قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد صنقور
عن الكاتب :
عالم دين بحراني ورئيس مركز الهدى للدراسات الإسلامية

إنابة نبيّ الله سليمان عليه السلام


الشيخ محمّد صنقور

 قال تعالى في سورة (ص)، الآية الرابعة والثلاثين: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ﴾.
تتحدّث الآية المباركة ظاهراً عن أنّ الله تعالى قد ألقى على كرسيّ سليمان جسدًا، وكان في ذلك امتحانٌ لسليمان عليه السلام واختبارٌ له، ويظهر من التعبير ﴿فَتَنَّا﴾ أنّ الابتلاء المشار إليه في الآية كان بليغًا، من شأنه أن يَبعثَ على الجزع أو الافتتان، إلا أنّ سليمان عليه السلام، استقبل ذلك بقلبٍ صابر، وآبَ إلى ربّه مسلّماً راضياً بقضائه وقدره تعالى.
وقد اختلفت الأقوال في بيان طبيعة هذا البلاء ونوعه، والأوفقُ منها، بظاهر الآية، أنّ الله تعالى رزق النبيّ سليمان ولدًا، فكان شديد التعلُّق به، يخشى عليه أنْ يموت فيفتجع بفقده، أو كان يخشى عليه من سطوات الأشرار الذين لا يريدون أن يكون لسليمان ولدٌ فيرث سلطانه، فلعلّ هذا ما دفعه إلى تغييبه عن أنظارهم والمبالغة في حمايته، فأراد الله تعالى أن يمتحن سليمان في صبره على فقد أعزّ ما عنده، ويمتحن مقدار تسليمه لقضاء الله ورضاه بقدره. 
هكذا، ومن دون سابق إنذار، وجد سليمان عليه السلام ولده جثّةً هامدة مُلقاةً على كرسيِّ مُلكِه، فهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ﴾، فهو بمعنى ابتلينا وامتحنّا صبره، وذلك بقبض روح ولده الذي كان يُشفقُ عليه من الموت، وعلى الرغم أنّ هذا البلاء من شأنه أنْ يبعث عند سائر الناس على الجزع والسخط، لكنّه لم يترك هذا الأثر في نفس سليمان عليه السلام، بل كان تأثير هذا البلاء هو أنّه قاده إلى المراجعة والالتفات إلى أنّ هذا النحو من التعلُّق ليس محمود العواقب، فقد يُفضي بالإنسان إلى أنْ يستعظم قضاء الله، فلا تكون إرادته ورغبته واقعةً في سياق إرادته عزّ وجلّ. وهذا هو منشأ استغفاره وأوبته، فإنَّ الأنبياء يستغفرون من مخالفة الأَولى.
وقيل في تفسير الآية، أنَّ المُلقى على كرسيِّ سليمان عليه السلام، هو سليمان نفسُه، فقد ابتلاه الله تعالى بمرض عضال أقعده عن الحركة فصيَّره مطروحًا على كرسيِّه كأنّه جسدٌ بلا روح، لكنّ هذا التفسير مخالفٌ لمقتضى الظاهر من الآية.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد