المترجم: عدنان أحمد الحاجي
بالرغم من أنك تعرف جيدًا مرض السكري من النوع 1 والنوع 2، لكن من المحتمل أنك لم تسمع عن مرض السكري من النوع 1.5.
هذا النوع الأخير من مرض يُعرف أيضًا بداء السكري المناعي الذاتي الكامن لدى الكبار(1) (LADA)، ويتميز داء السكري من النوع 1.5 بسمات مرضي السكري من النوع 1 والنوع 2 (2).
من يعرف من الناس بهذا النوع من السكري في تزايد بعد أن كشف لانس باس في أغسطس 2024 عن إصابته بهذه الحالة.
إذًا، ما هو مرض السكري من النوع 1.5؟ وكيف يُشخص ويُعالج؟
هناك عدة أنواع من مرض السكري
داء السكري هو مجموعة من الحالات المرضية التي تنشأ عندما تكون مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم أعلى من المعدل الطبيعي. يوجد في الواقع أكثر من عشرة أنواع من مرض السكري (3)، ولكن النوع الأول والنوع الثاني هما أكثرها شيوعًا (4).
مرض السكري من النوع الأول هو مرض من أمراض المناعة الذاتية حيث يهاجم الجهاز المناعي للجسم ويدمر خلايا في البنكرياس التي تنتج هرمون الأنسولين. وهذا يؤدي إلى إنتاج كمية محدودة جدًّا وغير كافية من الأنسولين أو يتوقف إنتاجه البتة.
الأنسولين مهم لنقل الجلوكوز من الدم إلى خلايا الجسم لاستخدامه لإنتاج الطاقة، ولهذا السبب يحتاج المصابون بداء السكري من النوع الأول إلى العلاج بحقن الأنسولين يوميًّا (5). عادة ما يُصاب الأطفال أو الشباب بمرض السكري من النوع الأول (6).
مرض السكري من النوع 2 ليس مرضًا من أمراض المناعة الذاتية. بل يحدث ذلك عندما تصبح خلايا الجسم مقاومة للأنسولين بمرور الزمن، ولم يعد البنكرياس قادرًا على إنتاج ما يكفي من الأنسولين للتغلب على هذه المقاومة (7). بعكس مرض السكري من النوع الأول، يستمر المصابون بداء السكري من النوع الثاني بإنتاج بعض الأنسولين.
النوع الثاني هو الأكثر شيوعًا عند الكبار ولكن يُصاب به بشكل متزايد الأطفال والشباب (8). إدارة هذا النوع من السكري يمكن أن ينطوي على تغييرات سلوكية في التغذية والنشاط البدني، بالإضافة إلى تناول الأدوية عن طريق الفم وقد يحتاج إلى حقن الأنسولين (9).
بماذا يختلف مرض السكري من النوع 1.5 عن النوعين 1 و 2؟
كما يحدث في مرض السكري من النوع الأول، يحدث النوع 1.5 عندما يهاجم الجهاز المناعي خلايا البنكرياس التي تنتج الأنسولين. لكن المصابين بالنوع 1.5 لا يحتاجون مباشرةً في كثير من الأحيان إلى حقن الأنسولين لأن تطور حالتهم يحدث بشكل بطيء (2). سيحتاج معظم المصابين بداء السكري من النوع 1.5 إلى استخدام الأنسولين بعد خمس سنوات من التشخيص (10)، بينما يحتاج المصابون بالنوع الأول إلى حقن الانسولين عادة مباشرة بعد التشخيص.
عادة ما يُشخص مرض السكري من النوع 1.5 لدى الذين تزيد أعمارهم عن 30 سنة (2)، ويرجع ذلك على الأرجح إلى طبيعة تقدم المرض البطيء. هذا السن (30 سنة) هو أكبر من سن التشخيص المعتاد لمرض السكري من النوع الأول ولكنه لا يزال أصغر من سن التشخيص المعتاد للنوع الثاني.
يشترك مرض السكري من النوع 1.5 في العوامل الوراثية وعوامل المناعة الذاتية لاحتمال الإصابة (11) مع مرض السكري من النوع الأول، مثل المتغيرات الجينية (12) المعيّنة. ومع ذلك، فقد أثبتت القرائن أيضًا أنه قد يتأثر بعوامل نمط الحياة، مثل السمنة (13) وقلة النشاط البدني (14)، والتي ترتبط بشكل عام بمرض السكري من النوع الثاني.
ما هي أعراض سكري 1.5، وكيف يعالج؟
تختلف أعراض مرض السكري من النوع 1.5 بشكل كبير بين المصابين به. فالبعض لا تظهر عليهم أعراضه البتة. لكن بشكل عام، قد تظهر على المصابين الأعراض التالية:
العطش الشديد
التبول المتكرر
التعب البدني والإرهاق
ضبابية البصر (الرؤية) (15)
خسارة الوزن غير المقصود
عادة، يُعلاج مرض السكري من النوع 1.5 في البداية بالأدوية الفموية للحفاظ على مستويات السكر في الدم في المعدل الطبيعي. بناءً على التحكم في مستوى الجلوكوز والأدوية التي يستخدمونها، قد يحتاج المصابون بداء السكري من النوع 1.5 إلى مراقبة مستويات الجلوكوز في الدم بانتظام طوال اليوم.
عندما يرتفع متوسط مستويات الجلوكوز في الدم إلى ما هو أعلى من المعدل الطبيعي حتى مع تناول الأدوية الفموية، فقد يتطور العلاج إلى حقن الأنسولين. ومع ذلك، لا توجد استراتيجيات إدارة أو علاج مقبولة عالميًّا (16) لمرض السكري من النوع 1.5.
غالبًا ما يُشخص مرض السكريّ من النوع 1.5 تشخيصًا خاطئًا.
قال لانس باس إنه شُخص في البداية بمرض السكري من النوع الثاني، لكنه علم لاحقًا أنه مصاب بالفعل بمرض السكري من النوع 1.5. هذا ليس غير شائع تمامًا. تفيد التقديرات إلى أن مرض السكري من النوع 1.5 عادةً ما يُشخص تشخيصًا خاطئًا على أنه مرض السكري من النوع 2 بنسبة 5 إلى 10٪ من الحالات.
هناك عدة أسباب ممكنة لذلك.
أولاً، يتطلب التشخيص الدقيق لمرض السكري من النوع 1.5، وتمييزه عن الأنواع الأخرى من مرض السكري، فحوصات خاصة للأجسام المضادة (نوع من فحوصات الدم) للكشف عن علامات المناعة الذاتية (17). عادةً لا يطلب جميع الأطباء في الرعاية الصحية بالضرورة بإجراء هذه الفحوص بشكل روتيني، إما بسبب الخشية من التكلفة المرتفعة أو لأنهم قد لا يأخذون احتمال الإصابة بهذا النوع من السكري بالحسبان.
ثانيًا، مرض السكري من النوع 1.5 مرض شائعٌ في الكبار، لذلك قد يفترض الأطباء خطأً أن المريض مصاب بمرض السكري من النوع الثاني، وهو السكري الأكثر شيوعًا في هذه الفئة العمرية (بينما مرض السكري من النوع الأول عادة ما يصيب الأطفال والشباب).
ثالثًا، غالبًا ما ينتج المصابون بداء السكري من النوع 1.5 في البداية ما يكفي من الأنسولين في الجسم للتحكم في مستويات الجلوكوز في الدم دون الحاجة إلى البدء في استخدام حقن الأنسولين (2). وهذا قد يجعل حالتهم تبدو مشابهة جدًّا لمرض السكري من النوع الثاني، حيث ينتج المصابون به أيضًا بعض الأنسولين.
أخيرًا، نظرًا لأن مرض السكري من النوع 1.5 له أعراض (18) مشابهة لأعراض مرض السكري من النوع 2، لذلك يعامل في البداية على أنه من النوع 2.
ما زلنا نتعلم عن نوع 1.5
بالمقارنة مع مرض السكري من النوع 1 والنوع 2، الدراسات التي أجريت على مدى شيوع هذا النوع من السكري وخاصة بين السكان غير الأوروبيين أقل بكثير من الدراسات على الأوروبيين (19). في عام 2023، قُدِّر أن مرض السكري من النوع 1.5 يمثل 8.9% من جميع حالات مرض السكري، وهو مشابه للنوع الأول. ومع ذلك، نحتاج إلى مزيد من الدراسات للحصول على أرقام دقيقة.
بشكل عام، هناك وعي محدود بمرض السكري من النوع 1.5 ومعايير تشخيصية غير واضحة ما أدى إلى بطء في فهمنا لهذه الحالة.
قد يكون التشخيص الخاطئ مرهقًا ومربكًا. بالنسبة للمصابين بداء السكري من النوع 1.5، فإن التشخيص الخاطئ لمرض السكري من النوع 2 قد يعني أنهم لا يحصلون على حقن الأنسولين التي يحتاجونها في الوقت المناسب. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تدهور في الصحة وزيادة احتمال حدوث مضاعفات في المستقبل.
التشخيص الصحيح يساعد المصابين على الحصول على العلاج الأنسب، وتوفير المال، والحد من ضائقة مرض السكري (20). إذا كنت تعاني من أعراض تعتقد أنها قد ترجع إلى مرض السكري، أو كنت غير متأكد من التشخيص الذي تلقيته بالفعل من الطبيب، فراقب أعراضك وتحدث مع طبيبك.
ـــــــــــــــــــــــــــ
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/سكري_كامن_ذاتي_المناعة_لدى_الكبار
4- https://www.thelancet.com/journals/lancet/article/PIIS0140-6736(23)01301-6/fulltext
5- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6995794/
6- http://https://www.nature.com/articles/s41390-024-03107-5
8- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1871402121002733
10- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5111528/
11- https://www.nature.com/articles/nrendo.2017.99
12- "المتغير الجيني gene variant هو تغيير دائم في تسلسل الحمض النووي الذي يكوِّن الجين. يُعرف هذا النوع من المتغير الجيني بالطفرة الجينية، ولكن نظرًا لأن التغيرات في الحمض النووي لا تسبب دائمًا مرضًا، لذا يُعتقد أن المتغير الجيني المصطلح الأكثر دقة". ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://medlineplus.gov/genetics/understanding/mutationsanddisorders/genemutation/
13- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/29589073/
14- https://www.frontiersin.org/journals/physiology/articles/10.3389/fphys.2019.00320/full
15- https://ar.wikipedia.org/wiki/ضبابية_الرؤية
16- https://www.frontiersin.org/journals/endocrinology/articles/10.3389/fendo.2022.959011/full
18- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK557897/
19- http://https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1043276018301292
20 "ضائقة السكري: هي واحدة من الحالات النفسية التي تُصيب المصابين بداء السكري، والتي تتقاطع في سماتها مع الاكتئاب والقلق والخوف، وتنتج هذه الحالة كنتيجة رد فعل انفعالي للإصابة بالمرض. تؤدي هذه الحالة في الغالب إلى ممارسة عادات غير صحية مثل التوقف عن فحص نسبة السكر في الدم بشكل يومي، وأحيانًا تخطي مواعيد الطبيب وتعمد ذلك عن قصد. هذه المشاعر المعروفة باسم ضائقة السكري، تحدث للعديد - إن لم يكن معظم - مرضى السكري وغالبًا بعد سنوات من محاولات الرعاية لروتين السكري". مقتبس من نص ورد على عذا العنوان:
https://www.nahdionline.com/ar/blog/diabetics-mental-health/?srsltid
المصدر الرئيس
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان