الشهيد مرتضى مطهري
﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)﴾
سورة الزلزلة من السور المكية القصيرة التي تتناول يوم القيامة، وهي من السور المثيرة والمؤثرة، وتعد من مجالات بروز إعجاز القرآن، لما فيها من روعة اللحن، والجمال، وقوة النفوذ إلى النفوس.
﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾ أي ذلك الزلزال الذي ليس له شبه بأي من الزلازل التي يعرفها الناس في العالم. وذلك لوجود اختلافين بينهما:
الاختلاف الأول: هو أن الزلازل التي تحدث في عالم الإنسان زلازل جزئية ومحدودة، أي إن قطرها قصير، قد يكون 25كم في 25كم، أو أكثر 100كم، أو حتى إذا فرضنا أكثر من ذلك 500كم في 500كم، وهذا ما لم يحدث حتى الآن. ولكنه يرتبط بأنواع من التحولات والتغيرات في باطن الأرض، سواء أكانت هذه تخلخلاً، أو ضغطاً للغازات الموجودة في مكان معين، أو غير ذلك. ثم تخرج هذه الحمم من باطن الأرض. أو الانهيارات التي تسبب تزلزل الأرض في قسم منها. إلا أن هذه، على كل حال، تهم أناس تلك المنطقة الذين يتعرضون لها. أما البعيدون فلا يحسون بها بالمرة، وهناك زلزلة تقلب المنطقة رأسًا على عقب، فتطمر مدينة في باطن الأرض، ولكنك إذا ابتعدت بضع عشرات من الكيلومترات، تجد الناس لا يعلمون بما حدث، أما الزلزلة التي يشير إليها القرآن فلا ترتبط بنقطة معينة من الأرض، إنها تشمل الأرض كلها بل لا تشمل الأرض وحدها، وإنما تشمل كل الكون، وكل الشموس، وكل الكائنات. فانظر كيف هذا؟
الاختلاف الثاني: هو إن الزلازل المألوفة تحدث بسبب تأثير عامل في آخر، أو قوة تؤثر في قوى أخرى أو في شيء آخر، لنفرض إننا جالسون هنا، فتمر بهذا البناء شاحنة ضخمة، فإنها سوف تجعل البناء يهتز قليلًا. فهذه البناية لم تهتز بذاتها، بل بقوة عامل خارجي أثر فيها وأدى إلى اهتزازها، أو كأن يكون امرؤ واقفًا فيصدمه شخص آخر. أما الزلزلة العامة التي يشير إليها القرآن فناشئة من الداخل، من باطن الكون فمن باب المثال، نقول إن الجنين في رحم أمه لا تصدر منه حركة في أشهره الأولى، ولكنه عندما يبلغ الشهر الرابع، مثلًا يقال إنه تصدر منه أول حركة. فهل حركة الطفل حصلت بفعل عامل خارجي، أم أنه قد تحرك بذاته وبفعل قوة باطنية؟
إن قضية الزلزلة هذه تتعلق في الواقع بقضية أخرى، وهي إن هذه الموجودات التي نطلق عليها اسم الجمادات التي لا تحس ولا تشعر، هل هي حقًّا فاقدة للشعور بكل معنى الكلمة؟ أم أنها، بحد ذاتها، وليس بحد ذات الإنسان، تملك نوعًا من الشعور والإدراك؟ هذا موضوع يتكرر وروده في القرآن. فمرة يقول ما من كائن إلا ويسبّح بحمده ولكنكم لا تفهمون ذلك ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (الإسراء/44)﴾، هنالك أيضًا نقطة أخرى يذكرها القرآن، وهي: متى تتبدل الدنيا إلى الآخرة؟ عندما تظهر من جميع الموجودات وجوهها الأخر ﴿..وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت/64)﴾ حينذاك تنكشف الوجوه الأخر للأشياء، تلك هي الزلزلة التي ستحدث في الكون، كالجنين الذي يصل إلى مرحلة الحركة، عندئذ يحس الإنسان أن لكل ذرة من ذرات العالم حياة وشعوراً.
﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (الزلزلة/2)﴾ أي عندما يخرج من باطن الأرض ما هو مدفون فيها، كل الناس الذين دفنوا في الأرض وهم دفائن الأرض الثمينة، لا الذهب ولا المعادن، ولا النفط، ولا ما هو مرتبط بهذه الدنيا، ﴿وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (الزلزلة/3)﴾. ولكن الإنسان الذي سبق أن عرف الزلازل، يقول، وهو جاهل بما يجري، ما الذي يحدث للأرض؟ ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (الزلزلة/4)﴾ أي إن الأرض يومئذ تسرد سيرتها، سيرتها الطويلة الممتدة امتداد ملايين السنين، ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (الزلزلة/5)﴾ أي إن الله هو الذي أمرها.
هنالك أبيات من شعر مولوي الذي كان متعمقًا إلى حد يقل نظيره، تخص هذا الموضوع يقول:
العلم جامـــــد اسمه الجمـاد
والجمـــاد كان جامدًا أيها الأستاذ
إبق حتى نجتمع في الحشـر عيـانًا
لترى حركـة جســــم العـالم
إنه يشير إلى هذه الزلزلة، ويقول لا تظنن الميت ميتًا، إنما أنت لا تفهم، لا تدرك ذلك، إنك لا ترى الآن إلاّ جانبه الميت، ثم يقول:
عندما انقلبت عصا موسى حيـة
أدرك العقــل أخبار الساكنات
ففي اليوم الذي انقلبت فيه عصا جامدة إلى حية، تبين للعقل أن الموضوع شيء آخر، وأننا ينبغي ألا نحسب الجمادات جامدة تمامًا، الموضوع شيء آخر.
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع