
الفيض الكاشاني
التوكل منزل من منازل الدّين ، ومقام من مقامات الموقنين ، بل هو من معالي درجات المقربين وهو في نفسه غامض من حيث العلم ، ثم هو شاق من حيث العمل ووجه غموضه من حيث العلم أن ملاحظة الأسباب والاعتماد عليها شرك في التوحيد والتباعد بالكلية طعن في السنة وقدح في الشرع ، والاعتماد على الأسباب انغماس في غمرة الجهل.
قال اللّه تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [المائدة : 23] ، وقال : {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم : 12] ، { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق : 3] ، وقال : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران : 159] ، فأعظم بمقام موسوم بمحبة اللّه صاحبه ومضمون بكفاية اللّه لابسه ، فإن المحبوب لا يعذب ولا يبعد ولا يحجب.
وقد قال اللّه تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر : 36] ، فطالب الكفاية من غيره هو التارك للتوكل وهو المكذب بهذه الآية.
وقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «لو أنكم تتوكلون على اللّه حقّ توكله لرزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصا(1) وتروح بطانا(2)»(3) ، و قال : «من انقطع إلى اللّه كفاه اللّه كل مؤونة ورزقه من حيث لا يحتسب ، ومن انقطع إلى الدّنيا و كله اللّه إليها»(4) ، وقال : «من سرّه أن يكون أغنى النّاس فليكن بما عند اللّه أوثق منه ممّا في يده.
وعن الصّادق (عليه السلام) أوحى اللّه تعالى إلى داود (عليه السلام) «ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ثمّ تكيده السماوات والأرض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن ، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات وأسخت(5) ، الأرض من تحته و لم أبال بأي واد هلك»(6).
وعنه (عليه السلام): «إن الغنى والعز يجولان ، فاذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا»(7).
وعنه (عليه السلام): «إنه قرأ في بعض الكتب أن اللّه تعالى يقول : وعزتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لأقطعن أمل كلّ مؤمّل غيري باليأس ، ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس ولأنحينه من قربي ، ولا بعدنه من وصلي أيؤمل غيري في الشدايد والشدايد بيدي ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني.
فمن ذا الذي أملني لنوائبه فقطعته دونها ، ومن الذي رجاني لعزيمة فقطعت رجاءه مني جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي وملأت سماواتي ممّن لا يملّ من تسبيحي ، وأمرتهم أن يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا بقولي .
ألم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري ، أفيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثمّ أسأل فلا أجيب سائلي أبخيل أنا فيبخلني عبدي ، أو ليس الجود والكرم لي ، أو ليس العفو والرحمة بيدي ، أو ليس أنا محلّ الآمال فمن يقطعها دوني ، أفلا يخشى المؤمّلون أن يؤملوا غيري.
فلو أن أهل سماواتي و أهل أرضي أملوا جميعًا ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرّة وكيف ينقص ملك أنا قيّمه فيا بؤسًا للقانطين من رحمتي ، ويا بؤسًا لمن عصاني ولم يراقبني»(8).
__________________
1- خمص : جاع والجمع خماص.
2- البطنة بالكسر الامتلاء الشديد. م.
3- تنبيه الخواطر : ج 1 ، ص 222 ، أخرجه الترمذي : ج 9 ، ص 207 ، وإحياء علوم الدين : ج 4 ، ص 226.
4- تنبيه الخواطر : ج 1 ، ص 222 ، وإحياء علوم الدين : ج 4 ، ص 226.
5- ساخت الأرض بهم أي خسفت. ق.
6- الكافي : ج 2 ، ص 63.
7- الكافي : ج 2 ، ص 65.
8- الكافي : ج 2 ، ص 66.
القلب يفكر مع العقل
عدنان الحاجي
مناجاة الذاكرين (3): آنسنا بالذّكر الخفيّ
الشيخ محمد مصباح يزدي
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
معنى (عيّ) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ
الفيض الكاشاني
كيف تعامل أمير المؤمنين (ع) مع التاريخ في مجال تعليمه السياسي؟ (3)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الحداثة الفائضة في غربتها الأخلاقية
محمود حيدر
ضحكات المطر
حبيب المعاتيق
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
التواصل الاجتماعي في حياتنا المعاصرة
القلب يفكر مع العقل
مناجاة الذاكرين (3): آنسنا بالذّكر الخفيّ
اختتام النّسخة الخامسة والعشرين من حملة التّبرّع بالدّم (ومن أحياها) بسيهات
كتاب جديد يوثّق تكريم الدّكتور علي الدّرورة في القطيف
العزة والذلة في القرآن الكريم
معنى (عيّ) في القرآن الكريم
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
ضحكات المطر
عقولنا لا تزال قادرة على التفوق على الذكاء الاصطناعي