
يخطئ من يظن أنّ الأمور في هذا العالم تدور حول الإنسان. إنّه الخطأ الأوّل الذي يرتكبه الإنسان حين يجهل أنّ كل هذا الوجود والكون إنّما يدور حول الله تعالى.
لسنا نحن البشر رغم أهمّية دورنا وموقعيّتنا محور هذا الوجود، بل هو الله تعالى وتقدّس. ومن عرف معنى الألوهيّة يفهم تمامًا، وبالمنطق البشريّ المعروف، أنّ من كان علّة الكون سيكون غايته، لأنّ الغاية هي الرّجوع إلى المبدأ.
حين كان الله ـ بالمعنى الحقيقيّ لا الزّمنيّ ـ ولم يكن معه شيء، كان هو الأصل، ولا يمكن أن يتغيّر هذا الأصل، لأنّه تعالى خلق الأشياء؛ بل يتأكّد معنى كون كلّ شيء مخلوق له سبحانه.
وهكذا تكون الحياة وامتحاناتها، فهي تدور حول الله. فإذا أردنا أن نقرّب الصّورة إلى الأذهان، فإنّ كلّ المواد التي يدرسها الطّالب ينبغي أن تصب في النّهاية في اختبار قدرته على القيام بتخصّصه كما ينبغي. وكذلك هي امتحانات الحياة المختلفة، فهي إعداد ومقدّمات لامتحان واختبار نهائيّ وأساسيّ وهو ما يمكن أن نعبّر عنه باختبار وجود الله.
المؤمن يعرف جيّدًا أنّه لا يوجد في الحياة ما هو أهم من الإيمان، ويعلم أيضًا أنّ كل الفضائل والكمالات والحسنات ينبغي أن تنبع منه وتتّصل به. لكن اختبار الإيمان بالله تعالى غير واضح لأكثر أهل الإيمان والدّين على ما يبدو! فسُرعان ما يظن هؤلاء أنّ المسألة ترتبط بأن لا نعصي الله أو بأن نكون صالحين أو شاكرين.
وهكذا نجد أنفسنا مرّة أخرى، وقد ابتعدنا عن الحقيقة ورجعنا إلى محوريّة البشر والمخلوقات في عالم الوجود. علمًا بأنّ الله تعالى لن تضرّه معصيتنا ولا نقائصنا؛ وكل ما يريده متحقّقٌ بالنسبة له وفي الواقع، مهما فعلنا.
إنّ اختبار الإيمان هو اختبار تصوّرنا لله. وقد يبدو هذا للوهلة الأولى مفاجئًا بالنسبة للعديد من المفكّرين، لأنّ التّصوّر السّائد هو أنّ المشكلة كانت ولا تزال في الإيمان لا في التصوّر، وأنّ التصوّر هو أمرٌ سهل يمكن أن يتحقّق لأي إنسان حتّى الكافر. وهنا يُقال بأنّ الكافر لا ينكر ولا يكفر إلّا بعد التصوّر.
ولكن ماذا لو قلنا بأنّ الإيمان أمرٌ مفروغٌ منه، وأنّ الله تعالى يبثّه في قلوب جميع النّاس دون استثناء؟ وماذا لو قلنا بأنّ استقرار الإيمان في القلب يعتمد على نجاح صاحبه في امتحان تصوّر الله؟ وماذا لو قلنا بأنّ ضعف الإيمان يرجع بالدّرجة الأولى إلى عدم الاعتناء بقضيّة تصوّر الله؟
لقد كانت جميع مصائب الإنسان في علاقته بالله (وهو الامتحان الأكبر والبلاء المحوريّ) ترجع إلى إصراره على قدرته على تصوّر الله تعالى؛ بل وإصراره على فرض هذا التصوّر على نفسه وأحيانًا على الآخرين (حين يتمتّع بسلطة عليا). وإنّما كانت هذه المصيبة العُظمى في الخطأ الأكبر الذي يرتكبه الإنسان حين يظن أنّ مخلوقًا مثله يمكنه أن يتصوّر الله تصوّرًا تامًّا (وهو أحد معاني الإحاطة التي لا يجرؤ على البوح بها).
ولو أدركنا عجزنا عن هذا التصوّر وعلمنا أنّ العجز هنا والاعتراف به هو عنوان ارتباطنا بالله تعالى، لانفتح الباب الواسع أمام الإيمان الكامل؛ الإيمان الذي يعني الاعتقاد بوجود الله وبذات الله من دون أي شك أو تردّد رغم العجز التامّ عن التصوّر.
لقد أراد أمير المؤمنين عليه السلام أن يفتح لنا الباب، لكنّنا أغلقناه في لُجّة استغراقنا بالنّزاعات العلميّة. هذه الصّراعات التي استدعت فينا كل أشكال الاقتدار المزيّف أمام الآخرين من زنادقة ومعتزلة وأشاعرة وأمثالهم.. وذلك حين قال:
"وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ الاْقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الْغيْبِ الْـمَحْجُوبِ، فَمَدَحَ اللهُ تَعَالَى اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْمًا، وَسَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيَما لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخًا، فاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللهِ سُبْحَانَهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ".[1]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. نهج البلاغة، ص 182.
معنى (وعى) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ الضمير في: ﴿عَلَى حُبِّهِ﴾!
الشيخ محمد صنقور
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (4)
محمود حيدر
أعظم امتحانات الحياة
السيد عباس نور الدين
بين الإنسان والملائكة
السيد محمد حسين الطبطبائي
لماذا لا يستطيع مرضى الزهايمر التعرف إلى أفراد أسرهم وأصدقائهم؟
عدنان الحاجي
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
الشيخ علي رضا بناهيان
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
الشيخ محمد مصباح يزدي
(لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
التّوحيد والمحبّة
السيد عبد الحسين دستغيب
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (وعى) في القرآن الكريم
﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ الضمير في: ﴿عَلَى حُبِّهِ﴾!
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (4)
أعظم امتحانات الحياة
(الدّفء الرّساليّ) ديوان إلكترونيّ نبويّ للشّاعر والرّادود عبدالشّهيد الثّور
أحمد آل سعيد: متى أزور الطّبيب النّفسيّ؟
زكي السالم: مترادفات الفعل (كظمَ) في القرآن الكريم
دلالة التوقيت في الصلاة
معنى (ركض) في القرآن الكريم
بين الإنسان والملائكة