لَبَّى وَطافَ وحَلَّ واسْتَندا، يَتلُو الشّهادةَ سَيِّدُ الشّهَدا، ودَعا الحَجيجَ إلَيهِ فاجتَمعُوا، وكأنَّ رُكنَ البَيتِ مَدَّ يَدا، فَخَبا الهَديرُ وَعادَ يَملكُهُمْ، وَحيُ الحُسينِ.. جَلالةً وهُدَى...

أَغفَى.. فَعانق واستَجارَ وَقاما، يَطوِي علَى وَجَعِ الضّلُوعِ ضَراما، أفديهٍ مُلتَجِئًا بِأشرفِ مَرقَدٍ، يَشكُو إليهِ وَقد أريعَ.. لِئاما، ويَبُثُّ خَيرَ أبٍ شَجاهُ لَواعِجًا، إذْ لمْ يَجِدْ بِحِمَى النّبيِّ مَقاما

نشرتَ قَميصَكَ وهْوَ يَقطُرُ بِالدّما، وَبكتْكَ مُنعفِرًا مَلائِكةُ السّما، وتَجلبَبَتْ لكَ بالسّوادِ مَآتِمٌ، حَتَّى كأنَّ بِكُلِّ شِبرٍ.. مَأتَما

أَينعَ الطّفُّ فاسْتَهِلُّوا عَزاءَهْ، وأَقيمُوا "سَوادَهُ".. وَبُكاءَهْ، وَاقرَأُوا بالدّمُوعِ قِصّةَ يَومٍ، أَلْبسَ الكَونَ كَربَهُ وبَلاءَهْ

يا سادِنَ الـحُبِّ في أرواحِ مَن قَصَدَهْ، ومَن يُفيضُ علَى آمالِـهمْ مَدَدَهْ، يا قِبلةَ الخلقِ .. يا "مُوسَى" ورُبَّ يَدٍ، هِيَ النجاةُ لِمَلهوفٍ يَـمُدُّ يَدَهْ، ومَنْ علَى بابِهِ الحاجاتُ خاشِعةٌ، وَكم أقامَ مَـخوفٌ يَشتكِي شِدَدَهْ

أيُّها المالئُ الحياةَ جمالًا،كلَّما أهدت السماءُ عَبيرَكْ، أنتَ نفسُ النبيِّ، وهوَ مَقامٌ، ما رأى اللهُ في مَداهُ نَظيرَكْ

"قِفا نَبكِ" ظَعنَ الـمَجدِ يَستقبلُ الفَلا، مُـجِدًّا لِحَجِّ الـمَوتِ في طَفِّ كَربلا، غَداةَ الحُسينُ السِبطُ قد حَلَّ وانبَرَى، يُجلجِلُ في الأسماعِ خَطْبًا مُفصّلا

منَ الطّفِّ ظَعنٌ عادَ يَستَقبِلُ الـمَسرَى، يَلِفُّ بَقايا الـمَوتِ مِنْ عِترةِ الزّهرا، ويَطوي امتِدادَ البيدِ خَوفًا ولَوعةً، يُكابدُ منْ أعدائِهِ الذُّلَّ والقَهرا

زُفُّوا التَهاني.. لِخيْرِ الخَلقِ والرُسُلِ، وشارِكُوهُ زُفافًا فاخِرًا .. لــ "علي"، يَومٌ تَهادتْ بهِ أهلُ السّما.. حُلَلًا، بل عاشَتِ الأرضُ في زَهوٍ منَ الـحُلَلِ

عنْ دارِ جَدِّكَ أشخَصُوكَ بَعيدا، حتّى قَضَيتَ علَى نَواكَ شَهيدا، أفدِيكَ مُضطّهَدًا تُكابِدُ غُربةً، وتَظلُّ بينَ مُناوِئِيكَ وَحِيدا

تَبَلَّجَ منْ أفُقِ البَهاءِ.. مُحيّاهُ وأسفرَ نُورًا.. جَلَّ ما أَبدَعَ اللهُ! وَجاءَ على اسمِ اللهِ بَدرًا وإنّما، تَوَهّجُ منْ عَرشِ النُبُوّاتِ أَضواهُ

لنا في حنايا الوقتِ عِيدٌ ومَوعِدُ، تَـهشُّ لهُ الأرواحُ شَوقًا وتَسعَدُ، وتَـهفو إلى مَغنَى النُبُوّاتِ طَيبةٍ، وطَيبةُ أرضٌ قد نَـماها "مُحَمَّدُ"