علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشهيد مرتضى مطهري
عن الكاتب :
مرتضى مطهّري (1919 - 1979) عالم دين وفيلسوف إسلامي ومفكر وكاتب شيعي إيراني، هوأحد أبرز تلامذة المفسر والفيلسوف الإسلامي محمد حسين الطباطبائي و روح الله الخميني، في 1 مايو عام 1979، بعد أقل من ثلاثة أشهر على انتصار الثورة الإسلامية، اغتيل مرتضى مطهري في طهران إثر إصابته بطلق ناري.

النّظريّات الأخلاقيّة (3)

 

نظريّة الوجدان (1)

 

ثمّة فريق يؤمن ويعتقد بأنّ الله تعالى قد أودع في الإنسان قوّةً خلّاقةً، قادرةً على إلهامه وتكليفه وإفهامه وظيفته، والإيماء له بما ينبغي فعله من أعمال جيّدة وسيرةٍ حسنة. هذه القوّة ليست هي «العاطفة»، كما يقول أخلاقيّو الهند والمسيحيّة، وليست هي أيضاً «العقل والإرادة»، كما يقول الفلاسفة، بل هي عبارة عن «الإلهامات الوجدانيّة». فثمّة اعتقاد لدى بعضهم، بأنّ الله تعالى غرس هذه القوّة في باطن الإنسان لتلهمه -في كثير من الحالات والأعمال الّتي ندعوها أخلاقيّة- فعلَ ما ينبغي فعله، والابتعاد عمّا ينبغي تركه. إنّ هذه القوّة الباطنيّة لا علاقة لها بالعقل النظريّ، بل هي نابعة من الفطرة، كما أنّ هذه القوّة لا علاقة لها بالأنشطة والوظائف الطبيعيّة الّتي يمارسها الإنسان، من قبيل الأكل والشرب وأمثال ذلك؛ لأنّ هذه الأعمال مرتبطة بالطبيعة، لا بالوجدان.

 

نظرة القرآن للوجدان

إذا تصفّحتَ القرآن الكريم، ستجد سورة «الشمس» المباركة، وهي تتحدّث عن تسليح الإنسان بجملة من الإلهامات الفطريّة من قِبَل خالقه تعالى، يقول الحقّ تعالى:

وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا (1) وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا (2) وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا (3) وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا (4) وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا (5) وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا طَحَىٰهَا (6) وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا (7) فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا (8) قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا (9) وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا (10)

مِن الملاحَظ أنّه تعالى قدَّم «أقساماً» عدّة -آخره القَسَم بالنفس والروح واعتدالها- ليقرّر أنّه سبحانه قد ألهم النفسَ البشريّة الفجورَ والتقوى. فالقلب الإنسانيّ إذاً، يمتاز من قلوب بقيّة الحيوانات، وهو قادرٌ على التشخيص، وقد نُقِل أنّه حينما نزلت الآية الشريفة: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ﴾، قصد الرسولَ الأكرمَ (صلى الله عليه وآله) رجلٌ اسمه «وابصة» وقال: يا رسول الله، لديّ سؤال، وقبل أن يسأل، قال له الرسول(صلى الله عليه وآله): أنا أخبرك بسؤالك قبل أن تبوح. قال وابصة: نعم، يا رسول الله. فقال(صلى الله عليه وآله): قَدِمتَ لتسأل: ما هو البرّ والتقوّى والإثم والعدوان؟ قال وابصة: أجل، يا رسول الله. عند ذلك، وضع الرسول(صلى الله عليه وآله) إصبعه على صدر الرجل، وقال له: يا وابصة، استفتِ قلبك؛ يعني إنّ الله تعالى ألهم معرفة ذلك قلبَ كلّ إنسان. وقد صاغ «مولوي» هذا الحديث شعراً، فقال:

قال الرسول: استفتِ قلبك، وخُذ بفتواه وبما يُلقيه عليك.

استرشد قلبك، قال ذلك الرسول، واحذر من فتوى غيره فإنَّه فضول.

دع الآمال جانباً؛ كي تنال الرحمة، فإنّي بالتجربة علمتُ أنّ الأمر كذلك.

اخدمه لحظةً بلحظة؛ لأنّك دائماً تحت عينه، وأنت تسمع نداء الحقّ لكنّك لا تراه.

إذا سددت عينَيك بالأستار والحُجُب، فكيف ينفذ نور الشمس إلى قلبك؟

للأستاذ العلّامة الطباطبائيّ في «تفسير الميزان» التفاتةٌ لطيفة في تفسير قوله تعالى من سورة الأنبياء: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ﴾، قال: لم يقل تعالى: وأوحينا إليهم أن افعلوا الخيرات؛ لأنَّ الإتيان بـ«أن» دون المصدر يدلّ على تشريع فعل الخيرات فقط، أمّا الإتيان بذات المصدر، فهو يدلّ على «أنّ الوحي تعلّق بالفعل الصادر عنهم؛ أي إنّ الفعل كان يصدر عنهم بوحيٍ مقارن له، ودلالة إلهيّة باطنيّة».

 

نظريّة «كانط» (Immanuel Kant)

وعلى أيّة حال، فثمّة عدد من الفلاسفة يؤمنون بمثل هذا الوجدان المستقلّ لدى البشر، ومن هؤلاء: الفيلسوف الألمانيّ «كانط» (Immanuel Kant)، والّذي يُعَدّ نظيراً وقريناً لـ«أرسطو» و«أفلاطون» في النبوغ والإبداع، له كتاب في فلسفة «العقل النظريّ»، وكتاب آخر في فلسفة «العقل العمليّ»، وأهمّ حديثه يدور حول مسائل الحكمة والأخلاق العمليّة. وهو يرى أنّ الفعل الأخلاقيّ هو ما يأتي به الإنسان بعنوان أنّه تكليف يُمليه عليه وجدانُه، إنَّه الفعل الّذي يأمر به الوجدان، والإنسان يُنجِز ذلك الفعل دونما تردُّد، إطاعةً للوجدان، لا لشيء أو غرض آخر.

ولـ«كانط» كلام كثير يتعلّق بالوجدان وضمير الإنسان، وقد شرحوا ذلك وبيَّنوه، وله جملة ذات مغزًى رفيع كُتِبَت على قبره، إمَّا بوصيّة منه أو بحسب اقتراح بعضهم، قال:

«شيئان يثيران إعجاب الإنسان دائماً، وكلَّما أمعن التفكير فيهما ازداد إعجابه، وهما:

1. السماء المملوءة نجوماً المرفوعة فوق رؤوسنا.

2. الوجدان المستقرّ في ضمائرنا».

 

الوجدان في نظر علماء النفس

في علم النفس، سطَّروا بحثاً طويلاً عن وجدانيّات الإنسان، وبتعبير أنسب: عن «فطريّات» الإنسان وما هو موجود فيها. وهذا البحث يعتمد على أمور أربعة:

1. «الوجدان الراجع إلى طلب الحقيقة والعلم»: هل الإنسان يحبّ العلم لذاته، وأنّه خُلق مفطوراً على طلب الحقيقة والتحرِّي عنها، أوَليس الأمر كذلك؟

2. ما يُعبَّر عنه بـ«الوجدان الأخلاقيّ»: هل خُلِق الإنسان مفطوراً على حبّ الخير، وأنّه مُنِح وجداناً يدعوه إلى فعل الجميل وإسداء الإحسان، أو لا؟

3. ما يُعبَّر عنه بـ«الوجدان الجماليّ»: هل الإنسان يتذوَّق الجمال ويعشقه ويطلبه بحسب فطرته ووجدانه، أو لا؟

4. ما يُعبَّر عنه بـ«وجدان الدِين والعبادة»: هل كلّ إنسان تدعوه فطرته ووجدانه إلى اللجوء إلى العبادة والتوجُّه إلى إلهٍ ما؟ هل الوجدان الإنسانيّ يقضي بوجود إله يستحقّ العبادة أو لا؟

اعتمد «كانط» على مسألة «الوجدان الأخلاقيّ»، وآمن بأنّ الأخلاق دساتير صريحة وقوانين بيّنة، يمليها الوجدان على الإنسان ويُلهمه إيّاها. وإذا ما سُئِل: لماذا يُؤثِر الإنسانُ غيرَه على نفسه؟ ولماذا يطلب الحقّ؟ ولماذا يرى الذلّة والمسكنة أصعب عليه من الموت والتضحية بالدم والروح؟ لأجاب: كلُّ ذلك علَّته وسببه «الوجدان»، ولا يوجد شيء آخر سوى قانون «الوجدان» ومعطياته.

 

هل المعلومات الذهنيّة مرهونة للتجارب فقط؟

نظريّة «الوجدان» هذه مبنيّة على نظريّة أخرى يؤمن بها «كانط» نفسه وفلاسفة آخرون، وتذهب إلى وجود حقائق غير متوقّفة على التجربة.

ثمَّة سؤال قد أُثير، وهو: هل إنّ كلّ محتويات الذهن، وكلّ الثروات الفكريّة والوجدانيّة المكنوزة في الإنسان، مأخوذة من الحسّ والتجربة، وأنّه لا وجود لها في فطرة الإنسان وأصل خلقته، وأنّ الإنسان لا يمكنه إثباتها وتحصيلها إلّا عن طريق «الحسّ» فقط؟ أم إنّ الأمر خلاف ذلك، وأنّ ثمّة سلسلة من الأحكام والمعلومات مختمرة في الذهن البشريّ ومتأصّلة في أعماقه؟

فريقٌ من الماضين والمعاصرين يعتقد بأنّ ذهن الإنسان خالٍ من كلّ زاد، وخِلْوٌ من كلّ شيء، وما هو موجود فيه إنّما اكتسبه عن طريق الحسّ وقنواته؛ فالذهن -بحسب تصوُّر هؤلاء القوم- كالمستودع الخلاء، وهو يُملَأ تدريجيّاً عن طريق «الحسّ»، وتُصَبّ فيه المعلومات عن طريق «التجربة».

وفريقٌ آخر يعتقد خلاف ذلك، ويقسم المعلومات الذهنيّة إلى قسمَين:

1. قِسم هو حصيلة الحسّ والتجربة والمشاهدة.

2. قِسم له حضور سابق على الحسّ، وهو مودَع في أعماق الإنسان وفطرته.

والفيلسوف «كانط» من أعضاء هذا الفريق، ويتبنَّى هذا الرأي.

 

العقل العمليّ والعقل النظريّ

من المسائل المرتبطة بموضوعنا، والمذكورة كثيراً في كلمات الفلاسفة المسلمين، مسألة انقسام أحكام العقل إلى قسمَين:

1. أحكام العقل النظريّ.

2. أحكام العقل العمليّ.

والمراد من هذا التقسيم، أنّ للعقل نوعَين من الإدراك: فهو تارةً يتعلَّق إدراكُه بما له حظّ من الوجود؛ أي بما ينبغي أن يُعلَم. وهو بهذا اللحاظ يُسَمّى بـ«العقل النظريّ».

وتارةً أخرى، يتعلَّق إدراكُه بما ينبغي ويجب إنجازه والقيام به، كالعدل والصدق. وهو بهذا اللحاظ يُسَمّى بـ«العقل العمليّ».

ويُلاحَظ هنا، أنّ فلسفة «كانط» تصبّ في تحليل هذَين العقلَين ومقدار تأثيرهما في حياة الإنسان وتصوّراته، وقد أوصله التحقيق إلى هذه النتيجة، وهي: ليس للعقل النظريّ دَورٌ يُذكَر في ذلك، وإنّ الأساس هو «العقل العمليّ»؛ لارتباطه بالوجدان وانتهائه إليه. يقول: إنَّ الوجدان أو العقل العمليّ مجموعة من الأُسُس والمبادئ المغروسة في فطرة الإنسان والـمُودَعة فيه، وليست مأخوذة من «الحسّ» ومقطوفة من حقل «التجارب». فالأمر بالصدق والنهي عن الكذب مثلاً، موجود في فطرة الإنسان سلفاً، وهو يدرك ذلك وجداناً قبل أن تكون له أيّ تجربة مسبقة عن الصدق والكذب، فلا ارتباط لذلك بالتجربة. وهذان «الأمر والنهي» مطلقان؛ بمعنى أنّهما غير مقيّدَين بما وراء الصدق والكذب ونتيجتهما. فنحن حينما نحثّ على الصدق في الحديث، نذكر فوائده العائدة على الصادق، كاعتماد الآخرين عليهم والأخذ بكلامه، وهذا ممّا يُكسِبه شخصيَّة بارزة ومحترمة. وحينما ننهى عن الكذب، نذكر أضراره العائدة على الكاذب.

أمّا «كانط»، فهو يرى أنّ الوجدان الأخلاقيّ لا يلتفت للنتائج مطلقاً، ولا يعنيه أمرها، أمّا العقل، فهو ينشدُ «المصلحة» دائماً، ويدور حيثما دارت، وأحكامُه أبداً مشروطةٌ بها؛ فلو زالت «المصلحة» وارتفعت، رفع العقل اليد عن حُكمه أيضاً. والسبب في أنَّ الأخلاقيّين يجيزون السلوك خلاف الأصول الأخلاقيّة أحياناً، هو أنّهم لا يستندون إلى إلهام «الوجدان» وحُكمه، بل يستفتون «العقل» ويأخذون برأيه؛ لأنّ الّذي يراعي «المصلحة» هو «العقل» دون «الوجدان».

«الوجدان» يحثّ على الصدق، ولو جلب الضرر على صاحبه، وينهى عن الكذب، ولو جلب النفع الكثير لصاحبه. وكما يقول «حافظ»:

لا أعرف مَن يُتعِب قلبي في أعماقي

أنا صامتٌ وهو في صياح وهتاف

 

والله -عند «كانط»- هو الّذي أودع في الإنسان مثل هذه القوّة المقنَّنة، والبشر مكلَّفون في حياتهم هذه بالتكاليف الأخلاقيّة، والقوّة المتمركزة فيهم تُصدِر قراراتها في ما يتعلَّق بذلك بنحوٍ دائم. وما مِن إنسان في هذه الدنيا يرتكب عملاً منافياً للأخلاق، إلَّا وذاق مرارة الندم، وقاسى تأنيب الضمير، وإن لم يشعر بذلك حين العمل؛ لغياب العقل آنئذٍ. إنّ الّذي يغتاب الآخرين -مثلاً- يكون لاهياً مستغرِقاً في ما هو فيه، وكذا حال مَن يتشاجر مع غيره، تجده وقد غاب عن ذاته، حيث إنّه قد لا يشعر بما يُصاب به من جروح وآلام. إنّ المغتاب اللاهي يلتذّ بفعله ويطرب وكأنّه أحرز انتصاراً، وهو في ذلك كالجائع السغب؛ إذ يأكل ما أمامه بلذّة وشراهة، وقد مثَّل القرآن الكريم المغتاب بآكل الميتة الّذي ما إن ينتبه من سِنَة الغفلة، ويثوب إلى رشده، حتّى يشعر بالاشمئزاز من ذاته، ويودّ لو يفرّ منها ولا يعقّب، ولا يزال يلوم نفسه ويعنّفها، وهذا هو عذاب «الوجدان» المحتوم الّذي لا ينجو منه إنسان، حتّى أعتى المجرمين والجناة -ولو للحظات من أعمارهم- يشعرون بهذا العذاب ويتلوُّون تحت سياطه ويقاسون وخز الضمير.

 

إنَّ السرّ في إدمان أغلب المجرمين على ممارسة جملة من السلوكات اللاهية والمغيِّبة للذات، مثل تعاطي الترياك والهيرويين وما يُسَمّى بالمشروبات الروحيّة، وكذا القمار وما شابه ذلك، هو الرغبة الملحّة في الفرار من «الذات»، إنّهم لا يريدون أن يعيشوا معها؛ لأنّها تُسبِّب لهم عذاباً، كما لو كان داخلُهم مشحوناً بالثعابين والعقارب، فهي تلدغهم وتعذّبهم بلسعاتها دوماً. وهذا الإدمان كالمخدِّر الّذي يُحقَن به المريض لتخفيف آلامه مؤقّتاً، دون أن تكون له القدرة على استئصال الداء الّذي يعاني منه. وهذا إن دلَّ على شيء، فهو يدلّ على تعاسة هذا الإنسان الّذي لا يستطيع بناء ذاته، حيث يسعه أن يخلو بها ويواجهها بدلاً من الهروب منها. فمرحى لأهل الصلاح والتقوى والأخلاق، ولأولئك الّذي يصغون لنداء «الوجدان»، والمتحرّرين من قيد الإدمان الهدّام، الفارّين من كلّ ما من شأنه تغييب ذواتهم وإلهاؤهم عنها، فهم يريدون أنفسهم لأنفسهم؛ لأنَّ عالَمهم الباطنيّ أسلم من عالَمهم الخارجيّ وأنقى، فهم فيه يعيشون الطمأنينة والرضى، بخلاف ذلك الإنسان الّذي يجعل من باطنه مسبعةً تسرح فيها الوحوش، فإنّه دائم الهرب من ذاته، متوجّساً خيفةً منها، وملتمساً ملجأً ما.

ولَنِعْمَ ما قال الملّا «الروميّ» :

ابتعِد زمناً عن الخَلق والناس، متى تكون ذلك

الإنسان الّذي يغتبط بنفسه ويُسَرّ

وخلاصة القول: إنّ مَن لا يقدر على الخلوة بنفسه، قد أضاع نفسه الواقعيّة.

وعطفاً على ما سبق، يقول «كانط»: لو لم تكن هذه السلطة الوجدانيّة في الإنسان، لَمَا ذاق مرارة الندم وألمَ العذاب، ولَرضيَ عن أفعاله، أو لَمَا أحسَّ بالقلق على الأقلّ.

وخلاصة القول: إنّ «الوجدان» الإنسانيّ، أمرٌ فطريّ مُطلَق وغير منوط بالتجربة، وأحكامه ثابتة وضروريّة وغير قابلة للإخضاع والمساومة. قد يخضع الإنسانُ لجبّارٍ ما، لكنّه أبداً لا يستطيع إخضاع وجدانه لفعل قبيح وإقناعه به، وإن كان الأعتى والأشدّ إجراماً؛ فـ«الوجدان» لا يحابي أحداً، ولا يبارك جناية أحد، بل هو ثابتُ القَدَم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والتاريخ أصدقُ شاهد على ذلك، فكم من الجناة الّذين جُنُّوا إثرَ ارتكابهم الجرائم المفجعة بحقّ الإنسانيّة!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد