من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ جعفر السبحاني
عن الكاتب :
من مراجع الشيعة في ايران، مؤسس مؤسسة الإمام الصادق والمشرف عليها

مظلومية الامام الكاظم (عليه السلام)

الشيخ جعفر سبحاني

قد اتفقت كلمة المؤرّخين على أنّ هارون الرشيد قام باعتقال الإمام الكاظم (عليه السلام) وإيداعه السجن لسنين طويلة مع تأكيده على سجّانيه بالتشديد والتضييق عليه .

قال ابن كثير : فلما طال سجن الإمام الكاظم (عليه السلام) كتب إلى الرشيد : أمّا بعد يا أمير المؤمنين إنّه لم ينقض عنّي يوم من البلاء إلاّ انقضى عنك يوم من الرخاء، حتى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون .

ولم يزل ذلك الأمر بالإمام (عليه السلام) ، يُنقل من سجن إلى سجن حتى انتهى به الأمر إلى سجن السندي بن شاهك، وكان فاجراً فاسقاً، لا يتورّع عن أي شيء تملّقاً ومداهنة للسلطان، فغالى في سجن الإمام (عليه السلام) وزاد في تقييده حتى جاء أمر الرشيد بدسّ السم للكاظم (عليه السلام).

فأسرع السندي إلى إنفاذ هذا الأمر العظيم واستشهد الإمام (عليه السلام) بعد طول سجن ومعاناة في عام 183 هجري ؛ فوجّه الرشيد من تسلّمه، وحبسه عند الفضل بن الربيع في بغداد، فبقي عنده مدة طويلة، ثمّ كتب إليه ليسلّمه إلى الفضل بن يحيى ، فتسلّمه منه، وطلب منه أن يعمد إلى قتل الإمام كما طلب من عيسى بن جعفر فلم يفعل، بل عمد إلى إكرام الإمام (عليه السلام) والاحتفاء به ولما بلغ الرشيد ذلك أمر به أن يجلد مائة سوط، ثمّ أخذ الإمام منه وسلّمه إلى السندي بن شاهك (لعنه الله) ، وكانت نهاية حياة الإمام الطاهرة على يده الفاجرة.

ولما كان الرشيد يخشى ردّة فعل المسلمين عند انتشار خبر استشهاد الإمام (عليه السلام )، لذا عمد إلى حيلة ماكرة للتنصّل من تبعة هذا الأمر الجلل، فقد ذكر أبو الفرج الاصفهاني وغيره : إنّ الإمام الكاظم لما توفّي مسموماً أُدخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد، وفيهم الهيثم بن عدي وغيره ليشهدوا على أنّه مات حتف أنفه دون فعل من الرشيد وجلاوزته، ولما شهدوا على ذلك أُخرج بجثمانه الطاهر ووضع على الجسر ببغداد ونودي بوفاته فالسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد سجيناً مظلوماً مسموماً، ويوم يبعث حياً.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد