علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

الأطفال يعوّضون نقص التركيز بالإبداع

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

 

يواجه الأطفال صعوبة في التركيز على المهام التي يعملون عليها، لكنهم يجيدون غالبًا البحث عن "حيل" غير ظاهرة لتسهيل المهمة التي يعملون عليها. التغييرات الإستراتيجية العفوية تساعدهم على فعل ذلك، وفقًا لدراسة في سلوك التعلم لدى الأطفال أجراها معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية في برلين (1).

بالمقارنة مع الراشدين [بعمر 20 سنة وأكبر]، الأطفال غير قادرين على التركيز بعد، ويتذكرون بشكل أقل، ومدة انتباههم أقصر نسبيًا. هذا يرجع إلى مرحلة التطور المعرفي التي يمرون بها (2). ونتيجةً لذلك - كما هو مفترض حتى الآن - أنهم يعانون من نقطة ضعف عند حل المهام / المسائل [المترجم: حل المهام / المسائل هي قدرة الطفل على إدراك طبيعة المسألة وتحليلها واقتراح طريقة حل لها (3)]. بيد أن دراسة أجرتها مجموعة ماكس بلانك للأبحاث بعنوان "NeuroCode (4) - "دراسة NeuroCode هي الأساس العصبي والحوسبي للتعلم والذاكرة واتخاذ القرار". في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية - أثبتت أن التركيز الواسع النطاق للانتباه [المترجم: الانتباه واسع النطاق هو الإدراك الحسي لعدة أشياء في الوقت نفسه (5)] قد يكون أيضًا بمثابة ميزة: الأطفال جيدون في معالجة المعلومات / البيانات غير ذات الصلة بالمسألة [أي المعلومات الضرورية لحل مسألة من المسائل (6)] واستخدامها لإيجاد استراتيجيات / طرق / أساليب جديدة ومبتكرة بشكل تلقائي عند حل المهام / المسائل.

 

يُظهر الراشدون أيضًا تغييرات تلقائية في إستراتيجايتهم عند حل المهام / المسائل، على غرار ما يسمى بـ "لحظات الأها" [المترجم: أي لحظات تجلي الفكرة / الإلهام فجأة وهي لحظة تسمى أيضًا "وجدتها أو لحظة اليرريكا]. التي تجعل حل المهمة أكثر سهولةً. الورقة المنشورة في مجلة PloS ONE7، تثبت أنه على الرغم من أن أداء الأطفال أسوأ بشكل ملحوظ عند حلهم للمهام / المسائل باستخدام استراتيجيات / أساليب تقليدية، كالانتباه المركّز (أي الخالي من التشتت)، فإن احتمالية إتقانهم للمهام تماثل احتمالبة إتقان الراشدين لاستخدام إستراتيجيات القدرة على تحويل الانتباه التلقائي / العفوي بين شيئين / موضوعين وأكثر.

"تثبت نتائجنا أنه على الرغم من أن الأطفال غالبًا ما يكونون غير مركزين، وانتباههم يمكن أن يُشتت بسهولة بشكل أكبر ما يسهل تشتيت انتباه الراشدين، إلا أنهم يتمتعون بمرونة مدهشة في اكتشاف حلول جديدة تمامًا". حسبما قال باحث علم النفس والأعصاب نيكولاس شوك Nicolas Schuck، رئيس مجموعة ماكس بلانك للأبحاث "NeuroCode" في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية. وأضاف شوك: "خاصة بالنظر إلى عدم تطور قدراتهم على التركيز بشكل كامل بعد، فهذه نتائج تعدّ مهمة للبحث في سلوك التعلم لدى الأطفال".

 

الدراسة، التي لا تزال مستمرة منذ عام 2013، استخدمت الطريقة التالية لإجراء البحث: طُلب من 47 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 8 و 10 سنوات و 39 شابًّا تتراوح أعمارهم بين 20 و 35 عامًا القيام بنفس مهمة اتخاذ قرار. في هذه المهمة، طُلب منهم تحديد موضع نسق باستخدام واحدة من إجابتين محتملتين. في البداية لم يكن لون النّسق ذا صلة بالإجابة الصحيحة، ولكنه بدأ في أن يكون ذا صلة قريبة من الإجابة الصحيحة تدريجيًّا مع تقدّم المهمة. عندما لاحظ المشاركون ذلك، تمكنوا من حل المهمة بشكل أكثر كفاءة وسهولة. لم يُبلَّغ المشاركون بأنه ستكون هناك عوامل أخرى تؤثر في أساليب / استراتيجيات الحل الممكنة، ولكن يمكنهم فقط العثور على هذه العوامل بشكل مستقل. فريق NeuroCode في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية، بالتّعاون مع باحثين من جامعة غوته في فرانكفورت الألمانية Goethe Frankfurt am Main، وجامعة فيرن في هاغن الألمانية FernUniversität Hagen، وجامعة هامبولد في برلين Humbold University Berlin، وجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني الأسترالية UNSW Sydney. وجامعة PFH في غوتينغن الألمانية PFH Göttingen، تمكن من التوصل إلى النتائج التالية: بالمقارنة،مع مجموعة الشباب، كان أداء الأطفال أسوأ في حل المهمة / المسألة، حيث كانت إجاباتهم غير صحيحة وسابقة لأوانها. ومع ذلك، فقد كانت نسبة الأطفال (27.5٪) الذين اكتشفوا واستخدموا استراتيجية الألوان المفيدة مشابهة جدًّا لنسبة الشباب (28.2٪).

 

ما دام الأطفال يستخدمون فقط الاستراتيجيات والقواعد الأولية المتاحة، والتي تتطلب التركيز والمثابرة (الاستمرار في التركيز)، فإن أداءهم في حل المهمة كان أداءً سيئًا. ومع ذلك، كان عدد الأطفال الذين اكتشفوا قاعدة اللون واستخدموها مساويًا لعدد الشباب. وهكذا، على الرغم من أن أداء الأطفال كان سيئًا في جميع مجالات التحكم المعرفي (8)، إلا أن نسبة متساوية منهم تقريبًا مقارنة بالشباب تمكنوا من التحسن خلال "لحظة الآها،" وبالتالي اكتسبوا ميزة أداء مماثلة لأداء مجموعة الشباب.

المعرفة المكتشفة حديثًا بشأن "لحظة الآها" كانت نتيجةً مهمةً من نتائج هذه الدراسة. "تقدم النتائج التي توصلنا إليها دليلًا على أنه يجب على التربويين وأولياء الأمور والمعلمين أن يكونوا أقل إصرارًا على تطبيق القوانين الصارمة، وألَّا يصروا على تعليم الأطفال بالطريقة الجامدة الوحيدة فقط لحل المشكلات، بل لا بد أن يعطوا قيمة للتركيز الواسع لنطاق للانتباه [وهو الإدراك الحسي لعدة أشياء في أن واحد] ويشجعوهم عليه. النتائج التي توصلنا إليها تثبت التالي: يمكننا الحصول على مزيد من الثقة "في استراتيجيات حل الأطفال للمسائل بطرق إبداعية". كما تقول أنيكا لو Anika Löwe من فريق NeuroCode والمؤلفة المشاركة في الدراسة. وتقول إنه في المستقبل، في مجال علم نفس النمو المعرفي (3)، لا بد من أن يكون هناك المزيد من الأبحاث على العمليات الإبداعية بدلاً من أن تكون محصورة في نقص التركيز عند الأطفال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

مصادر من داخل النص وخارجه

1- "التعلم هو عملية تلقي المعرفة، والقيم والمهارات من خلال الدراسة أو الخبرات أو التعليم مما قد يؤدي إلى تغير دائم في السلوك، تغير قابل للقياس وانتقائي بحيث يعيد توجيه الفرد ويعيد تشكيل بنية تفكيره العقلية". مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/تعلم

2- "النمو المعرفي Cognitive development: تناولت نظرية بياجيه للنمو المعرفي كيف تتشكل الصورة الذهنية للعالم / المحيط عند الطفل.  ولم يكن بياجيه يرى أن الذكاء هو بالأساس سمة ثابتة وموروثة، بل اعتبر النمو المعرفي عملية تحدث بسبب النضج البيولوجي (الحيوي) والتفاعل مع البيئة، ويمر الأطفال خلال هذه العملية بسلسلة من المراحل -حسب بياجيه- هي: المرحلة الحسية الحركية (من الولادة وحتى عمر 18 - 24 شهرًا وهدفها التعرف على الأشياء)، مرحلة ما قبل العمليات الحسية (من 2- 7 سنوات وهدفها التفكير الرمزي)، ومرحلة العمليات الحسية (7 – 11 سنة وهدفها التفكير المنطقي)، ومرحلة الفكر الحدسي والعمليات المجردة (من سن 12 فما فوق وهدفها التفكير العلمي) تسلسل هذه المراحل عالمي، أي أنه يسري على مختلف الثقافات ويتبع نفس الترتيب الثابت حيث يمر جميع الأطفال بنفس المراحل بنفس الترتيب (ولكن ليس جميعهم بنفس المعدل)". وفي النص معلومات مفصلة عن هذه المراحل. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://atharah.com/piagets-stages-of-cognitive-development/

3- https://www.igi-global.com/dictionary/problem-solving-task/45040

4- https://www.academia.edu/11774828/Neurocode_Tracking_Based_on_Quantitative_Fast_Dynamic_EEG_Recording_in_Combination_with_Eye_Tracking

5- http://kldavis2.weebly.com/blog/types-of-attentional-focus

6- https://www.accountingtools.com/articles/what-is-relevant-information.html

7- https://journals.plos.org/plosone/article?id=10.1371/journal.pone.0266253

8- "الوظائف التنفيذية executive function (يُشار لهذه الوظائف مجتمعة باسم الوظيفة التنفيذية executive function والتحكم المعرفي cognitive control)، هي مجموعة من العمليات المعرفية الضرورية للتحكم المعرفي بالسلوك عن طريق اختيار ورصد السلوكيات التي تيسر تحقيق الأهداف المطلوبة. تتضمن الوظائف التنفيذية مجموعةً من العمليات المعرفية الأساسية مثل التحكم الانتباهي والكف / المنع inhibition المعرفي والتحكم التثبيطي والذاكرة العاملة والمرونة المعرفية. تتطلب الوظائف التنفيذية العليا استخدام عدة وظائف تنفيذية أساسية في آنٍ واحد وتتضمن التخطيط والذكاء السائل (مثل الاستدلال وحل المشكلات)". مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/وظائف_تنفيذية

المصدر الرئيس

https://www.mpg.de/18964200/0715-bild-pm-2022-july-149835-x

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد