الشيخ باقر شريف القرشي
أسهمت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) السيدة زينب (عليها السّلام) في الثورة الحسينيّة، وشاركت في جميع ملاحمها وفصولها مشاركة إيجابيّة وفاعلة؛ فقد وقفت إلى جانب شقيقها في أوّل مرحلة من مراحل جهاده، وهي على علم لا يُخامره أدنى شك من شهادته، وما يجري عليه وعليها من صنوف الكوارث والخطوب.
أخبرها بذلك أبوها الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) باب مدينة علم النبي (صلّى الله عليه وآله)، كما أسرّ إليها بذلك أخوها الإمام الحسين (عليه السّلام)، فانطلقت (سلام الله عليها) بإرادة وعزم وتصميم إلى مساندة أخيها، ومشاركته في ثورته الكبرى التي غيّرت مجرى التأريخ، وأمدّت العالم الإسلامي بجميع عوامل النهوض والارتقاء.
لقد آمنت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) بثورة أخيها أبي الأحرار، وجاهدت جهاداً لم يعرف التأريخ مثله في مرارته وأهواله، وتبنّت جميع مُخطّطات الثورة وأهدافها، وهي التي أبرزت قيمها الأصيلة في خطبها التأريخية في أروقة الحكم الأموي؛ فبلورت الرأي العام، وأوجدت وعياً أصيلاً كان من نتائجه الثورات الشعبيّة المتلاحقة التي أطاحت بالحكم الأموي، وأزالت ذلك الكابوس المظلم عن الأمّة الإسلاميّة.
وليس في العالم الإسلامي وغيره امرأة تضارع سيّدة النساء السيّدة زينب (عليها السلام) في قوّة شخصيتها، وصلابة عزيمتها، وعظيم إيمانها؛ فقد رأت ما حلّ بأهلها من الرزايا والكوارث التي تميد من هولها الجبال، وهي صامدة قد تسلّحت بالصبر، وسلّمت أمرها إلى الله تعالى.
رأت حفيدة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الشباب الذين هم كالبدور من أبنائها، وأبناء إخوتها وعمومتها، قد تقطّعت أوصالهم على صعيد كربلاء، رأت الأطفال الأبرياء من أهل البيت يُذبحون بوحشية لا مثيل لها بأيدي أولئك القُساة الممسوخين.
رأت حرائر النبوّة قد أشرفن على الهلاك من ألم العطش القاتل، وهنّ يندبن بذوب أرواحهنّ قتلاهنّ، وهي (سلام الله عليها) تسلّيهنّ وتأمرهنّ بالخلود إلى الصبر.
رأت أخاها سيّد الشهداء (عليه السلام) الذي هو عندها أعزّ من الحياة قد أحاطت به أوغاد البشرية، وهم يوسعونه ضرباً بسيوفهم ورماحهم ونبالهم حتّى احتزّوا رأسه الشريف.
رأت هجوم الكفرة العتاة بعد مقتل أخيها على خيام النساء وقد أضرموا النار فيها، والمخدّرات من بنات الرسول يتراكضن في البيداء خوفاً من الحريق، وقد تكالب على نهبهن أعداء الله... كلّ هذه المصائب والرزايا قد حلّت بحفيدة النبي (صلّى الله عليه وآله)، فما استكانت ولا وهنت وإنّما زادتها إيماناً وتماسكاً وتسليماً لأمر الله.
وسيّدة النساء السيّدة زينب (عليها السلام) هي من بين أهل البيت (عليهم السّلام) الذين رفعوا كلمة الله عاليةً في الأرض، فهي أوّل سيّدة مجاهدة في الإسلام، وقد عانت أشقّ أنواع المحن والخطوب وأقساها؛ فقد سُبيت بعد مقتل أخيها من كربلاء إلى الكوفة، ومعها باقي بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأدخلن على ابن مرجانة الذي هو أقذر إرهابي مجرم عرفه التأريخ، فجرت مشادّة بينه وبين السيّدة زينب (عليها السلام)، فاستهانت به واحتقرته، فاستشاط الخبيث الدنس غضباً، وهمّ بضرب حفيدة النبي (صلّى الله عليه وآله)، إلاّ أنّه امتنع؛ فقد عذله بعض الحاضرين مخافة الفتنة والاضطراب.
ثمّ حُملن إلى الشام سبايا فأدخلن على يزيد حفيد أبي سفيان، فخطبت السيّدة زينب في بلد يزيد خطابها التأريخي الخالد الذي نعت فيه قتله لسيّد الشهداء، وأسره لبنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يتصفّح وجوههنَّ القريب والبعيد، وقد بلورت فيه الرأي العام، وأيقظت الجماهير من سباتها، وجرّدت الحكم القائم من كلّ شرعيّة، ودعت المسلمين إلى الإطاحة به.
لقد تجرّعت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) الغصص والمصائب التي تذوب من هولها الجبال، كلّ ذلك من أجل الإسلام والحفاظ على مبادئه وقيمه، ومناهضة الظلم والاستبداد.
إنّ السيّدة زينب (سلام الله عليها) بمواقفها البطولية وكفاحها المشرّف ضدّ الظلم والطغيان يجب أن تكون قدوة فذّة لجميع السيّدات من نساء العالمين، وأن يتّخذنَّها قائدة لمقارعة الظلم ونشر العدل في الأرض.
الشيخ مرتضى الباشا
إيمان شمس الدين
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطهراني
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبد الجليل البن سعد: القيم والتقوى: ركائز الأمان والتمييز في بحور النفس والمجتمع
عبور لنهر هيراقليطس، أمسية لهادي رسول في الخبر
برنامج أسريّ بعنوان: (مودّة ورحمة) في جمعيّة تاروت الخيريّة
المشكلة الإنسانية، جديد الدكتور حسن العبندي
الأسرة الدافئة (2)
السّيادة والتّسيّد وإشكاليّات التّغيير، الزهراء عليها السلام نموذجًا (2)
حبيبة الحبيب
السيدةُ الزهراءُ: دُرّةَ تاجِ الجَلال
السّيادة والتّسيّد وإشكاليّات التّغيير، الزهراء عليها السلام نموذجًا (1)
نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته