قال تعالى: «وَجهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ» «1». وقال تعالى: «وَمَن جهَدَ فَإِنَّمَا يُجهِدُ لِنَفْسِهِ» «2». وقال تعالى: «وَالَّذِينَ جهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا» «3».
الجهاد والمجاهدة: استفراغ الوُسع في مدافعة العدوّ ونحوه، وهو على ثلاثة أضربٍ:
مجاهدة العدوّ الظاهر من إنسانٍ وغيره، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النفس وهواها. والجميع داخل في المراد من الآيات الشريفة.
والأمر بالجهاد، والحثّ عليه في هذه الآيات بالنسبة إلى جهاد النفس، إرشادٌ إلى ما يدركه العقل بنفسه؛ فإنّ جهاد النفس في الحقيقة عبارة عن فعل الواجبات والمندوبات، وترك المحرّمات والمشتبهات؛ والقيام بذلك شكر للمنعم، وهو واجب عقلًا، وتركها سبب للوقوع في ضرر الهلكة والعذاب الأليم، ورفع الضرر واجب عقلًا؛ فالأوامر في هذه الآيات كأوامر الإطاعة والتسليم والاتّباع للَّه ورسوله من الآيات الكريمة، وكذا النصوص الحاثّه على ذلك من السنّة كلّها إرشادات إلهيّة ونَبويّة ووَلويّة يترتّب على موافقتها سعادة الإنسان وعلى مخالفتها شقاوته.
والأخبار الواردة في هذه الباب عن النبي الأقدس وأهل بيته المعصومين عليهم السلام كثيرة جدّاً؛ فقد ورد أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بعث سريّةً، فلمّا رجعوا قال: «مرحباً بقومٍ قضوا الجهاد الأصغر، وبقي عليهم الجهاد الأكبر» قيل: يا رسول اللَّه، وما الجهاد الأكبر؟ قال: «جهاد النفس» ثمّ قال: «أفضل الجهاد مَن جاهد نفسه التي بين جنبيه» «4».
وورد: أنّ «من جاهد نفسه عن الشهوات واللذّات والمعاصي، فإنّما يجاهد لنفسه» «5».
وأنّ «جهاد المرء نفسَه فوق جهاده بالسيف» «6».
وأنّه سئل الرضا عليه السلام عمّا يجمع خير الدنيا والآخرة؟ فقال: «خالِفْ نفسَك» «7».
وأنّ مَن جاهد نفسَه، وهَزَمَ جُندَ هواه، ظفر برضا اللَّه» «8».
وأنّه «لا حجابَ أظلم وأوحش بين العبد وبين الرّب من النفس والهوى» «9».
وأنّ «أحمق الحُمقاء مَن اتّبع نفسُه هواه» «10».
وأنّه «ما حبس عبد نفسَه على اللَّه إلّا أدخله اللَّه الجنّة» «11».
وأنّ رجلًا اسمه مجاشع، قال: يا رسول اللَّه، كيف الطريق إلى معرفة الحقّ؟ قال صلى الله عليه وآله: «معرفة النفس»، فقال: فكيف الطريق إلى موافقة الحقّ؟ قال صلى الله عليه وآله: «مخالفة النفس»، فقال: فكيف الطريق إلى رضا الحقّ؟ قال صلى الله عليه وآله: «سخط النفس»، فقال: فكيف الطريق إلى طاعة الحقّ؟ قال صلى الله عليه وآله: «عِصيان النف »، فقال: فكيف الطريق إلى ذكر الحقّ؟ قال صلى الله عليه وآله: «نسيان النفس»، فقال: فكيف الطريق إلى قرب الحقّ؟ قال صلى الله عليه وآله: «التباعد عن النفس»، فقال: فكيف الطريق إلى أنس الحقّ؟ قال صلى الله عليه وآله: «الوحشة عن النفس»، فقال: فكيف الطريق إلى ذلك؟ قال صلى الله عليه وآله: «الاستعانة بالحقّ على النفس» «12».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) . الحجّ ( 22 ) : 78 .
( 2 ) . العنكبوت ( 29 ) : 6 .
( 3 ) . العنكبوت ( 29 ) : 69 .
( 4 ) . الأمالي للمفيد ، ص 553 ، ح 740 ؛ معاني الأخبار ، ص 160 ، ح 1 ؛ بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 65 ، ح 7 .
( 5 ) . تفسير القمّي ، ص 495 ، ذيل الآية 6 من سورة العنكبوت ؛ بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 65 ، ح 9 .
( 6 ) . راجع : فقه الرضا ، ص 380 ؛ بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 68 ، ح 13 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .
( 7 ) . فقه الرضا ، ص 22 ، وص 39 ؛ بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 68 ، ح 13 .
( 8 ) . بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 68 ، ح 15 ، وراجع : مصباح الشريعة ، ص 169 .
( 9 ) . مصباح الشريعة ، ص 169 ؛ بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 68 ، ح 15 .
( 10 ) . تفسير الإمام العسكري عليه السلام ، ص 38 ؛ بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 69 ، ح 16 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .
( 11 ) . الأمالي للمفيد ، ص 35 ، ح 5 ؛ الأمالي للطوسي ، ص 122 ، ح 189 ؛ بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 70 ، ح 19 .
( 12 ) . عوالي اللآلي ، ج 1 ، ص 246 ، ح 1 ؛ محاسبة النفس للكفعمي ، ص 11 مع اختلاف يسير ؛ بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 72 ، ح 23 وفي كلّها ملخّصاً .
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد هادي معرفة
عدنان الحاجي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ فوزي آل سيف
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
حيدر حب الله
الشيخ علي المشكيني
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان