يتحدّث القرآن الكريم عن أطوار النموّ الإنساني في مواضع متعدّدة... ويجعلها دليلاً قاطعًا على إعادة اللّه الخلق كما بدأكم تعودون!!. ولقد تحدّثت الكثير من الآيات الكريمة عن هذه الأطوار مجملة ومفصّلة: (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) «1». قال ابن عبّاس وقتادة وعكرمة والسدي وابن زيد: معناه من نطفة ثمّ من علقة ثمّ من مضغة... إلى آخر أطوار الإنسان.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) «2».
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) «3».
(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) «4».
(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) «5».
من هذه الآيات الكريمة نستطيع أن نحدّد معالم أطوار الجنين الإنساني وهي:
1 - نطفة.
2 - علقة.
3 - مضغة مخلّقة وغير مخلّقة.
4 - عظام.
5 - لحم يكسو العظام.
6 - التسوية والتصوير «خلق آخر» والتعديل.
7 - نفخ الروح.
وروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه ردّ على من قال إنّ العزل هو الموؤودة الصغرى قائلاً: لا تكون موؤودة حتى تمرّ على الأطوار السبع: تكون سلالة من طين، ثمّ تكون نطفة، ثمّ تكون علقة، ثمّ تكون مضغة، ثمّ تكون عظامًا، ثمّ تكون لحمًا، ثمّ تكون خلقًا آخر، فقال عمر: صدقت أطال اللّه بقاءك.
وكما عرفنا فإنّ أوّل هذه الأطوار هو طور النطفة، والنطفة تطلق على ثلاثة أشياء هي:
1 - نطفة الذكر، وهي الحيوانات المنوية.
2 - نطفة الأنثى، وهي البويضة.
3 - النطفة الأمشاج، وهي النطفة المختلطة من ماء الرجل وماء المرأة، أي البويضة الملقّحة، والنطفة الأمشاج هي بداية مرحلة خلق الإنسان، حيث يلقّح الحيوان المنوي البويضة في الثلث الوحشي من قناة الرحم (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) «6».
فإذا ما لقّحت البويضة وصارت بويضة ملقّحة ابتدأت انقسامات متعدّدة، وتعرف هذه المرحلة بمرحلة الانقسام والانشقاق. وتتحوّل البويضة الملقّحة «النطفة الأمشاج» إلى ما يشبه التوتة فتسمّى عندئذ التوتة. ثمّ تنتقل بعد ذلك فتصير مثل الكرة المجوّفة وتدعى عندئذ الكرة الجرثومية. ويبقى قطر النطفة الأمشاج حتّى بعد أن تصبح كرة جرثومية لا يزيد عن ربع مليمتر!!.
وتستغرق هذه المرحلة أسبوعًا كاملًا حتّى تعلّق هذه النطفة الأمشاج التي تحوّلت إلى كرة جرثومية لها خلايا آكلة وقاضمة تعلّق بواسطتها وبواسطة حملات دقيقة بجدار الرحم... وتتحوّل عندئذ إلى المرحلة التي تليها وهي العلقة. وفي اليوم الرابع عشر والجنين في مرحلة العلقة لا يزيد حجمه عن نقطة وفي اليوم الثامن عشر لا يزيد حجمه عن حرف كتابي وفي اليوم الرابع والعشرين وقد بدأ مرحلة المضغة يكون حجمه أقلّ من حبّة القمح أو الأرز.
وفي الأسبوع الرابع وهو في قمّة مرحلة المضغة لا يزيد حجمه عن حبّة القمح. وفي الأسبوع السادس والنصف في أوج تكوين الأعضاء لا يزيد حجمه عن حبّة فاصوليا بل أقلّ من ذلك. وفي الأسبوع السابع والنصف وقد تكاملت الأعضاء تقريبًا لا يزيد حجمه عن حبّة الفاصوليا أو الفول. وفي الأسبوع التاسع بعد انتهاء فترة الحميل ودخوله إلى مرحلة الجنين لا يزيد حجم الجنين عن ثلاثة سنتيمترات، أي ما يزيد قليلًا عن البوصة. وفي الأسبوع الحادي عشر يكون الشكل الإنساني مميّزًا لدرجة لا يمكن أن يخطئها أحد، وتبدأ في هذه الفترة الأعضاء التناسلية الخارجية في التمايز. وفي الأسبوع الخامس عشر تستطيع الأمّ أن تحسّ حركة وليدها بكلّ وضوح، وتكون الأعضاء التناسلية الخارجية واضحة جدًّا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). نوح: 13 و 14.
(2). الحجّ: 5.
(3). المؤمنون: 12 - 14.
(4). السجدة: 7 - 9.
(5). الانفطار: 6 - 8.
(6). الإنسان: 2.
عدنان الحاجي
السيد عادل العلوي
الشيخ إبراهيم السنّي التاروتي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ فوزي آل سيف
حيدر حب الله
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقات الاجتماعية وفرصة تبادل الميكروبيوم بين الناس
هل يعاد المعدم؟
زهور المستقبل يحتفي بذوي الإعاقة
فاطمة الزهراء (ع) في معراج النبيّ (ص)
الشيخ عبد الجليل الزاكي: المظهر المادي للكفر بالله
دلالة الحديث القدسي: لولا فاطمة ما خلقتكما
(فدك في التاريخ): قراءة تحليلية في بنية السلطة وصراع الشرعية
(جروح الليالي) قصيدة مؤثرّة أبدع بها الرّادود علي آل تراب
العهد التأسيسي للفقه
الإسلام والمواثيق