سياحة ثقافية

وصف مدينة قم المقدسة في مذكرات العلامة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء

 

وقم بلدة واسعة جداً وفيها سوق طويل من الرودخانه (النهر) إلى آخر البلد، ويزيد طوله على ميلين، وفيها من قبور العلماء، وأولاد الائمة العدد الكثير، سيما المقبرة الكبرى التي هي أمام مرقد العلوية الشريفة المعصومة فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم أخت الرضا (سلام الله عليهم) وتعرف تلك المقبرة عندهم بمقبرة (شيخون).
وفيها قبور جماعة من الأعاظم من أصحاب الأئمة، کزکریا بن آدم(1) ، ومن المحدثین کالصدوق(2)، ومن العلماء كالمرزا القمي(3) صاحب – القوانين – (رضوان الله عليهم جميعًا)، ورغبة بمجاورة تلك البرّة الطاهرة، وأولئك الأعلام، تكاثر الذين هنالك حتى صارث أعظم جبانة في إيران، ولكن حسب التنظيمات الجديدة أمرت الحكومة بطمس تلك القبور، وجعل تلك الساحة الوسيعة حديقة بلدية، ومنتزهاً عاماً.
وقد مررنا على العَملة وهم يستخرجون عظام الموتی ويحملونها مع التراب يرمونها خارج البلد، ولم يبق فيها سوى مقابر بعض المشاهير كالصدوق، ونحوه الذي هو في ناحية منعزلة من الجبانة المزبورة.
وعلى قبر عقيلة الأئمة قبة ذهبية سامية، وتحتها على القبر ضريح من الفضة، وروضة ولكنها ضيقة جداً، وحول الروضة أروقة كثيرة فيها قبور کثیر من سلاطين الصفوية، ولها صحن قدیم متوسط، وصحن كبير جديد من مآثر المرحوم الصدر الأعظم أتابك أمین السلطان، وقبره هناك وقد بذل في تعميره أموالاً طائلة.

وإلى جنب الصحن القديم مدرسة قديمة واسعة مشحونة بطلبة العلم، وأحد أبوابها ينفذ إلى الصحن القديم، وفيها بعض الكتب الخطية، وفيها مَدرس يُدرس فيه الحجة الشيخ عبد الكريم (أيده الله) وهو يجري لعامة الطلاب الذين في قم الذين يتجاوز عددهم على الألف، رواتب على حسب طبقاتهم من العشرين تومان، والثلاثين، إلى الخمسين، حتى طلبة القميين أنفسهم بل وأكثر أئمة جماعتهم، ولا يقبض شيئًا من الحقوق بیده بل يقبضها التجار، ومنهم توزع على الطلاب بالمقادير المعينة منه، والطلاب يمتحنون في كل سنة بهيئة من الحكومة.
الهوامش
1- زکریا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري. ينظر: (تنقیح المقال في علم الرجال، للمامقاني – ج۲۸: ۱۹۸ -206).
(2) قال الشيخ الطهراني في الذريعة، ج ۱: 67 : (الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسی بن بابويه القمي نزيل الري والمتوفي بها سنة ۳۸۱هـ. ومرقده بقرب طهران يعرف (بابن بابویه) كان شيخ الأصحاب ووجه الطائفة، وله نحو ثلاثمائة مصنف كما في فهرس شيخ الطائفة، والنجاشي، وهو المولود بدعاء الحجة “عليه السلام” والموصوف منه بانه فقیه خير، مبارك كما في غيبة الشيخ الطوسي).
(3) هو الشيخ الميرزا أبو القاسم بن المولی محمد حسن الجيلاني الشفتي القمي. ولد سنة ۱۱۰۱هـ – المتوفى سنة ۱۲۳۱م). من أركان الدين وكبار المؤسسين ومن مشاهير محققي الأمامية. (الكرام البررة، ج۱۰: 52-54.)
المصدر: كتاب” عقود حياتي” للعلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء – تحقيق أمير الشيخ شريف الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد