السّيّد محمّد باقر الصّدر
بين العناصر المشتركة في عمليّة الاستنباط، عنصر مشترك يدخل في جميع عمليّات استنباط الحكم الشّرعيّ بكِلا نوعيها:
1) ما كان منها قائماً على أساس الدّليل.
2) وما كان قائماً على أساس الأصل العمليّ. [الأصول العمليّة: قواعد الأحكام التي يرجع إليها الشاكّ الذي لا يستطيع أن يقطعَ بالحكم أو يعمل بظَنّه، وهي الاستصحاب، والبراءة، والاحتياط، والتّخيير]
وهذا العنصر [المشترَك] هو حجّيّةُ القَطع.
ونريد بالقطع انكشافَ قضيّة من القضايا بدرجة لا يشوبها شكّ.
ومعنى حجّيّة القطع يتلخّص في أمرين:
أحدهما: إنّ العبد إذا تورَّط في مخالفة المولى نتيجة لعملِه بقطعه واعتقاده، [فلن يُعاقبه المولى]، وللعبد أن يعتذر عن مخالفته للمولى بأنّه عملَ على وفق قطعه.
كما إذا قطعَ العبدُ خطأً بأنّ الشّراب الذي أمامه ليس خمراً فشربه اعتماداً على قطْعه، وكان الشّراب خمراً في الواقع، [فلن يعاقبه المولى] على شُربه الخمر ما دام قد استند إلى قطعه.
وهذا أحد الجانبين من حجّيّة العلم [القطع]، ويُسمّى بجانب المعذريّة. [أي كَون القَطع بعدم التّكليف معذراً للمكلَّف]
والآخَر: إنّ العبد إذا تورّط في مخالفة المولى نتيجةً لتَركه العمل بقطعه، فللمولى أن يعاقبه ويحتجّ عليه بقطعه.
كما إذا قطع العبدُ بأنّ الشّراب الذي أمامَه خمرٌ فشربَه، وكان خمراً في الواقع، فإنّ [المولى سيُعاقبه] على مخالفته، لأنّ العبد كان على علمٍ بحُرمة الخمر وشربَه، فلا يعذَر في ذلك.
وهذا هو الجانب الثّاني من حجّيّة القطع، ويسمّى بجانب المنجزيّة. [أي صيرورة الأمر نافذاً بعد القطع بصدوره عن المولى تبارك وتعالى]
وبديهيّ أنّ حجّيّة القطع بهذا المعنى الّذي شرحناه لا يمكن أن تستغني عنه أيّ عمليّة من عمليّات استنباط الحكم الشّرعيّ، لأنّ الفقيه يخرج من عمليّة الاستنباط دائماً بنتيجة، وهي العلم بالموقف العمليّ تجاه الشّريعة وتحديده على أساس الدّليل أو على أساس الأصل العمليّ.
ولكي تكون هذه النّتيجة ذات أثر، لا بدّ من الاعتراف مسبقاً بحجّيّة القطع؛ إذ لو لم يكن القطع حجّة، ولم يكن صالحاً للاحتجاج به من المولى على عبده، ومن العبد [أمام]مولاه، لكانت النّتيجة التي خرج بها الفقيه من عمليّة الاستنباط لَغواً، لأنّ عمله ليس حجّة.
ففي كلّ عمليّة استنباط لا بدّ، إذاً، أن يدخل عنصر حجّيّة القطع لكي تعطي العمليّة ثمارها ويخرج منها الفقيه بنتيجة إيجابيّة. وبهذا أصبحت حجّيّة القطع أعمّ العناصر الأصوليّة المشتركة وأوسعها نطاقاً.
وليست حجّيّة القطع عنصراً مشتركاً في عمليّات استنباط الفقيه للحكم الشّرعيّ فحسب، بل هي في الواقع شرطٌ أساسيّ في دراسة الأصوليّ العناصرَ المشتركة نفسها أيضاً. فنحن حينما ندرس مثلاً مسألة حجّيّة الخبر أو حجّيّة الظّهور العرفيّ، إنّما نحاول بذلك تحصيل العلم بواقع الحال في تلك المسألة، فإذا لم يكن العلم والقطع حجّة، فأيّ جدوى في دراسة حجّيّة الخبر [خبر الثّقة]، والظهور العرفيّ. [هو الرجوع إلى العُرف العامّ في فهم الكلام الصادر عن المعصوم عليه السّلام].
فالفقيه والأصوليّ يستهدفان معاً من بحوثهما تحصيل العلم بالنّتيجة الفقهيّة «تحديد الموقف العمليّ تجاه الشّريعة»، أو الأصوليّة «العنصر المشترك»، فبدون الاعتراف المسبق بحجّيّة العلم والقطع تصبح بحوثهما عبثاً لا طائل تحته، وحجيّة القطع ثابتة بحكم العقل.
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الإسلام وميول الإنسان
شروط البحث
الزهراء للإمام عليّ: اشتملت شملة الجنين (1)
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة