قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد حسين الطبطبائي
عن الكاتب :
مفسر للقرآن،علامة، فيلسوف عارف، مفكر عظيم

معنى "الاسْتِدْراج" وأسبابه

 

السيّد محمد حسين الطباطبائي
{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182)} (سورة الأعراف)
الاستدراج: الاستصعاد أو الاستنزال درجة فدرجة، والاستدناء (من الدنو أي الاقتراب) من أمر أو مكان، وقرينة المقام تدلُّ على أنَّ المراد به هنا: الاستدناء (الاقتراب) من الهلاك إما في الدنيا أو في الآخرة.
وتقييد الاستدراج بكونه "من حيث لا يعلمون" ({مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ}) للدلالة على أنَّ هذا التقريب خفيٌ غيرُ ظاهرٍ عليهم، بل مستبطنٌ فيما يتلهون فيه من مظاهر الحياة المادية، فلا يزالون يقتربون من الهلاك باشتداد مظالمهم
فهو تجديد نعمة بعد نعمة حتى يصرفهم التلذذ بها عن التأمل في وبال أمرهم كما مرَّ في قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا} (الأعراف: 95)، وقال تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (سورة آل عمران)


ومن وجهٍ آخر، لمّا انقطع هؤلاء عن ذكرِ ربّهم وكذّبوا بآياته سُلبوا اطمئنان القلوب وأمْنِها بالتشبّث بذيل الأسباب التي من دون الله، وعُذّبوا باضطراب النفوس وقلق القلوب وقصور الأسباب وتراكم النوائب
وهم يظنّون أنّها الحياة ناسِينَ معنى حقيقة الحياة السعيدة، فلا يزالون يستزيدون من مُهلكات زخارف الدنيا فيزدادون عذابا وهم يَحْسَبُونَه زيادةً في النعمة، حتى يَرِدُوا عذاب الآخرة وهو أمرُّ وأدهى.
فهم يُسْتَدْرَجُون في العذاب من لَدُن تكذيبهم بآيات ربّهم حتى يُلاقوا يومهم الذي يوعدون (وهو يوم القيامة).

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد