علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبدالهادي الفضلي
عن الكاتب :
الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي، من مواليد العام 1935م بقرية (صبخة العرب) إحدى القرى القريبة من البصرة بالعراق، جمع بين الدراسة التقليدية الحوزوية والدراسة الأكاديمية، فنال البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية ثم درجة الدكتوراه في اللغة العربية في النحو والصرف والعروض بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، له العديد من المؤلفات والمساهمات على الصعيدين الحوزوي والأكاديمي.rnتوفي في العام 2013 بعد صراع طويل مع المرض.

المصطلحات العامّة في أصول الحديث

تناول علماء الحديث بعض المصطلحات العامة في هذا العلم، ببيان معانيها في اللغة العربية، وفي اصطلاح علماء هذا العلم.

 

الحديث، الخبر، الأثر:

 

ومما بحثوه: الحديث والخبر والأثر، وذكروا ما بينها من علاقات دلالية. وخلاصة ما ذكروه في العلاقة بين الحديث والخبر هي:

 

1 - إن الحديث والخبر مترادفان على معنى واحد، وهو: الكلام الذي يكون لنسبته خارج في أحد الأزمنة، سواء طابق نسبته الخارجية أم لم يطابقها. وهو التعريف المنطقي للخبر. وهو - هنا - عام يشمل قول النبي والإمام والصحابي والتابعي وغيرهم.

 

2 - إن الحديث خاص بما جاء عن المعصوم، والخبر عام يشمل ما جاء عن المعصوم وغيره. فالنسبة بينهما عموم وخصوص من مطلق، إذ كل حديث خبر، وليس كل خبر حديثًا، وإنما بعض الخبر حديث.

 

3 - إن الحديث والخبر متباينان في معناهما، ذلك أن الحديث خاص بما جاء عن المعصوم، والخبر خاص بما جاء عن غيره. وقالوا في العلاقة بين الحديث والخبر والأثر:

 

1 - الحديث ما جاء عن المعصوم. والأثر ما جاء عن الصحابي. والخبر يطلق على الأعم منهما، أي أنه يطلق على ما جاء عن المعصوم، وعلى ما جاء عن الصحابي، وعلى ما جاء عن غيرهما من سائر الناس.

 

2 - إن الأثر أعم من الخبر والحديث. حيث أن الحديث خاص بما روي عن المعصوم، والخبر خاص بما روي عن غير المعصوم، والأثر يطلق على ما يروى عن المعصوم، وما يروى عن غير المعصوم، فهو أعم منهما مطلقًا.

 

3 - إن الأثر مساو للخبر في جميع دلالاته على اختلافها. والذي يبدو أن هذا الاختلاف في الدلالات المذكورة جاء من الخلط الذي وقع فيه اللغويون المعجميون عند تعاملهم مع الألفاظ ودلالاتها حيث لم يفرقوا فيما ذكروه في معاجمهم بين المستوى اللغوي لاستعمال الألفاظ والمستوى العلمي، والمطلوب منهجيًّا هو التفرقة بين هذين المستويين.

 

ونحن - هنا - إذا حاولنا تسليط الضوء على واقع هذه المصطلحات الثلاثة من خلال استخدامها على ألسنة المحدثين والفقهاء، وفي كتاباتهم، أي من خلال دراستنا للمستوى العلمي لها، لرأيناها تستعمل جميعًا في معنى واحد هو حكاية السنة في أنماطها الثلاثة: القول والفعل والإمضاء (التقرير).

 

وذلك لأنها مأخوذة من قولهم (حدث فلان) أو (حدثني فلان) و (أخبر فلان) أو (خبر فلان) أو (المأثور عن فلان) و (أثر عن فلان).

 

أقول هذا، لأننا عندما نقول: هذا مصطلح من مصطلحات علم الحديث، نعني أن علماء هذا العلم هم الذين حددوا له معناه العلمي (الاصطلاحي).

 

والطريق السليم لمعرفة هذا هو ملاحظة ومتابعة استعمالهم للفظ المصطلح في لغتهم العلمية. ومن خلال الاستقراء لاستخدام هذه الكلمات الثلاث في لغة المحدثين والفقهاء من أصحابنا الإماميين نجدها جميعًا تستعمل في الحكاية عن السنة الشريفة.

 

وإذا أريد استعمالها في غير هذا في لغتهم العلمية تقيد بما يدل على المراد. فالحديث، وكذلك الخبر، ومثلهما الأثر، تدل على معنى واحد هو السنة.

 

فهي قد تحكي قول المعصوم، وقد تخبر عن فعله أو إمضائه (تقريره). وعليه، لسنا بحاجة إلى ذكر ما ذكروه. وفيما ذكره أصحابنا المؤلفون من الإمامية خلط بين مفاهيم علم الحديث عندنا ومفاهيم علم الحديث عند أهل السنة، ذلك أنه قد أثر عن بعضهم اعتبار قول الصحابي من السنة - ولعل الشاطبي في (الموافقات) أشهر من قال بهذا واستدل له - فمن هنا جاءت التفرقة عند بعضهم بين الأثر حيث يختص بإطلاقه - كمصطلح علمي - على سنة الصحابة، والحديث حيث يختص بإطلاقه على سنة النبي (ص).

 

أما نحن الذين لا نقول بسنيّة قول الصحابي لا نكون بحاجة إلى ذكر هذا الفرق.

 

الرواية:

 

الرواية - في اللغة العربية - تعني النقل: وفي مصطلح المحدثين تعني نقل الحديث بالإسناد. هذا إذا أريد منها المصدر. وإذا أريد منها اسم المفعول فتعني الحديث المنقول بالإسناد. وقد يراد بها مطلق الحديث مسندًا أو غير مسند. وتطلق في كتب الفقه الاستدلالي، وبخاصة عند متأخري المتأخرين من فقهاء الإمامية كالشيخ محمد حسن النجفي والشيخ يوسف البحراني والسيد محسن الحكيم والشيخ حسين الحلي والسيد علي شبر والسيد أبي القاسم الخوئي على ما يقابل الحديث الصحيح والحسن والموثق من أقسام الحديث الأربعة، مما يشير إلى عدم تصحيحها لديهم أو تحسينها أو توثيقها. يرجع للوقوف على هذا إلى كتبهم الاستدلالية كالجواهر والحدائق والمستمسك والدليل والعمل الأبقى والتنقيح وغيرها.

 

الراوي والرواية:

 

كلمة (الراوي) من الألفاظ المستعملة عند العرب على المستوى الثقافي في حامل الشعر وناقله، فقد ذكر تاريخيًّا أن لكل شاعر عربي من شعراء الجاهلية المعروفين راويًا يحفظ شعره عن ظهر قلب، وينقله إلى الآخرين. ومنه عرفت في أوساطهم الثقافية رواية الشعر، وقد انسحب هذا على رواية الحديث عن النبي (ص) فأطلقوا على من يرويه عنه (ص) اسم (الراوي).

 

ومن هنا قالوا في تعريفهم للراوي - معجميًّا -: (راوي الحديث أو الشعر: حامله وناقله، وجمعه: راوون ورواة). والرواية: هو من كثرت روايته. والتاء فيه للمبالغة مثلها في علامة وفهامة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد