السيد علي عباس الموسوي
وأمّا فيما يرتبط بجانب الملاحظات المسجّلة على علم اجتماع الدين ودراسة الدين كظاهرة اجتماعيّة غربية المنشأ فيرجع إلى النقاط التالية:
1 ـ الطابع العلمانيّ ومسألة الموضوعيّة؛ يؤخذ على نشأة علم اجتماع الدين أنه اعتمد منذ البدء أسلوب ومنهجية الدراسة ذات الطابع العلمانيّ النزعة، فلا يُظهر أيّ تعاطف مع القيم الدينية، وإنّما يتعامل معها بطريقة تصل إلى حدّ الموقف السلبيّ الثابت منها. لكنّ هذه التوجّهات وإن كانت الأكثر انتشاراً حتّى إنّ البعض طرح مسألة ما إذا كان من الضروريّ أن يكون دارس الظاهرة الدينية والعالم الدينيّ من خارج دائرة المؤمنين حتّى تكون دراسته سوسيولوجية وتتّسم بالعلمية. ولا يزال السؤال مطروحاً وبقوّة ولكن ورغم هذا هناك مجموعة من الدراسات والتوجّهات السوسيولوجية التي تناولت البعد النفعيّ للدراسات السوسيولوجية لدعم المؤسّسات الدينية في سعيها لتوسيع آثارها الاجتماعية.
ومن مظاهر اللاموضوعية في ذلك تجاهل سائر الأسباب وحصر سبب الأديان بالجهل المعرفيّ لدى الإنسان، فوظيفة الدين ـ لدى هؤلاء ـ تتمثّل فى أنه يقدّم للأفراد التفسير لمشاكلهم الحياتية، ويمدّهم باستراتيجية لقهر اليأس والشعور بالإحباط، لذلك فالدين ظاهرة اجتماعية يتعايش ويكتسب كثيراً من جوانب معايشته وتفاعله مع الجماعة.
2 ـ الدخول في مسألة الحقّانية؛ من أخطاء دراسة الدين كظاهرة
اجتماعية سلبية النشأة في هذه الدراسة، فرجوع نشأة ذلك إلى الموقف الرافض للأديان بشكل عامّ أدى إلى اعتبار الوصول إلى بعض الأسباب الموجبة للتمسّك بالدين لدى بعض المجتمعات الدينية سبباً للحكم على الأديان بعدم حقّانيتها، باعتبار أنّ معرفة السبب سوف تؤدّي إلى زوال الظاهرة بزوال سببها.
وأحيانا تعود النشأة في ذلك إلى الدفاع عن دين مقابل الأديان الأخرى حيث حاولت الكنيسة في الغرب ودفاعاً منها عن المسيحيّة إلى اعتبار الأديان الأخرى مرحلة سابقة في تطوّر الأديان بتبنّي نظريّة دارون في التطوّر وتطبيقها على الأديان بمقولة أنّ المظاهر الدينية التي يتمتّع بها المسلمون أو غيرهم تعتبر بداية سابقة للتطوّر الدينىّ المسيحيّ الأوربيّ.
وما كان لا بدّ منه أن يدرك الباحثون أنّ دراسة الظاهرة الدينية لا تعطي صلاحية الحكم على نفس الدين.
3 ـ الخلط في المنهج؛ عندما تتمّ دراسة الدين كظاهرة اجتماعية لا بدّ من البحث عنها بأدوات علم الاجتماع باعتبار أنّ هذا الفرع العلمي أي علم اجتماع الدين يرجع إلى علم الاجتماع العامّ، والمشكلة عندما يتمّ الخلط في الأدوات فيعمل على نقد المعتقدات الدينية أو تسجيل الملاحظات على بعض التطبيقات المرتبطة بالأديان أو بعض نوايا علماء الدين، وهي مساحات لا تدخل ضمن نطاق عمل علم اجتماع الدين. وكمثال على ذلك يتمّ دراسة أيّ ظاهرة دينية منتشرة في مجتمع ما ويتمّ اتّهام رجال الدين بأنهم وراء نشأة هذه الظاهرة، وأنّ هذه الظاهرة لا تمتّ إلى الدين بصلة لمجرد مشاهدة ملاحظات من قبل بعض الأفراد في بيئة محدّدة.
بالنظر إلى الإيجابيّات المثبتة لأهميّة دراسة الدين كظاهرة اجتماعية، وإلى الملاحظات المسجّلة على الدراسات التي وقع فيها الباحثون في علم اجتماع
الدين، يبدو للباحث أنّ معالجة علم اجتماع الدين لا بدّ وأن تحتلّ أولوية خاصّة لدى الباحثين الإسلاميّين، لارتباط ذلك بمدى وعي الدين وفهم أدواره، وبهذا يتمّ السعي لتحقيق الأهداف التالية:
1 ـ بناء علم اجتماع دين إسلاميّ؛ ضمن مشروع أسلمة العلوم الإنسانيّة ذي الأهميّة البالغة لا بدّ وأن يتمّ العمل على تأسيس علم اجتماع دين إسلاميّ، يتناول دراسة الأديان، وفي الأبحاث الإسلامية العديد من الدراسات التي تناولت نزعة الغرب للتخلّي عن الدين، وهذه المسألة التي انطلق البحث فيها إحساساً بخطورة سريانها في المجتمعات الإسلاميّة لا بدّ من النظر إليها بنحو منهجيّ حتّى لا تبقى شتاتاً متفرّقاً.
2 ـ تحويل علم اجتماع الدين إلى خادم للدين ووسيلة لتلافي المخاطر المحدقة بالدين الإسلاميّ، وذلك بتحويل نظرة الحذر والخوف من العلوم الحديثة الوافدة إلى نظرة المستفيد المستثمر لها فيما يخدم الأهداف المنشودة.
3 ـ تقديم رؤية مغايرة لعلم اجتماع الدين لا تتّسم بالطابع العدائي للأديان الذي وسم الدراسات الغربية لموضوعة الدين. وبهذا يمكن تقديم الجديد الموضوعيّ في هذا المجال.
4 ـ تلافي الأخطاء التي وقع فيها علم اجتماع الدين في الدراسات الغربية، من خلال عدم الخوض في حقّانية الأديان، وترك ذلك لعلم الأديان أو مقارنة الأديان، بنحو نأمن فيه من الخلط في المنهج أو في الأدوات المعرفية المختصّة بكلّ علم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبدالكريم الحبيل: أخلاق فاطمة الزهراء عليها السلام
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (5)
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (4)
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة