قرآنيات

أشرف وجوه إعجاز القرآن وأقواها

 

الفيض الكاشاني 
إنّ أشرف وجوه إعجاز القرآن وأقواها عند أُولي البصائر هو اشتماله على العلوم والأسرار، وانطوائه على المعارف والأنوار، وتضمُّنُه جوامع الكلم ولوامع الحكم الذي يعجز العقول عن إدراكها. 
بل كلّما تقَلقَل الإنسان في رياض فنونها، وتعمّق في بحار عيونها، انفتحت له مسالك موصلة إلى مقفلاتها، واتّضحت له مدارك تُبيّن جمل مشكلاتها، وانكشفت له معالم يُدرك بها وجوه صوابها، ولاحت له لوائح تُذلّل له شدائد صعابها
فيستخرج بغوّاص عقله جواهرَ بحورها، ويقدح بزناد فكره فيقتبس من أضواء نورها.
ويُرى العلماء والعارفين في كلّ وقت في ازدياد لا ينتهون إلى غاية في بلوغ المراد، {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ}، وقد ملأت علوم الأقدمين الدفاتر، وصدق من قال:" كم ترك الأوّل للآخر".
ولذلك قال الله -عزّ وجلَّ-: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ}
وعلى هذا: فهو من المعجزات المتكررة التي تحدث بالتأمّل يوماً فيوماً وشيئاً بعد شيء.
ومن هذا القبيل الأحاديث النبويّة، وكلماته الجامعة صلّى الله عليه وآله، فإنّ العالم الذكي، ذا اللبّ الصالح والذكاء القادح، إذا تأمّلها وبالغ في النظر فيها بصفاء القريحة، ملاحظاً لأنواع العلوم الدقيقة، ومستحضراً لحِكم أهل الحقيقة
ظهر له من مكنون أسرارها جملٌ متكاثرة، وكشف من خفايا كنوزها عن تحف باطنة وظاهرة، وكلّما أعمل فكره في تحرير دقائقها واستعان بصفاء سرّه على تحقيق حقائقها: لاحت له لوائح عوارفها، وبدت له لطائف معارفها.
قال الله -عزّ وجلّ-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} 
فالعلماء بعلم الشرايع والأحكام لا يزالون من القرآن والحديث في فهم وإفهام، وأرباب القلوب والألباب دائماً في ترقٍّ لمعالي الدرجات، وتلقٍ لتنزّل التُحف والكرامات، لحُسن اقتدائهم في اقتفائهم لآثار سيّد السادات، وذلك من أجلِّ المعجزات المتجدّدة على تجدُّد الأوقات.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد