مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

ماذا نصنع مع الوقت الفائت؟ أيمكن تدارك الماضي؟

كنز ثمين!

 

الوقت هو أغلى ما نملك، لكنّنا عادة ما لا نعرف قدره، وحين نلتفت إلى أنفسنا نجد أننا أهدرنا قدرًا كبيرًا منه، وأنّه ضاع من أيدينا. وههنا يداهمنا شعور ثقيل باليأس والقنوط، فيسلبنا الحافز على الإفادة الصّحيحة من يومنا وغدنا، لكن ما هو الحلّ؟ وكيف لنا أن نحول دون هدر الوقت؟

 

لم أستفد كما ينبغي من وقتي، فماذا أصنع؟

 

أوّل خطوة في هذا الطّريق هي أن نستحضر باستمرار قضيّة أنّ الوقت هو أغلى ما نملك وأنّ علينا الحذر من التّفريط به. روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قوله: "من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه" (أعلام الدين: ص 179). أي لا بدّ للزّمان أن يكون عندنا من القيمة بحيث إنّنا نبكي على مضيّه، وهذا بحدّ ذاته يجعلنا نحرص على مستقبلنا، ونعرف قدر قادم الأيام.

 

لكن ما المراد من البكاء هنا؟ لا شكّ أنّه لا يعني حالة البكاء والتّحسّر والحزن التي تورث صاحبها الاكتئاب، فإنّ الدّاعي إلى البكاء هنا ليس القضايا الدّنيويّة التّافهة والعابرة، بل هو بكاء الإنسان على ضياع أهمّ ما يملك، وهو ما كان يُفترض أن يستدرّ به رضا ربّه، فإنّ مستوى هذا الهاجس هو في منتهى العلوّ والرّفعة.

 

تدارَك ما بقي من عمرك!

 

لكن كيف لنا أن نبكي ونحزن على ما مضى من أيّامنا، وفي الوقت ذاته لا نكتئب ولا تسوء حالنا؟ أيّ لغز هذا؟ يقول إمامنا أمير المؤمنين عليه السّلام فيما روي عنه: "بقيّة عمر المؤمن لا قيمة لها، يدرك بها ما قد فات، ويُحيي ما مات". (الدّعوات: ص 122).

 

نظرة كلّها أمل وتفاؤل

 

أترى كم هي نظرة رائعة وتبعث على الأمل؟ يقول: مستقبل المؤمن لا يمكن أن يقيّم بقيمة، بل أغلى من ماضيه. لماذا؟ لأنّك تستطيع في المستقبل أن تفيد من أيّام عمرك وساعاته ولحظاته بالشّكل الذي يبدّد ما تراكم في صدرك من حسرات بسبب تضييع الماضي، فباستطاعتك أن تتدارك فيه كلّ ما فاتك في الماضي، وتحيي كلّ ما مات منه، مع نظرة كهذه لا يبقى للإنسان مجال لليأس والقنوط.

 

إنّه زمان التّحليق

 

لكي نحلّق فإنّنا بحاجة جناحين: جناح الخوف، وجناح الرّجاء، وعلينا أن نخاف ونحزن على الأوقات التي ضيّعناها، ولا بدّ في الوقت ذاته أن يحدونا الأمل ونفرح بالزّمان الذي في متناول أيدينا، بهذين الجناحين بالذّات نستطيع أن نحلّق في الأعالي، وإلّا فإمّا أن نقع في فخّ اليأس، أو نسقط في وادي الغفلة واللامبالاة.

  

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد