الشيخ جعفر السبحاني
إن الإنسان الماديّ الّذي ينظر إلى كل ما يحيط به من خلال المنظار المادي ويفسره تفسيراً مادياً قد يتصور (وبالأحرى يظن) أن خديجة كانت امرأة تاجرة تهمُّها تجارتها وتنمية ثروتها ولأنها كانت بحاجة ماسة إلى رجل أمين قبل أي شيء لذلك وجدت ضالتها في محمَّدًا الصادق الأمين (صـلى الله علـيه وآله) فتزوجت منه بعد أن عرضت نفسها عليه ومحمَّد (صـلى الله علـيه وآله) هو الآخر حيث أنه كان يعلم بغناها وثروتها قبِل بهذا العرض رغم ما كان بينه وبينها من فارق في السن كبير.
ولكن التاريخ يثبت أن ثمة أسباباً وعللاً معنويّة لا مادية هي الّتي دفعت بخديجة للزواج بأمين قريش وفتاها الصادق الطاهر.
وإليك في ما يأتي شواهدنا على هذا الأمر :
1 ـ عند ما سألت خديجة ميسرة عما رآه في رحلته من فتى قريش محمَّد فخبّرها ميسرة بما شاهد ورأى من محمَّد في تلك السفرة وبما سمعه من راهب الشام حوله أحسَّت خديجة في نفسها بشوق عظيم ورغبة شديدة نحوه كانت نابعة من إعجابها بمعنوية محمَّد (صـلى الله علـيه وآله) وكريم خصاله وعظيم أخلاقه فقالت من دون إرادتها : حسبُك يا ميسرة ؛ لقد زدتني شوقا إلى محمَّد (صـلى الله علـيه وآله) اذهبْ فانت حرٌ لوجه اللّه وزوجتك وأولادك ولَك عندي مائتا درهم وراحلتان ثم خلعَت عليه خلعة سنية .
ثم إنها ذكرت ما سمعته من ميسرة لورقة بن نوفل وكان من حكماء العرب : فقال ورقة : لئنْ كانَ هذا حَقاً يا خديجة إنّ محمَّداً لنبيُّ هذهِ الأمُّة .
2 ـ مرَّ النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) يوماً بمنزل خديجة بنت خويلد وهي جالسة في ملأ من نسائها وجواريها وخدمها وكان عندها حبرٌ من أحبار اليهود فلما مرّ النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) نظر إليه ذلك الحبر وقال : يا خديجة مري مَنْ يأتي بهذا الشاب فأرسلت إليه من أتى به ودخل منزلَ خديجة فقال له الحبر : اكشفْ عَنْ ظهرك فلما كشف له قال الحبر : هذا واللّه خاتم النبوة فقالت له خديجة : لو رآك عمه وأنت تفتّشه لحلّت عليك منه نازلة البلاء وإن أعمامه ليحذرون عليه من أحبار اليهود.
فقال الحبر : ومن يقدر على محمَّد هذا بسوء هذا وحق الكليم رسولُ الملك العظيم في آخر الزمان فطوبى لمن يكون له بعلاً وتكون له زوجة وأهلاً فقد حازت شرف الدنيا والآخرة.
فتعجَّبت خديجة وانصرف محمَّد وقد اشتغل قلبُ خديجة بنت خويلد بحبه فقالت : أيها الحبر بمَ عرفت محمَّداً أنه نبي؟
قال : وجدتُ صفاته في التوراة أنه المبعوثُ آخر الزمان يموت أبوه وأمُّه ويكفله جدّه وعمه وسوف يتزوج بامرأة من قريش سيدة قومها وأميرة عشيرتها وأشار بيده إلى خديجة فلما سمعت خديجة ما نطق به الحبر تعلق قلبُها بالنبيّ (صـلى الله علـيه وآله) فلما خرج من عندها قال : اجتهدي أن لا يفوتك محمَّدٌ فهو الشرف في الدنيا والآخرة .
3 ـ لقد كان ورقة بن نوفل ( وهو عم خديجة وكان من كُهّان قريش وقد قرأ صحف شيث (عليه السلام) وصحف إبراهيم (عليه السلام) وقرأ التوراة والانجيل وزبور داود (عليه السلام) ) يقول دائماً : سيُبعَثُ رجلٌ من قريش في آخر الزمان يتزوج بامرأة من قريش تسود قومها ( أو تكون سيدة قومها وأميرة عشيرتها ) ولهذا كان يقول لها : يا خديجة سوف تتصلين برجل يكون أشرف أهل الأرض والسماء .
هذه قضايا ذكرها بعض المؤرخين وهي منقولةٌ ومثبتة في طائفة كبيرة من الكتب التاريخية وهي بمجموعها تدل على العلل الحقيقية والباطنية لرغبة خديجة في الزواج برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وإن هذه الرغبة كانت ناشئة من إعجاب خديجة بأخلاق فتى قريش الأمين ونبله وطهارته وعظيم سجاياه وخصاله وحبها لهذه الأمور وليس هناك أي أثر في علل هذا الزواج لأمانة محمَّد وكونه أصلَح من غيره لهذا السبب للقيام بتجارة خديجة .
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الإسلام وميول الإنسان
شروط البحث
الزهراء للإمام عليّ: اشتملت شملة الجنين (1)
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة