فان كنت نوبت بالكتاب صلتي وبرّي، فجزيت خيراً في الدنيا والآخرة، والسلام.


4 ـ الحاجر: قال المفيد: بعث قيس بن مسهر الصيداوي ـ ويقال: بل بعث أخاه من الرضاعة عبد الله بن يقطر ـ إلى الكوفة ولم يكن عليه السّلام علم بخبر ابن عقيل رحمه الله وكتب معه إليهم:
بسم الله الرحمن الرحيم: من الحسين بن علي إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين سلام عليكم، فإني أحمد اليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإن كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبر فيه بحسن رأيكم واجتماع ملأكم على نصرنا والطلب بحقنا، فسألت الله أن يحسن لنا الصنيع وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدّوا فإني قادم عليكم في أيامي هذه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكان مسلم كتب إليه قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة، وكتب إليه أهل الكوفة أن لك هنا مائة ألف سيف ولا تتأخر، فأقبل قيس بن مسهر إلى الكوفة بكتاب الحسين عليه السّلام حتى إذا انتهى إلى القادسية أخذه الحُصين بن نمير فبعث به إلى عبيد الله بن زياد، فقال له عبيد الله بن زياد: اصعد فسب الكذاب الحسين بن علي، فصعد قيس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إن هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وأنا رسوله إليكم فأجيبوه، ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه واستغفر لعلي ابن أبي طالب وصلى عليه فأمر عبيد الله أن يرمى به من فوق القصر فرموا به فتقطع.
5 ـ ماء من مياه العرب 5: قال الطبري: عليه عبد الله بن مطيع العدوي، وهو نازل ها هنا فلما رأى الحسين قام إليه، فقال: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله ما أقدمك، واحتمله فأنزله، فقال له الحسين: كان من موت معاوية ما قد بلغك، فكتب إلي أهل العراق يدعونني إلى أنفسهم، فقال له عبد الله بن مطيع: أذكرك الله يا ابن رسول الله وحرمة الإسلام أن تنتهك، أنشدك الله في حرمة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنشدك الله في حرمة العرب فوالله لئن طلبت ما في أيدي بني أمية ليقتلنك، ولئن قتلوك لا يهابون بعدك أحداً أبداً، والله إنها لحرمة الإسلام تنتهك، وحرمة قريش وحرمة العرب، فلا تفعل ولا تأت الكوفة ولا تعرّض لبني أمية. فأبى إلا أن يمضي.
6 ـ الخزيمية: قال الخوارزمي: ولما نزل الحسين بالخزيمية، أقام بها يوماً وليلة فلما أصبح جاءت إليه أخته زينب بنت علي فقالت له: يا أخي ألا أخبرك بشيء سمعته البارحة؟ فقال لها: وما ذاك يا أختاه؟ فقالت: إني خرجت البارحة في بعض الليل لقضاء حاجة فسمعت هاتفاً يقول:
ألا يا عين فاحتفلي بجهد *** فمن يبكي على الشهداء بعدي
على قوم تسوقهم المنايا *** بمقدار إلى إنجاز وعد
فقال لها الحسين: يا أختاه ما قضي فهو كائن.
7 ـ زرود: قال الطبري: فأقبل الحسين حتى إذا كان بالماء فوق زرود.
قال الخوارزمي: فسار الحسين حتى بلغ زرود، فلقي رجلًا على راحلة له وكان الحسين وقف ينتظره فلما رأى الرجل ذلك عدل عن الطريق فتركه الحسين ومضى، قال عبد الله بن سليمان والمنذر بن المشمعل الأسديان: كنا نساير الحسين، فلما رأينا الحسين وقف للرجل والرجل عدل عن طريقه، لحقنا بالرجل فسلمنا عليه فرد علينا السّلام، فقلنا: ممن الرجل قال: أسدي، قلنا: ونحن أسديان، ما الخبر؟ قال: الخبر أن مسلم بن عقيل وهاني بن عروة قد قتلا، ورأيتهما يجرّان في السوق بأرجلهما.
8 ـ الثعلبية: ذكر الشيخ المفيد أن الأسديّين قالا: فأقبلنا حتى لحقنا الحسين فسايرناه حتى نزل الثعلبية ممسياً فجئناه حين نزل، فسلمنا عليه فرد علينا السلام فقلنا له: رحمك الله، إن عندنا خبراً إن شئت حدثناك علانيةً وإن شئت سراً فنظر إلينا وإلى اصحابه ثم قال: ما دون هؤلاء سر، فقلنا له: أرأيت الراكب الذي استقبلته عشي أمس؟ قال: نعم، وقد أردت مسألته، فقلنا قد والله استبرأنا لك خبره وكفيناك مسألته، وهو امرؤ منا ذو رأي وصدق وعقل، وإنه حدثنا أنه لم يخرج من الكوفة حتى قُتل مسلم وهاني ورآهما يجران في السوق بأرجلهما فقال: إنا لله وانا إليه راجعون، رحمة الله عليهما، يردد ذلك مراراً، فقلنا له: ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلاّ انصرفت من مكانك هذا، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة، بل نتخوف أن يكونوا عليك، فنظر إلى بني عقيل فقال: ما ترون فقد قتل مسلم، فقالوا: والله لا نرجع حتى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق، فأقبل علينا الحسين وقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء، فعلمنا أنه قد عزم رأيه على المسير فقلنا له: خار الله لك، فقال: رحمكما الله. فقال له أصحابه: إنك والله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع، فسكت ثم انتظر حتى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه: أكثروا من الماء. فاستقوا وأكثروا ثم ارتحلوا.
9 ـ الشقوق: قال ابن شهر آشوب لما نزل الشقوق أتاه رجل فسأله عن العراق فأخبره بحاله، فقال: إن الأمر لله يفعل ما يشاء، وربنا تبارك كل يوم هو في شأن. فإن نزل القضاء فالحمد لله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من الحق نيته، ثم أنشد:
فإن تكن الدنيا تعد نفيسة *** فدار ثواب الله أعلى وأنبل
وإن تكن الأموال للترك جمعها *** فما بال متروك به الحر يبخل
وإن تكن الأرزاق قسماً مقدراً *** فقلة حرص المرء في الكسب أجمل
وإن تكن الأبدان للموت أنشئت *** فقتل امرىء بالسيف في الله أفضل
عليكم سلام الله يا آل أحمد *** فإني أراني عنكم سوف أرحل.
ــــــــــــــــــــــــ
(1)  التنعيم: بالفتح ثم السكون وكسر العين المهملة وياء ساكنة وميم: موضع بمكة في الحل وهو بين مكة وسرف، على فرسخين من مكة. (معجم البلدان ج2 ص49).
(2)  (3) تاريخ الطبري ج5 ص386، ورواه ابن الأثير في الكامل في التاريخ، ج7 ص40 والخوارزمي ج1 ص. 222
(3)  وهو الحد بين نجد وتهامة، وقيل: عرق جبل بطريق مكة ومنه ذات عرق. (معجم البلدان ج4 ص107).
(4)  الحاجر من بطن الرمة، قال الزبيدي: منزل للحاج بالبادية... الذي في طريق مكة. (تاج العروس ج3 ص126).
(5)  تاريخ الطبري ج5 ص395، ورواه المفيد في الإرشاد ص203.
(6)  الخزيمية بضم الأول وفتح الثاني تصغير خزيمة. وهو منزل من منازل الحاج بعد الثعلبية من الكوفة (معجم البلدان ج2 ص370) ومر الحسين في طريقة إلى الخزيمية بتوز، وفيد، والأجفر.
(7)  زرود بين ثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من الكوفة. (معجم البلدان ج3 ص139).
(8)  الثعلبية: من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشقوق، وقبل الخزيميّة وهي ثلثا الطريق. (معجم البلدان ج3 ص78) و ( مراصد الاطلاع ج1 ص296).
(9)  الشقوق جمع شق وهو الناحية: منزل بطريق مكة بعد واقصة من الكوفة (معجم البلدان ج3 ص356) و(مراصد الاطلاع ج2 ص806).

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد