العقل في اللغة الإمساك، يقال عقل الدواء بطنه أمسكه، وعقل زيد بعيره شدّه، والعقل الإدراك، يقال عقل الغلام أي بلغ مبلغ الرجال، والعقل الفهم يقال عقل الشيء فهمه وتدبره.
ويطلق العقل أيضًا على ما في الإنسان وسائر ذوي العقول من قوة التمييز، وهو بهذا المعنى نور روحاني وقوة ربّانية مودعة في الإنسان أو الملك والجنّ، فهو صفة جميلة من صفات الروح وفضيلة بارزة من فضائله وقوّة غريزية يستعد بها الإنسان لإدراك العلوم، فتدرك النفس بها حقيقة الأشياء حسب استعدادها، والعلوم الضرورية والنظرية، وحسن الأعمال وقبحها، وبها تمتاز ذوو العقول عن غيرهم من الحيوانات، وكما أن الحياة تهيئ الجسم للحركات الاختيارية والإدراكات الحسية، فكذا تلك القوة تهيئ الإنسان للعلوم النظرية والصناعات الفكرية، بل العقل شرع من داخل كما أن الشرع عقل من خارج.
ثم إن الظاهر أن المصطلح عليه عند الشرع والمتشرعة وفي الأبحاث الفقهية والأصولية هو العقل بهذا المعنى. وبه قد أخذ في الشريعة موضوعًا لأحكام كثيرة وافرة دخيلاً في توجه خطاباتها التكليفية والوضعية، ووقع في الفقه أحد منابع الأحكام ومدارك استنباطها ومعادن استخراجها، فوقع البحث عنه في جميع أبواب الفقه.
نظير ما ذكروا من أن العقل أحد الشرائط العامة لتوجّه التكاليف الفرعية الإلزامية أو مطلقًا، كما هو الحال في علم الكلام بالنسبة لمسائله الأصولية الباحثة عن المبدأ والمعاد، وإن الحكم ينقسم ابتداء إلى تكليف ووضع، ثم ينقسم الأول إلى خمسة أقسام والثاني إلى ستة، وكل مشروط بالعقل عدا الأول من أقسام الوضع، وتوضيح المطلب على نحو الإجمال أن يقال: إن التكاليف العقلية الأصولية والفروعية غير ثابتة في حق غير العاقل، وكذا الشرعية الإلزامية، بل وغير الإلزامية أيضًا، فلا أمر متعلق بالمجنون إيجابًا أو استحبابًا ولا نهي عليه تحريمًا أو إعافة.
وينتج ذلك أنه لا يترتب عليه الوضع المنتزع من التكليف، والوضع المنتزع منه التكليف، وكذا لا صحة لعقوده وإيقاعاته، ولا تجري في حقه الحدود التامة الجارية على البالغين، بل والناقصة الثابتة على غير البالغين، فيبقى منها الوضع غير المحتاج إلى النية كالنجاسة والطهارة من الخبث والحدث الأكبر والأصغر، وضمانه إتلاف نفس أو مال، فإن الظاهر ثبوت ذلك كله في حقه، لعدم الحاجة في ترتب المسببات فيها على أسبابها إلى النية، وفعل المجنون ليس بأدون من عدم القصد، فإذا مس بيده نجسًا برطوبة تنجست يده، وإذا غمسها في كرّ طهرت، وإذا أدخل في فرج المرأة أجنب، وإذا اغتسل لم يرتفع جنابته، بل تبقى إلى أن يعقل أو يموت لاحتياجه إلى النية، وإذا قتل نفسًا تعلقت الدية بالعاقلة، وإذا أتلف ما لا لم يضمنه ولا وليه وإن استند الإتلاف إليه إذا لم يكن مقصرًا في حفظه، والفارق بين ضمان النفس والمال قوله الصبي والمجنون عمدهما خطأ تحمله العاقلة.
تنبيه: هنا بحث آخر يتعلق بالعقل وهو كونه حجة من حجج اللّه تعالى على عباده، ولعل إليه يرجع أيضًا ما اشتهر بين الأصوليين من قولهم: كلما حكم به العقل حكم به الشرع، فكل فعل أدرك العقل القطعي حسنة ولم يكن هناك ما يخالفه من الحجج النقلية حكم الشرع بوجوبه، كما أن كل فعل أدرك العقل القطعي قبحه حكم الشرع بحرمته، ولم نتعرض للتفصيل في المقام لكونه مسألة أصولية، فإن نتيجة البحث عنها تقع كبرى لاستنتاج الحكم الفرعي، وهذا بخلاف عكس القاعدة، وهو كلما حكم به الشرع حكم به العقل فإنها ليست مسألة فقهية ولا أصولية ولعلها مسألة كلامية.
الفيض الكاشاني
السيد عادل العلوي
محمود حيدر
الشيخ محمد علي التسخيري
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي رضا بناهيان
السيد جعفر مرتضى
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ
في رحاب سورة العصر (1)
لوازم الأنس الإلهي (5)
العقل بوصفه اسمًا لفعل (5)
الأخلاقية: روح النظام الإسلامي وإطاره العام (2)
حول أهمية استشراف المستقبل
متى يتوقّع أن يتحلّل الكون؟
محاضرة بعنوان: (السّلامة الكهربائيّة أوّلاً) في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
حجّ هذا العام
تبياناً لكلّ شيء