
بعد الزيارات المليونية للإمام الحسين عليه السلام كل عام، يحاول بعضهم التشكيك في زيارة الأربعين، بأنها لم يثبت استحبابها بخصوصها، أي أنها ليست من الزيارات المخصوصة، كزيارة ليلة القدر، وليلة النصف من شعبان، ويوم عرفة وغيرها.
والكلام يكون في عدة نقاط:
1- أن علماء الطائفة لم يعتنوا بتدوين أسانيد الروايات المتكفلة ببيان الآداب والسنن والمستحبات ونحوها، وإنما كانت عنايتهم بذكر أسانيد الروايات المبيِّنة للأحكام الإلزامية، وهي الواجبات والمحرمات، ولهذا تجد جميع روايات بعض كتب المستحبات مثل (مكارم الأخلاق) للطبرسي بلا أسانيد.
وقد اختلف علماء الطائفة في طريقة التعامل مع مثل هذه المستحبات والسنن المذكورة في الكتب المعروفة على نحوين:
النحو الأول: أن يؤتى بتلك الآداب والمستحبات بعنوان الاستحباب، اعتمادًا على قاعدة التسامح في أدلة السنن، إذ يكفي في إثبات الاستحبات وجود فتوى أو رواية تدل على هذا المستحب وإن كانت ضعيفة السند.
النحو الثاني: أن يؤتى بتلك الآداب برجاء المطلوبية كما هو مسلك المحقق السيد الخوئي (قدس سره).
وعليه، فإن زيارة الأربعين يؤتى بها بأحد هذين النحوين، وكذا جميع الزيارات والأدعية وغيرها من الآداب والسنن المذكورة في كتاب مفاتيح الجنان وغيره.
2- أنه لا شك في أن زيارة الإمام الحسين عليه السلام مستحبة في جميع الأوقات، في العشرين من صفر وغيره، وعلى ذلك دلت الروايات المتواترة عن أهل بيت العصمة والطهارة.
منها: ما رواه الكليني في الكافي بسنده عَنْ حَنَانٍ عَنْ أَبِيه قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه عليه السلام: يَا سَدِيرُ تَزُورُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ عليه السلام فِي كُلِّ يَوْمٍ؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لَا، قَالَ: فَمَا أَجْفَاكُمْ! قَالَ: فَتَزُورُونَه فِي كُلِّ جُمْعَةٍ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَتَزُورُونَه فِي كُلِّ شَهْرٍ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَتَزُورُونَه فِي كُلِّ سَنَةٍ؟ قُلْتُ: قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ. قَالَ: يَا سَدِيرُ مَا أَجْفَاكُمْ لِلْحُسَيْنِ عليه السلام! أمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلَّه عَزَّ وجَلَّ أَلْفَيْ أَلْفِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ، يَبْكُونَ، ويَزُورُونَ لَا يَفْتُرُونَ، ومَا عَلَيْكَ يَا سَدِيرُ أَنْ تَزُورَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ عليه السلام فِي كُلِّ جُمْعَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وفِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ بَيْنَنَا وبَيْنَه فَرَاسِخَ كَثِيرَةً، فَقَالَ لِي: اصْعَدْ فَوْقَ سَطْحِكَ، ثُمَّ تَلْتَفِتُ يَمْنَةً ويَسْرَةً، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ انْحُ نَحْوَ الْقَبْرِ، وتَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّه، السَّلَامُ عَلَيْكَ ورَحْمَةُ اللَّه وبَرَكَاتُه. تُكْتَبُ لَكَ زَوْرَةٌ، والزَّوْرَةُ حَجَّةٌ وعُمْرَةٌ. قَالَ سَدِيرٌ، فَرُبَّمَا فَعَلْتُ فِي الشَّهْرِ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً (1).
وبه يتضح أنه إذا لم يثبت استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام في خصوص العشرين من صفر، فإن الاستحباب ثابت بالعنوان العام.
وكل من زار الإمام الحسين عليه السلام في العشرين من صفر أو غيره فإنه مثاب مأجور حتى لو لم تكن زيارته عليه السلام في ذلك الوقت من الزيارات المخصوصة.
والتشكيك في أن زيارة الإمام الحسين عليه السلام في العشرين من صفر مخصوصة أو غير مخصوصة، ليست له أي فائدة إلا صدّ الشيعة وتثبيطهم عن زيارته عليه السلام.
3- أن الفرق بين الزيارة المخصوصة والزيارة المطلقة أن ثواب الزيارة المخصوصة أكثر، مثل زيارته في يوم عاشوراء، أو في ليلة النصف من شعبان، أو في ليلة القدر، أو يوم عرفة أو غيرها...
ولكن كل من بلغه ثواب على عمل، فعمله برجاء ذلك الثواب، أعطاه الله ما كان يؤمّله من الثواب، وإن لم يكن الأمر كذلك، وهذا ما دلت عليه الروايات الصحيحة المستفيضة التي سميت: (روايات من بلغ).
- منها: ما رواه الكليني في الكافي في بسند صحيح عن هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام قال: من سمع شيئًا من الثواب على شيء فصنعه، كان له، وإن لم يكن على ما بلغه (2).
فمن بلغه أن في زيارة الأربعين ثوابًا عظيمًا وهو كذلك، فزار الإمام الحسين عليه السلام في ذلك الوقت برجاء نيل ذلك الثواب، فإن الله بفضله وواسع كرمه يعطيه من الثواب ما كان يؤمّله.
4- إن ثواب الزيارة يختلف من زائر إلى آخر، فمن جاء من البصرة خالص النية عارفًا بحق الإمام، وقد عانى في طريقه ما عانى من التعب والجوع والعطش والفقر والخوف، فهو أكثر ثوابًا ممن لم يعان شيئًا من ذلك، حتى لو كانت زيارة الثاني مخصوصة وزيارة الأول مطلقة.
ثم إن الله تعالى يعطي الزائرين الثواب بفضله ورحمته سواء أكانت الزيارة مخصوصة أم مطلقة، والله واسع الكرم كثير العطاء، فمن أحسن الظن بربه أعطاه الله تعالى أكثر مما أمله.
ـــــــــــــــــــــ
1. الكافي 4/589.
2. الكافي 2/87.
معنى (سبل) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (1)
محمود حيدر
مناجاة الذاكرين (6): ذكر الله لذّة الأولياء
الشيخ محمد مصباح يزدي
بين الإيمان والكفر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
عدنان الحاجي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
الإمام الهادي: بهجة أبصار العارفين
حسين حسن آل جامع
سيّد النّدى والشّعر
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (سبل) في القرآن الكريم
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (1)
أطباء الأسنان قد يتمكنون قريبًا من (إعادة نمو) مينا الأسنان باستخدام هلام بسيط
مناجاة الذاكرين (6): ذكر الله لذّة الأولياء
الإمام علي الهادي (ع) الشخصية الوقورة
سياسة المتوكل مع الإمام الهادي (ع) (1)
الإمام الهادي (ع) وفتنة خلق القرآن
الإمام الهادي: بهجة أبصار العارفين
معنى (زرب) في القرآن الكريم
بين الإيمان والكفر