الشيخ حسن المصطفوي
قال ابن فارس في (مقاييس اللّغة): «سَقَرَ: أصلٌ يدلّ على إحراقٍ أو تلويحٍ بنار، يُقال سَقَرَتْه الشمس، إذا لوّحَتْه. ولذلك سُمِّيت سَقَرَ. وسَقَراتُ الشمس: حرورها. وقد يُقال بالصّاد».
وجُعل سقر اسمُ علَمٍ لجهنّم: ﴿ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ المدثّر:42. ولمّا كان السّقر يقتضي التلويح في الأصل: نبّهَ تعالى بقوله: ﴿وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ المدثّر:27-30، أنّ ذلك مخالفٌ لما تعرفه من أحوال السَّقر في الشاهد.
والتحقيق:
أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة: هو الحرارة الشديدة بحيث يوجب تَغيُّراً في لونٍ أو صفة، وهذا المعنى قريب من الحمّ، وقبل التوقّد والاشتعال والالتهاب والتحرّق.
- ﴿إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ المدثّر:25-30.
- ﴿ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ المدثّر:42-43.
- ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ القمر:48.
ينبغي التنبيه على أمور:
1) إنّ سقر علَمٌ للنار المعذّب فيها الكفّار والعصاة.
2) وهذه الكلمة غير منصرفة لوجود الوصفيّة والعلميّة، فإنّها في الأصل كانت وصفاً كحَسن، وهو النار شديد الحرارة، تؤثّر وتغيّر.
3) قلنا إنّ سقر علَم للنار لا لمحلّ النار ومحيطها كجهنّم، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: ﴿لَا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ..﴾، ﴿.. يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ..﴾، ﴿.. ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾. فانّ هذه صفات مربوطة بالنار لا بالمحيط.
4) ﴿لَا تُبْقِي وَلا تَذَرُ﴾: أي لا تبقي الوارد عليها على الحالة والكيفيّة والمرتبة والخصوصيّات السابقة، بل تغيّرها وتمحوها، ثمّ لا تتركه أيضاً حتّى يستريح ويستفرغ عن عذابها، بل يدوم فيها.
5) ﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ﴾: أي إنّها مُتلألئة ومُتجلَّية مُختصّة للبشر.
6) ﴿.. يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ..﴾: السحب هو الجرّ منبسطاً على الوجه في النار، فمسّ سقر يكون تفسيراً ونتيجة للسحب في النار.
7) ﴿عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ﴾: الظاهر بقرينة ما بعده: ﴿وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً﴾: أنّ المراد الملائكة الموكَّلين عليها.
وأمّا عدد تسعة عشر: فهو حاصل جمع تسعة مع عشر، والتسعة مجموع أعداد الآحاد، فإنّ آحاد الأعداد تسعة، وبعدها هو العاشر وهو أوّل عدد من العشرات، فيجمع التسعة مع العشرة. ولعلّ هذا إشارة إلى كثرة الموكَّلين المحاسبين القائمين على السقر، وأنّ كلَّا منهم موظَّف على طرف وطريق ونوع خاصّ منها بتنوّع أهاليها.
8) ﴿.. لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾: الصلاة أوّل وظيفة للعبد، فإنّها أحسن وسيلة وأعظم رابطة بين العبد والربّ، ومن لم يك مصلَّيا فهو منقطع عن الله تعالى، ومن انقطع عن مبدأ الرحمة والفيض واللطف فهو في السقر.
9) ﴿ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾: وقد ذكر كلّ من سقر والسعير وجهنّم والجحيم والحميم والنار، في مورد يناسب مفهوم كلّ واحد منها...
10) حقيقة هذه العوالم الأخرويّة وتفصيل كيفيّاتها وخصوصيّاتها غير مدركة لنا في هذه الدنيا المحدودة الجسمانيّة الماديّة، إلَّا أنّا ندرك منها ما يتيسّر لنا وما في مقدورنا، ولنا إليه سبيل من بصيرتنا ومعرفتنا، وما أعطانا الله، جلّ وعزّ، من النور والعلم. وممّا يمكن لنا معرفته من عوالم الآخرة: الجهة الروحانيّة منها الَّتي ندركها بعقولنا ونشاهدها بقلوبنا، وأمّا الجسمانيّة: فليس لنا إليها سبيل.
الفيض الكاشاني
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ محمد صنقور
السيد عباس نور الدين
السيد علي عباس الموسوي
عدنان الحاجي
د. سيد جاسم العلوي
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد جعفر مرتضى
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
صناعة الله تعالى
اختتام حملة (ومن أحياها)، بنسختها الثّانية والعشرين
مجاز القرآن عند الرّوّاد الأوائل
واضع التّجويد وشرعيّته
دور اليقظة في السفر إلى الله
وتفتّحت أزهار الخريف، كتاب جديد لسوزان آل حمود
الإمام المهديّ (عج) فرجه في الكوفة
لماذا لا نتذكر أحداث مرحلة طفولتنا المبكرة؟
من أين تنشأ الشجاعة؟
شروط النصر في القرآن الكريم