متابعات

جوادي الآملي: الحوزة العلمية اختزلت العلوم كلها بالفقه وأهملت العلوم العقلية والأخلاق


قال المرجع الديني آية الله الشيخ عبدالله جوادي الآملي ان “ما حصل في الحوزة هو اننا اختزلنا جميع العلوم في الفقه واهملنا العلوم العقلية والاخلاق لسذاجة ما نعرفه عن معنى الاخلاق بحيث ترانا نعالج المشاكل الاخلاقية بالحلول الشفوية الصرفة وننسى ان الاخلاق علم وليس وعظًا لسانيًا”.
وفي درس الاخلاق الاسبوعي  لآية الله جوادي الآملي الذي حضره جمع من طلبة العلوم الدينية والجامعيين ومحبي القرآن والعترة النبوية في مؤسسة الاسراء العالمية لقضية التعلم والعلم وقال: قد فَرَضَ علينا ديننا التعلم اشفاقا بنا فاذا حاولنا الانتقال من الجاهلية الى العقلانية لا مناص لنا من التثقف والتعلم ولغاية حرص الدين على تعليمنا وسلوكنا طريق التفقه والوعي وجب التعلم علينا.
وأكد الاستاذ البارز في الحوزة العلمية في مدينة قم: تجد من العلوم ما هو واجبٌ عينيًا وترى الضرب الاخر منها ما هواجبٌ كفائيًا ولم يكتفِ هذا الدين بالتوصيات الكلية ليبين ان العلم هو السبيل الوحيد الذي يُمَكِّن تبديل الجهلاء الى عقلاء . وأضاف الآملي: اذا أمْعَنتَ النظر في تراثك الديني لوجدت ان التعليمات الدينية تحرضك على اقتفاء العلم ويصل الاهتمام لحد ان تراه يبين ما هو المطلوب قراءته، روي عن الرسول وعن الامام الصادق معا ” العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة “، فمرد الآية المحكمة الدين والاثنان الاخران: احدهما معناه الفقه والآخر الاخلاق والحقوق".
واشار سماحته لبعض المشاكل العلمية المستفحلة في الحوزة العلمية وقال: ما حصل في الحوزة هو اننا اختزلنا الضروب الثلاثة المشار إليها آنفا في الفقه واهملنا العلوم العقلية والاخلاق لسذاجة ما نعرفه عن معنى الاخلاق بحيث ترانا نعالج المشاكل الاخلاقية بالحلول الشفوية الصرفة وننسى ان الاخلاق علم وليس وعظا لسانيا. واذا دققنا في علم الاخلاق لنراه في بعض قضاياه أدقُ من الفقه والاصول، فالسؤال هو ما يحدث في قرارة انسان ما يفقه علم ما ويعظه عند اعتلائه المنبر وينتهك العلم الذي كان يعظه حين اختلائه مع نفسه؟ لماذا يحصل ان نجد عالما لا يعمل على غرار علمه؟ وهو على يقين باحتواء القرآن هاتيك العظة وتراه يطفق يُدَرِّس المادة عينها ولكن وعلى عكس ما يتشفه به يقترف ذنب النظر الى الحرام عند هبوطه المنبر، اين تكمن المشكلة؟ لو اسبرنا العلة لوجدنا المعاناة تكمن في كوننا نجهل النفس وما تضمره وكلما طال جهلنا بالنفس كلما بقيت المشكلة عويصة وهل تحتل العقدة بالعظة الصرفة؟
وقال آية الله جوادي: ان حديث “من عرف نفسه فقد عرف ربه” يتطلب الامعان والنظر المعمق، ومعناه ان الصراط الوحيد لمعرفة الله هو العلم، واذا عرف الانسان ربه لوجد الدين في دخيلة نفسه، قد خلقنا الله برأس مال وضعه في سرائرنا امانةً، يوجد فينا رب بيت وضيف وواجب المروءة والغيرة يحتم علينا ان لا ندعو الغرباء من غير اذن، المروءة والغيرة تعد من اسمى سمات المؤمن.
واضاف: يجب ان تجتمع ثلاثة اصول وفضائل كي تكتمل الغيرة في المؤمن، الأولى منها هي تطهير الذات من الغير وان لايدخل على غير الله، والاخرى معرفة الهوية، والاخيرة العلم بماهية المعرفة، واكتمال الصفات المذكورة اعلاه تكون الغيرة وعند الاحتضاء بهن يغدو المؤمن غيورا ونعلم ان احدى صفات الله السامية هي كونه غيور فهذه الصفات هي محاولة للتشبه بالله، فقال الامام علي في نهج البلاغة ان المرء اذا تحلي بالغيرة لا يقترف الزناء.
واختتم المفسر البارز قوله بالتلميح الى كون الانسان خلق بمؤؤنة باطنية تمده في سلوك طريق الحياة وقال: يجب ان نجعل الغيرة قياسا نقيس بها كل ما حصل وصادفناه في سلوكنا الدنيوي واذا هو يلائم الغيرة ام يعارضها فيقول الله في سورة النحل مبينا لما اتى سالفا:كنتم عند خروجكم من بطون امهاتكم لا تفقهون شيئا فكنتم صحيفةً بيضاء “فالهمها فجورها وتقواها” فاياكم ان تتعلموا علما يعارض ما استحله لكم من حللتم في بيته، انه اعلم بما تفتقرون له وما يصلح لكم ان تتلقوه وتتعلموه، اذن الحذار الحذار من تعلم علمًا يعدل عن الغيرة ولايرعاها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد