الدكتور عبد الهادي الفضلي ..
تعريفها:
عُرّفت القدرة بأنها الصفة التي يتمكن الحي معها من الفعل والترك بالإرادة.
وإضافة قيد (بالإرادة) إلى التعريف تعني أن القدرة من صفات الفاعل المريد أو الفاعل المختار كما يسمونه أيضاً.
وتسمية الفاعل بالمريد والمختار معاً لأنه لا فرق بين الإرادة والاختيار إلا في الاعتبار، ذلك أن المختار يطلق على الفاعل باعتبار أنه ينظر إلى الطرفين (الفعل والترك) ويختار أحدهما، والمريد يطلق عليه باعتبار أنه ينظر إلى الطرف الذي يريده أي يرجحه.
ويقال القدرة: الإيجاب.
والإيجاب: هو وجوب صدور الفعل عن الفاعل بحيث لا اختيار ولا حرية له في تركه.. كالشمس في إشراقها، والنار في إحراقها.
إثباتها:
والدليل على أن الذات الإلهية متصفة بالقدرة، أو أن اللّه تعالى قادر مختار، يتألف من قياس استثنائي هو:
كلما كان العالم محدثاً × كان المؤثر فيه قادراً مختاراً.
ويتم الاستدلال بهذا القياس بإثبات كلتا قضيتيه، فنقول:
1 - تقدمت البرهنة على إثبات القضية الأولى في موضع (إثبات الذات الإلهية) بما لا مزيد عليه هنا.
2 - وبرهان إثبات القضية الثانية يتلخص في: أن المحدَث - وهو العالم - تتصف ماهيته بالعدم تارة وبالوجود أخرى، فيقال: (العالم معدوم) و (العالم موجود)، وهذا يدل على إمكانه.
وإذا ثبت إمكانه لزم افتقاره إلى المؤثر.
والمؤثر إمّا أن يكون مختاراً أو موجَباً.
فإن كان مختاراً فهو المطلوب.
وان كان موجَباً لزمه أن لا يتخلف أثره عنه في الوجود.
وهذا يلزم منه إمّا قدم الأثر وإما حدوث المؤثر، وذلك للتلازم بين الفاعل الموجب وأثره.
وكلا الأمرين (قدم الأثر الذي هو العالم) و(حدوث المؤثر الذي هو اللّه تعالى) محال.
وفي ضوئه ننتهي إلى الخلاصة التالية:
«لو كان اللّه تعالى موجَباً لزم إما قدم العالم أو حدوث اللّه تعالى، وهما باطلان، فثبت أنه تعالى قادر مختار وهو المطلوب»(1).
عموم قدرته تعالى:
يراد بذلك أن قدرته تعالى تتعلق بجميع المقدورات من غير استثناء.
والدليل على ذلك:
أنه لا مانع يمنع من تعلق قدرته بجميع المقدورات بالنسبة إلى ذاته، وبالنسبة إلى المقدورات.
أما انتفاء المانع بالنسبة إلى ذاته «فهو أن المقتضي لكونه تعالى قادراً هو ذاته، ونسبتها إلى الجميع متساوية لتجردها، فيكون مقتضاها أيضاً متساوي النسبة وهو المطلوب».
وانتفاء المانع بالنسبة إلى المقدور «فلأن المقتضي لكون الشيء مقدوراً هو إمكانه، والإمكان مشترك بين الكل فتكون صفة المقدورية مشتركة بين الممكنات وهو المطلوب».
والنتيجة:
« إذا انتفى المانع بالنسبة إلى القادر وبالنسبة إلى المقدور وجب التعلق العام، وهو المطلوب»(2).
ولكن ذهب الحكماء ... إلى أن المبدأ الأول بما أنه واحد لا يمكن أن يصدر عنه من جهة واحدة إلا واحد.
...[و] أشكل عليهم بأن في هذا تحديداً للقدرة الإلهية ونسبة العجز إلى الذات المقدسة.
...[و] أنهم أجابوا ... بأن العجز في القابل وليس في الفاعل...
وذهب النظّام - من أئمة المعتزلة - إلى أن اللّه تعالى لا يوصف بالقدرة على المعاصي والشرور لأنها من القبيح، وفعل القبيح ليس بمقدور له تعالى.
واستدل بأن القبح صفة ذاتية للقبيح، وهو المانع من إفاضة الوجود عليه، ومن فعله.
وإذا كان هكذا ففي تجويز وقوع القبيح منه تعالى قبح أيضاً.
فيجب أن يكون هذا مانعاً من أن يوصف بالقدرة على القبيح.
والنظّام بهذا متأثر بقدماء الفلاسفة الذين قالوا بأن الجواد الذي لا بخل في ساحته لا يجوز عليه أن يدخر شيئاً.
وعليه : فما أبدعه وأوجده هو المقدور.
«ولو كان في علمه تعالى ومقدوره ما هو أحسن وأكمل مما أبدعه نظاماً وتركيباً وصلاحاً لَفَعَلَهُ»(3).
وهذا - كما ترى - مغالطة منه، ذلك أن القدرة على فعل القبيح ليست من القبيح .
والمسألة - فيما أرى - لا تحتاج إلى مزيد مناقشة بأكثر من هذا الرد المختصر .
_____________
(1) النافع يوم الحشر20.
(2) م . ن .
(3)الملل والنحل 1/54.
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الإسلام وميول الإنسان
شروط البحث
الزهراء للإمام عليّ: اشتملت شملة الجنين (1)
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة