سرّ الحروف المقطعة
نلاحظ في أوائل عدد من سور القرآن بعض «الحروف المقطعة» مثل «ألم» و«المر» و«يس».
تقول بعض الروايات الإسلامية إن واحداً من أسرار هذه الحروف المقطعة هو أنَّ الله يريد أن يرينا كيف أن هذه المعجزة الخالدة العظيمة، «القرآن العظيم» قد وجدت من حروف الألفباء البسيطة التي تعتبر من أبسط مواد البناء! وكيف أنَّ هذا الكلام الرائع العظيم قد تألف من هذه الحروف التي يستطيع التكلم بها حتى الأطفال الصغار. ولا شك إذن في أنَّ ظهور هذا الأمر العظيم من هذه المواد البسيطة إعجاز لا يدانيه إعجاز.
هنا يتبادر للذهن سؤال وهو: أين يكمن إعجاز القرآن؟ أمن حيث البلاغة والفصاحة، أي من حيث حلاوة عباراته ودخولها الى القلب بنفوذ عجيب، أم أنَّ هناك جوانب أخرى لإعجازه؟
والحقيقة هي أنَّك من أية زاوية نظرت إلى القرآن لطالعتك أمارات الإعجاز واضحة. ومن بين ذلك على سبيل المثال:
1- الفصاحة والبلاغة: هنا تجد حلاوة الألفاظ والجاذبية العجيبة التي تتجلى لك في المعاني والمفاهيم.
2- المحتوى الرفيع وخاصة العقائد البعيدة عن كل انحراف.
3- المعجزات العلمية، فالقرآن يكشف الستار عن مسائل علمية لم يكن الإنسان قد اكتشفها يومذاك.
4- الإخبار عن الغيب والتنبؤ بحدوث بعض الحوادث في المستقبل.
5- عدم وجود التناقض ولا الاختلاف ولا التّشتت.
الفصاحة والبلاغة
لكل كلام صفتان، «ألفاظه» و«محتواه». فعندما تكون الألفاظ والكلمات جميلة ولائقة وتتميز بالانسجام والترابط اللازم وخالية من التعقيد، بحيث يوصل تركيب الجمل المعنى المراد بدقّة تامّة وبطريقة مقبولة وجذابة قيل لذلك الكلام أنَّه فصيح وبليغ.
وفي القرآن تتجسد هاتان الصفتان تجسداً لا حد له، بحيث أنَّ أحداً لم يستطع حتى الآن أنْ يأتي بآيات وسور تضاهي آيات القرآن وسوره من حيث الجاذبية والحلاوة والتناغم.
ومما يُذكر أنَّ الوليد بن المغيرة ـ وكان ممّن دُعوا لمواجهة تحدي القرآن من قبل مشركي العرب ـ هاجت مشاعره وانفعل عند سماع بضع آيات من القرآن، ولم يتوصل تفكيره العميق إلى إلصاق أي تهمة به إلا أن يصفه بالسحر وإلا أنْ يصف رسول الله بالساحر!
وعلى الرّغم من أنَّهم راحوا يكررون إلصاق صفة السحر بآيات القرآن على سبيل الذم والتنديد، إلا أنَّ ذلك كان في الواقع مدحاً وتكريماً، إذ أنَّ فيه اعترافاً ضمنياً بسيطرة القرآن الكريم الخارقة للعادة على المخاطب ونفوذه الى أعماقه، بحيث إنّك لا تستطيع أنْ تفسر ذلك تفسيراً عادياً، إلا أنْ تقول أنَّ فيه جاذبية غامضة ومجهولة.
ولكنهم بدلاً من أنْ يتقبلوا تلك الحقيقة ويعتبروها معجزة فيؤمنوا بها، انحرفوا عن جادة الصواب وقالوا إنَّها سحر وأساطير.
ويذكر لنا التاريخ أمثلة كثيرة عن أشخاص غلاظ شداد كانوا يفدون على رسول الله صلى الله عليه وآله، وما أنْ يستمعوا إلى بضع آيات منه حتى يتغير حالهم وينبعث نور الإيمان في قلوبهم، الأمر الذي يدل بوضوح على أنَّ ما في القرآن الكريم من فصاحة وبلاغة معجز.
بل إنَّنا في أيّامنا هذه نجد العارفين بآداب اللغة العربية كلما كرروا تلاوة القرآن الكريم ازداد إحساسهم بالراحة واللذة لما فيه من حلاوة وما يثيره فيهم من شعور بحيث أنَّهم لا يتعبون من تكرار تلاوته.
وتتصف العبارات القرآنية بالدقة المتناهية المحسوبة، فالقرآن عفيف البيان متين البنيان، وهو في الوقت نفسه ناطق صريح، وصارم شديد عند الاقتضاء.
ولا بدّ من الإشارة الى أنَّ العرب منذ ذلك الوقت كانوا قمة في الفنون الأدبية من شعر ونثر وصناعة كلام، وما زالت قصائد من الشعر الجاهلي تعتبر من أرفع الشعر، وكان سوق عكاظ مكاناً يجتمع فيه فطاحل الشعراء كلّ سنة ينشدون فيه اشعارهم ويتنافسون في أجودها، ويختارون أفضلها طرّاً ويعلقونها على جدار الكعبة باعتبارها خير قصيدة قيلت في تلك السنة. وعند ظهور الدّعوة الإسلامية كانت هناك سبع قصائد معلقة على حائط الكعبة، أطلق عليها اسم «المعلقات السبع».
ولكن بعد نزول القرآن لم يبق لتلك المعلقات أي لون ولا طعم، فأزيلت الواحدة بعد الأخرى وطواها النسيان.
ولقد سعى المفسرون جهد طاقاتهم للإشارة إلى دقائق الإبداع الإلهي العجيبة في القرآن، فيمكن الرجوع إلى تلك التفاسير لمزيد من الاطلاع.
إنَّ معرفة القرآن تؤكد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبالغ حين قال: «ظاهره أنيق وباطنه عميق لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه».
والإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام، تلميذ مدرسة القرآن العظيم، يقول في نهج البلاغة واصفاً القرآن: «فيه ربيع القلب، وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره».
نظرة القرآن إلى العالم
قبل كل شيء ينبغي أنْ نتعرف على البيئة التي نزل فيها القرآن على الصعيدين الفكري والثقافي.
يجمع المؤرخون على أنَّ أرض الحجاز كانت من أكثر بلدان العالم تخلفاً بحيث أنَّهم كانوا يعبرون عن سكانها بأنَّهم متوحشون أو شبه متوحشين. وقد عكفوا على عبادة الأصنام وتمسكوا بها تمسكاً شديداً، وكانوا يصنعونها من الحجر والخشب بإشكال متنوعة، فكانت تلقي بظلها المشئوم على كل ثقافتهم، حتى قيل إنَّهم كانوا يصنعون الأصنام من التمر ويسجدون لها، ولكنهم إذا أحسوا بالجوع أكلوها!
وعلى الرغم من كرههم الشديد للبنات بحيث أنَّهم كانوا يئدونهن احياء لكنهم كانوا يقولون: إن الملائكة بنات الله. بحيث يعتبرون الله سبحانه وتعالى إنساناً مثلهم.
وكان ينتابهم العجب من التوحيد وعبادة إله واحد. وعندما دعاهم نبي الإسلام إلى عبادة الله الأحد، قالوا بدهشة: ﴿أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾. [سورة ص، الآية 5]
وكانوا يلصقون صفة الجنون بكل من يخالف خرافاتهم وأساطيرهم المزيفة ويتعرض لمعتقداتهم الواهية.
وكان النظام القبلي هو السائد على المجتمع، حيث النزاعات القبلية كانت على أشدها، حتى أنَّ نار الحروب لم تخمد يوماً بينهم، وكثيراً ما اصطبغت أرضهم بالدماء، ويفتخرون بالقتل والنهب والسبي.
وإذا ظهر بينهم من يعرف القراءة والكتابة أصبح ناراً على علم، وكان من النادر أنَّ تعثر بينهم على عالم مفكر.
هذا هو المحيط الذي بزغ فيه نور إنسان أمّي لم يدخل مدرسة ولا رأى معلماً، ولكنه أتى بكتاب عميق المحتوى إلى درجة أن العلماء والمفسرين ما يزالون بعد أربعة عشر قرناً مشغولين باستكناه معانيه واستخراج حقائق جديدة منه فهو معين لا ينضب أبداً.
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة
اعتبار الإسلام لرابطة الفرد والمجتمع
لا يدرك الخير إلّا بالجدّ
الوصول إلى حالة الانغماس وقياس مستواها