إنّ المفهوم القرآنيّ عن المحنة ـ أيّ محنةٍ ـ يؤكّد أنّ الجماعة الممتحنة تتحمّل مسؤوليّة وقوع هذه المحنة. يقول القرآن الكريم "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ" (1)، ما يشير إلى أنّ هذا الفساد الذي يظهر في البرّ والبحر هو نفس ذاك العمل الذي قدّمه الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. فالمحنة هي في الواقع تجسيدٌ بشكلٍ مريرٍ للأعمال المسبقة التي قامت بها الجماعة الممتحنة، وهي في نفس الوقت موعظةٌ ونذيرٌ من الله سبحانه.
تحليل جوانب المحنة
أيّ محنةٍ تمرّ بالإنسان المسلم لها جانبان: جانبٌ موضوعيّ وجانبٌ ذاتيّ.
الجانب الموضوعيّ: أقصد به مجموعة الظروف والملابسات والعوامل الخارجيّة التي أدّت إلى تكوين هذه المحنة، ووضعها بين يدَي هذا الإنسان الممتحن، أو هذه الجماعة الممتحنة.
والجانب الذاتيّ للمحنة: أقصد به دور هذا الإنسان الممتحن، وموقفه من المحنة، بعد وقوعها وقبل وقوعها.
دراسة الجانب الذاتيّ للمحنة
ولهذا حيث إنّ كلّ محنةٍ لها جانبها الموضوعيّ وجانبها الذاتيّ، فلا بدّ للممتحنين جميعاً ـ بالإضافة إلى التفكير في الجانب الموضوعيّ الذي تتولّى التفكير فيه الجهات المسؤولة عن تلك المحنة ـ من أن يفكّروا في الجانب الذاتيّ من المحنة أيضاً، أن يعيشوا المحنة كعمليّة تطهيرٍ لأنفسهم، وتزكيةٍ لأرواحهم، وتصميمٍ على التوبة من التقصيرات المتراكمة المتلاحقة، التي عاشوها عبر حياتهم العمليّة والعلميّة، هذه التقصيرات التي قد لا يُحَسّ بكل واحدٍ منها على حدةٍ، لكنّها حينما تتراكم، تتحوّل إلى فتنةٍ تأكل الأخضر واليابس، وتأكل من ساهم ومن لم يساهم، تأكل من قصّر ومن لم يقصّر، تأكل الحسين سلام الله عليه.
إذاً، فدرسُ هذا الجانب الذاتيّ واختبار نفوسنا ـ ونحن نواجه محنةً ـ واختبار مشاعرنا تجاه المحنة بعد وقوعها، واختبار أعمالنا التمهيديّة التي مهّدت لهذه المحنة... هذا الاختبار عملٌ ضروريّ آنيّ يجب أن لا يشغلنا عنه الألم، يجب أن لا ننشغل بالألم أو بالإنفعالات العاطفيّة عن حسابٍ مريرٍ من هذا القبيل.
ونحن كيف يمكن أن نترقّب فرجاً من الله، أن نترقّب رحمةً من الله تعالى، إذا كنّا لا نتفاعل مع النذر التي يريد الله تبارك وتعالى أن يميز فيها الخبيث من الطيّب، ويريد بها أن يفتح أمامنا أبواب التوبة من جديدٍ، وأبواب التطهير من جديدٍ؟
إذا شئنا أن نرجو من الله تعالى رجاءً حقيقيّاً، أن نرجو منه الرحمة والإمداد والعون على مواصلة الصبر والثبات ومواصلة الخطّ... فأوّل شروط ذلك، أن نتجاوب مع هذه النذر، ونعيش مع الله، لنقرأ من جديدٍ صفحات حياتنا وأعمالنا وما قدّمنا وما أخّرنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). الشورى: من الآية30.
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
السيد عبد الأعلى السبزواري
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ جعفر السبحاني
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
أحمد الرويعي
علي النمر
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
ما يذكره بعض الخطباء في وداع الأكبر (ع)
تاريخ المأتم الحسيني في القرون الهجريّة الأولى (2)
تلبسنا الحرب لامتها من جديد
عليّ الأكبر: وارث شمائل العترة
التّريويّ أيمن الغانم: عاشوراء مدرسة ثقافيّة وتربويّة وعلميّة
مقاطع فنّيّة عاشورائيّة للفنّان علي الجشّي
مقاطع عاشورائيّة للشّاعر زكي السّالم تحكي بعضًا من فصول كربلاء
كلمة بعنوان: (الفنّ للإنسانية)، للفنّان الضّامن في حسينيّة الإمام الصّادق بأمّ الـحمام
الموادّ البلاستيكيّة وتأثيرها على الصحّة
عناصر النهضة الحسينية