السّيّد علي الحسيني الميلاني
نزلت في يوم الغدير عدّة آياتٍ من القرآن الكريم:
الآية الأولى: ﴿يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ..﴾. المائدة:67.
نزلت هذه الآية قبل خطبة النّبيّ، صلّى الله عليه وآله، جاء ذلك في رواية أهل البيت عليهم السّلام:
روى الشّيخ محمّد بن يعقوب الكلينيّ - المتوفّى سنة 328 - بإسناده عن الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام، قال:
«أَمَرَ اللهُ رَسولَهُ بِوِلايَةِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ﴾ المائدة:55، وَفَرَضَ وِلايَةَ أُولي الأَمْرِ، فَلَمْ يَدْروا ما هِيَ.
فَأَمَرَ اللهُ مُحَمَّداً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُفَسِّرَ لَهُمُ الوِلايَةَ كَما فَسَّرَ لَهُمُ الصَّلاةَ وَالزَّكاةَ وَالصَّوْمَ وَالحَجَّ.
فَلَمّا أَتاهُ ذَلِكَ عَنِ اللهِ، ضاقَ بِذَلِكَ صَدْرُ رَسولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَخافَ أَنْ يَرْتَدّوا عَنْ دينِهِمْ وَأَنْ يُكَذِّبوهُ، فَضاقَ صَدْرُهُ وَراجَعَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَوْحى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ: ﴿يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ...﴾ المائدة:67.
فَصَدَعَ بِأَمْرِ اللهِ تَعالى ذِكْرُهُ، فَقامَ بِوِلايَةِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلامُ، يَوْمَ غَديرِ خُمّ؛ فَنادى: الصَّلاة جامِعَة، وَأَمَرَ النّاسَ أَنْ يُبَلِّغَ الشّاهِدُ الغائِبَ..».
وروى نزول الآية في الغدير من كبار حفّاظ أهل السنّة وعلمائهم الأعلام: ابنُ أبي حاتم، وابن مردويه، والثّعلبي، وأبو نعيم الأصفهاني، والواحدي، والحسكاني، وابن عساكر، والفخر الرّازي، والنّيسابوري، والعيني، والسّيوطي...
الآية الثانية: ﴿.. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ اْلإِسْلامَ دينًا..﴾ المائدة:3.
نزلت هذه الآية بعد أن فرغ النّبيّ، صلّى الله عليه وآله وسلّم، من الخطبة وبايع الحاضرون أميرَ المؤمنين عليه السّلام.
روى الشّيخ محمّد بن يعقوب الكليني بسنده عن الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام، في حديث خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام، وهي خطبة الوسيلة، وهي طويلة، يقول فيها عليه السّلام:
«.. ثُمَّ صارَ إِلى غَديرِ خُمٍّ، فَأَمَرَ فَأُصْلِحَ لَهُ مِثْلُ المِنْبَرِ، ثُمَّ عَلاهُ وَأَخَذَ بِعَضُدي حَتّى رُئِيَ بَياضَ إِبْطَيْهِ، رافِعاً صَوْتَهُ، قائِلاً في مَحْفَلِهِ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، أللَّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ.
وَكانَتْ عَلى وِلايَتي وِلايَةُ اللهِ، وَعَلى عَداوَتي عَداوَةُ اللهِ. وَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ اْلإِسْلامَ دينًا..﴾، فَكانَتْ وِلايَتي كَمالَ الدّينِ وَرِضا الرَّبِّ جَلَّ ذِكْرُهُ».
وروى نزول الآية في الغدير من كبار حفّاظ أهل السّنّة وأعلام علمائهم: ابن مردويه، وأبو نعيم، وابن المغازلي، والموفّق المكّيّ، وأبو حامد الصّالحاني، والحمويني...
الآية الثالثة: قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سائِلٌ بِعَذاب واقِع * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ * مِنَ الله ذِي الْمَعارِجِ﴾ المعارج:1-3.
نزلت هذه الآية في قضيّة الحارث بن النّعمان الفهريّ بعد أنْ تمّت البيعةُ لأمير المؤمنين عليه السّلام.
رُوي عن الإمام الباقر عليه السّلام ما خلاصتُه: أنّ الفهريّ قال لرسول الله صلّى الله عليه وآله: يا محمّد! إنّك دعوتنا أنْ نقول: لا إله إلاّ الله. فقلنا. ثمّ دعوتنا أن نقول: إنّك رسولُ الله. فقلنا وفي القلب ما فيه! ثمّ قلت: فَصَلّوا. فَصَلّينا. ثمّ قلت: فَصوموا. فَصمنا. ثمّ قلت: فحجّوا فحَجَجنا ".." ثمّ إنّك أقمتَ ابن عمّك، فجعلتَه عَلَماً وقلت: مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهَذا عَلِيٌّ مَوْلاهُ، أللَّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، أَفَعَنْكَ أَمْ عَنِ اللهِ؟
قال صلّى الله عليه وآله: «بَلْ عَنِ اللهِ»، (قالها ثلاثاً).
فنهض الفهريّ وإنّه لمُغضَبٌ، وإنّه لَيَقول: أللّهمّ إنْ كان ما قال محمّدٌ حقّاً فأمطِر علينا حجارةً من السّماء تكون نقمةً في أوّلنا وآيةً في آخرنا. وإنْ كان ما قال محمّد كَذِباً فأنزل به نقمتك!
ثمّ أثار ناقتَه فحلّ عِقالَها ثمّ استوى عليها. فلمّا خرج من الأبطح رماه اللهُ تعالى بحَجرٍ من السّماء، فأصابَ رأسَه وسقط ميّتاً، فأنزل الله فيه: ﴿سَأَلَ سائِلٌ بِعَذاب واقِع * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ * مِنَ الله ذِي الْمَعارِجِ﴾.
وروى نزول الآية في هذه القضيّة من كبار علماء أهل السّنّة ومُحدّثيهم: الثّعلبي، وسِبط ابن الجوزيّ، والزّرندي، والسّمهودي، وابن الصبّاغ، والمناوي...
الآية الرابعة: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزيلُ رَبِّ الْعالَمينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ اْلأَمينُ * عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرينَ﴾ الشّعراء:192-194.
روى الشّيخ عليّ بن إبراهيم القمّيّ - من أعلام القرن الثالث – في (تفسيره) بإسناده عن الإمام الصّادق عليه السّلام، قال: «نَزَلَتْ لِأَميرِ المُؤْمِنينَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، يَوْمَ الغَديرِ».
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع