الشيخ محمد مهدي النراقي
للتوكل في الضعف والقوة ثلاث درجات: الأولى - أن يكون حاله في حق اللّه والثقة بعنايته وكفالته كحاله بالثقة بالوكيل، وهذه أضعف الدرجات، ويكثر وقوعها ويدوم مدة مديدة، ولا ينافي أصل التدبير والاختيار، بل ربما زاول كثيرًا من التدبيرات بسعيه واختياره.
نعم ينافي بعض التدبيرات، كالتوكل على وكيله في الخصومة، فإنه يترك تدبيره من غير جهة الوكيل، ولكن لا يترك الذي أشار إليه وكيله، ولا التدبير الذي عرفه من عادته وسنته دون تصريح إشارته.
الثانية - أن تكون حاله مع اللّه كحال الطفل مع أمه، فإنه لا يعرف غيرها، ولا يفزع إلا إليها ولا يعتمد إلا عليها.
فإن رآها تعلق في كل حال بذيلها، وإن ورد عليه أمر في غيبتها كان أول سابق لسانه يا أماه!. والفرق بين هذا وسابقه، أن هذا متوكل قد فنى في موكله عن توكله، أي ليس يلتفت قلبه إلى التوكل، بل التفاته إنما هو إلى المتوكل عليه فقط، فلا مجال في قلبه لغير المتوكل عليه.
وأما الأول فتوكل بالكسب والتكلف، و ليس فانيًا عن توكله، أي له التفات إلى توكله، وذلك شغل صارف عن ملاحظة المتوكل عليه وحده.
وهذا أقل وقوعًا ودوامًا من الأول، إذ حصوله إنما هو للخواص، وغاية دوامه أن يدوم يومًا أو يومين، وينافي التدبيرات، إلا تدبير الفزع إلى اللّه بالدعاء والانتهال، كتدبير الطفل في التعلق بأمه فقط.
الثالثة - وهي أعلى الدرجات، أن يكون بين يدي اللّه في حركاته وسكناته مثل الميت بين يدي الغاسل، بأن يرى نفسه ميتًا، وتحركه القدرة الأزلية كما يحرك الغاسل الميت.
وهو الذي قويت نفسه، ونال الدرجة الثالثة من التوحيد، والفرق بينه وبين الثاني، أن الثاني لا يترك الدعاء والتضرع كما أن الصبي يفزع إلى أمه، ويصيح ويتعلق بذيلها، ويعدو خلفها، وهذا ربما يترك الدعاء والسؤال ثقة بكرمه وعنايته، فهذا مثال صبي علم أنه إن لم يرض بأمه فالأم تطلبه، وإن لم يتعلق بذيلها فهي تحمله، وإن لم يسأل اللبن فهي تسقيه.
ومن هذا القسم توكل إبراهيم الخليل (عليه السلام) لما وضع في المنجنيق ليرمى به إلى النار، وأشار إليه الروح الأمين بسؤال النجاة والاستخلاص من اللّه - سبحانه – فقال : «حسبي من سؤالي علمه بحالي».
وهذا نادر الوقوع، عزيز الوجود، فهو مرتبة الصديقين، وإذا وجد فدوامه لا يزيد على صفرة الوجل، أو حمرة الخجل، وهو ينافي التدبيرات ما دام باقيًا، إذ يكون صاحبه كالمبهوت.
وتوكل العبد على اللّه قد يكون في جميع أموره، وقد يكون في بعضها، وتختلف درجات ذلك بحسب كثرة الأمور المتوكل فيها و قلتها، وقال الكاظم (عليه السلام) في قوله عز وجل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق : 3]. «التوكل على اللّه درجات، منها أن تتوكل على اللّه في أمورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضيًا، تعلم أنه لا يألوك خيرًا وفضلًا، وتعلم أن الحكم في ذلك له، فتوكل على اللّه بتفويض ذلك إليه، وثق به فيها وفي غيرها».
ولعل سائر درجات التوكل أن يتوكل على اللّه في بعض أموره دون بعض، وتعدد الدرجات حينئذ بحسب كثرة الأمور المتوكل فيها وقلتها.
الفيض الكاشاني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد جواد مغنية
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
إيمان شمس الدين
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
قوم يحبهم الله ويحبونه
السبب في اشتمال القرآن على المتشابه
الإسلام حرب على الظلم والفساد
نادي (صوت المجاز) يحتفي بسنويّته الأولى
التصاق كهربائي بين معادن صلبة وخضار وفواكه ولحوم
مذكرات آخر فئران الأرض، جديد الكاتب موسى الثنيان
الأسرة الدافئة (3)
الشيخ عبد الجليل البن سعد: الانتماء الصادق
الشيخ عبد الجليل البن سعد: القيم والتقوى: ركائز الأمان والتمييز في بحور النفس والمجتمع
عبور لنهر هيراقليطس، أمسية لهادي رسول في الخبر