السيد جعفر مرتضى
علائم الظهور في تقييم عام
إنّ من الأمور التي أصبحت مألوفة لنا: هو أنْ نجد كثيراً من الناس حين يواجهون الأزمات، ويجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع الأحداث الكبيرة، والخطيرة _نجدهم_ يظهرون اهتماماً متزايداً بقضية الإمام المهدي عليه السلام وبعلائم الظهور، ويبحثون عن المزيد مما يمنحهم بصيص أمل، ويلقي لهم بعض الضوء على ما سيحدث في المستقبل القريب أو البعيد.
ومن هنا.. فإنّنا نجد عدداً من الكتّاب والمؤلفين يحاولون الاستجابة لهذه الرغبة الظاهرة، ويبذلون جهوداً كبيرة لترسيم مستقبل الأحداث وفق ما يتيسر لهم فهمه من النصوص الحاضرة لديهم. تلك النصوص التي جاء أكثرها غامضاً وغائماً، اختلط غثّها بسمينها، وصحيحها بسقيمها، وتعرض كثير منها للتحريف، وزِيدَ فيه أو نُقِّصَ منه، هذا عدا الكثير مما اختلقته يد الأطماع والأهواء..
.....
الانحراف الخطير:
وإننا وإن كنّا نعلم لجوء الناس إلى الدين وإلى النصوص الدينية، وشعورهم بأنّه هو الذي يملك الإجابات الصحيحة على كثير من تساؤلاتهم، ولديه الحلول الجذرية لما يعانون منه من مشكلات وبلايا، إلاّ أنّ تعاملهم في خصوص الإخبارات الغيبية، وبالأخص مع قضية الإمام المهدي عليه السلام، قد جاء لينذر بانحراف خطير في المجال العقائدي، فضلاً عن المجال العلمي، وذلك حينما اقتصر على زاوية واحدة منه، وهي تلك التي تشغل بال الناس، وتستأثر باهتمامات الكثرة الكاثرة منهم، ألا وهي علامات ظهوره عليه السلام وما رافق ذلك من إخبارات غيبية بما سيحدث في آخر الزمان، أو في طول الزمان الممتد من عصرهم عليهم السلام إلى حين ظهور الإمام الحجة عليه السلام.
وقد استبطن ذلك إهمال سائر مفردات ومجالات التعامل مع هذه القضية حتى أصبحت في عالم النسيان، لا تكاد تخطر لأحد منهم على بال، ولا تمّر له في خاطر، رغم أنها هي الأهم والأكثر مساساً بحياتهم وبوجودهم، وعلى رأسها التعامل معه قائداً للمسيرة، ومهيمناً على السلوك والموقف، وموجّهاً لها..
وهكذا.. لم يعد الإمام المهدي عليه السلام بالنسبة إلى الكثيرين منّا هو ذلك الإمام الحاضر والناظر، الذي يعيش من أجل قضية، ويعمل ويضحّي، ويدعونا إلى العمل والجهاد والتضحية من أجلها وفي سبيلها.
كما أننا لم نعد نحمل هُمومه كما يحمل هو همومنا، ولا نشعر معه كما يشعر هو معنا، ولا نرقب حركتنا معه كما يرقب هو حركتنا، ولا نتوقع منه، ولا نريد أن يتوقع منّا أي عمل إيجابي تجاه القضية الكبرى التي يعيشها، ويجاهد ويعاني في سبيلها وفي قضيتنا قضية الإسلام والإنسان، وهي القضية الأكثر أهمية وحساسية بالنسبة لنا، لأنها تمس وجودنا ومستقبلنا ومصيرنا في الصميم.
وطبيعي أن يترك هذا التعامل منا مع موضوع الإمام المهدي عليه السلام آثاره السلبية، والخطيرة على مجمل الحياة التي نعيشها لأنه يمثل انفصالاً حقيقياً عن القيادة، وعن القائد من جهة، ولأنه يضع المزيد من العقبات والمصاعب في طريق القائد نفسه.
هذا.. بالإضافة إلى أنه يسلب منه عنصر المبادأة والمبادرة في معالجة الأحداث، ومواجهة التحديات، من جهة أخرى.
الانحراف يتضاعف:
وحتى فيما يختص بذلك الجانب الخاص ويرتبط بتلك الزاوية المحدودة التي آثرناها على كل ما هو سواها، وهي الإخبارات المستقبلية وعلامات الظهور فإنّ تعاملنا معها، قد جاء بصورة خاطئة بدرجة كبيرة، وذلك حينما نجد أنفسنا في موقع المستسلم الخاضع لأمور يراها حتمية ولا مناص منها، فهي القضاء المبرم، والقدر اللازم. الأمر الذي من شأنه أن يرسّخ فينا الشعور بالإحباط والانهزام، والعجز، ما دمنا نجد أنفسنا في مواجهة أمر خارج عن اختيارنا، لا نملك دفعه، ولا التأثير فيه.
ومن جهة ثانية: فإنّ ذلك يبعث فينا الشعور بالرضى، وببراءة الذمة حيث لم نعد نتحمل أية مسؤولية، ولا يطلب منا، أو فقل ليس من الصحيح أن يطلب منا تسجيل أي موقف تجاه الأحداث، والمستجدات مهما كانت.
وإذن.. فلا مكان بعد هذا للشعور بالذنب، ولا بالتقصير، إذا تركنا الفساد يستشري والظلم يسود ويهيمن. بل يكون التصدي لذلك حتى في أدنى درجاته، وأسلم عواقبه هو الذنب وهو الجريمة حيث إنه يمثل اعتراضاً على إرادة الله سبحانه، وهو من ثم إلقاء للنفس في التهلكة، أو إهدار للطاقات بلا مبرر ظاهر، ولا سبب وجيه.
وقد نشعر أنّ من مسؤولياتنا بثّ هذا النوع من الفهم وتعميمه حرصاً منا على مصلحة المسلمين، وعملاً بالتكليف الشرعي الموهوم!!.
ولا نجد حرجاً بعد هذا في أن نتتبع الروايات لنستخلص منها بعض ما يفيد في معرفة بعض ما سيحدث عن قريب، ونوزع الإخبارات الغيبية والتنبؤات هنا وهناك ونبثها بين الناس، لتثير بعضاً من فضولهم، وتستأثر بشيء من عجبهم أو إعجابهم..
الأئمة واقفون على سلبيات الأمر:
وفي اعتقادنا: أن أئمتنا عليهم السلام كانوا يدركون أن هذا النوع من الأخبار التي تصدر عنهم، وإن كانت له إيجابياته الكبرى إلا أن له أيضاً سلبيات من نوع آخر، لابد من التصدي لها ومعالجتها، والحد من تأثيراتها قدر الإمكان.
وذلك لأن هذا الموضوع جذاب، يستهوي أصحاب الأهواء والطموحات، خصوصاً أصحاب الدعوات الباطلة والزائفة منهم، ممن يريدون تكريس دعواتهم تلك بالأساليب الملتوية وبالادعاءات المثيرة لفضول الناس العاديين، وتستأثر باهتماماتهم. شريطة أن لا يجرؤ أحد على تكذيبها بصورة صريحة ولا حتى التشكيك فيها، وذلك بسبب ما تثيره فيهم من شعور مبهم بالخوف والوجل تجاهها. فإن أصحاب الطموحات والدعوات الباطلة يدركون جيداً أن الإنسان العادي لا يملك إلا الاستسلام للغيب، والانهزام أمام المجهول، ومحاولة التحرز منه ومن أخطاره المحتملة..
وهذا بالذات هو ما يضعف مقاومة الناس العاديين أمام تلك الدعوات مهما كانت غائمه، وغير واضحة المعالم، أو غير منسجمة مع أحكام العقل، ومقتضيات الفطرة. كما أن ذلك من شأنه أن يبعدهم ويصرفهم عن التفكير في ماهيتها الحقيقية، وفي صلاحها وفسادها..
وبعد ما تقدم.. فإنه يصبح من الطبيعي أن يكثر الاختلاق والوضع في مجال الإخبارات الغيبية المستقبلية، وفي علامات آخر الزمان، التي يرصد الناس فيها مستقبلهم ومصيرهم.
ولسوف تصاغ بقوالب خادعة ومطاطة وغامضة ليمكن الاستفادة منها في الموقع المناسب.
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان