يعيش الكثيرون في هذه الحياة على ذهنية المركز والأطراف أو ثقافة المتن والحاشية والهامش، فالعالم الإسلامي مثلاً هو على هامش الحداثة وهو على حاشية الغرب، وهذا يعني أنّه لابدّ أن يتخذ الآخرُ القرارَ وعلينا أن نتّبع، وأن يكون هو المنتج دوماً ونحن المستهلكين، ولابد أيضاً من أن نفرض في لاوعينا أنّنا لا يمكن أن نكون مركزاً ولا منتجاً، وأنّ رغبتنا في التفكير أو اتخاذ القرار أو التخلّص من الاستهلاك المحض، هو خطيئة عظمى نرتكبها، وهو معارضة لحقائق الخِلْقَة ومصادمة مع مكوّناتنا الجينيّة!
الأمر عينه يحدث، بدرجةٍ أو بأخرى، في المؤسّسة الدينيّة عند الكثير من المذاهب، فهناك من يعيش ـ من حيث شعر أو لم يشعر ـ ثقافة أنّ العلم والإنتاج والريادة الدينيّة لابدّ أن تكون في هذه المدينة أو تلك، أو في هذا البلد أو ذاك، أو لأبناء هذا الشعب أو هذه القوميّة أو تلك، وعلى الآخرين أن يرضوا بقضاء الله وقدره في أن يكونوا هوامش وحواشي وأطرافاً ومستهلكين.
هذه الفكرة أو الممارسة أو اللاوعي موجودة، يتمّ تطبيقها ـ بشكل نسبي ـ في هذا الصدد بقصدٍ أو من دون قصد. بل الأغرب أن يُصبح العلم والريادة حكراً ـ في بعض المستويات والمساحات ـ على أسر علميّة لها تاريخها الرائع والمشرّف، وكأنّ دخول شخصٍ من غير الأسر العلميّة على الخطّ أشبه بالمستحيل، وربما عليه أن لا يفكّر أبداً في منافسة رجالات تلك الأسر الذين ستتوفّر لهم بطبيعة الحال الكثير من الإمكانات والفرص والظروف المؤاتية، وربما يوفّرون لغيرهم مثلها، وقد لا يوفّرون ولا يفكّرون له في ذلك.
العلم والمعرفة ليسا حكراً لا على جغرافيا ولا قوميّة ولا بلدان ولا شعوب ولا أمم ولا حضارات ولا عوائل وأسر، بل يتبع العلمُ العالمَ أينما كان، وأينما حلّ، وليس العكس، والعلم صنيعة الإنسان، كلّ إنسان، وليست هناك جينات لشعوب وقبائل وأسر وبلدان تسمح لها بالعلم ولا تسمح لغيرها (وإن كانت هناك بعض الأفكار في هذا المجال عند بعض الباحثين)، فلنُعِد بناء الثقة في نفوسنا. فكرتي هي: تعالوا لنحترم علماء ومفكّري مناطقنا وبلداننا وشعوبنا، كما نحترم علماء سائر البلدان، وتعالوا لنحترم الإنتاج عندنا ولا نظلّ في فضاء الاستهلاك لما يُنتجه الآخرون من معرفةٍ دينيّة، وتعالوا لنحترم علماء الأطراف ونقدّرهم وندرك حجمهم الحقيقي وإمكاناتهم الذاتيّة، كما نحترم علماء المراكز، فكم من عالمٍ في الأطراف أكثر علماً أو قدرةً من غيره ممن عاش في المركز، وكم هو العكس كثيرٌ أيضاً.
فلا يغترّ أحدُنا بالماكينات الإعلاميّة التي تحاول صُنع كبار، فُرصتهم في بلدك أنّك لم تحتكّ بهم، بل كانوا بعيدين، والبُعد مع الصيت يخلقان صوراً ورسومات أسطوريّة عندما تكون هناك ماكينات إعلاميّة. رهاننا هنا على المتعلّمين والمثقّفين القادرين إن شاء الله على وعي هذه الأمور. ولا نقصد بهذا أبداً ممارسة تنافس سلبي مع الآخرين أو الحطّ من قدرهم والعياذ بالله، ولا عيش عقدة مأساويّة في هذا الأمر، فهذا خطير جدًّا، وقد يشتغل عليه خصوم العالم الإسلامي، ونحن مطالبون بالوعي التام على هذا الصعيد، بل الغرض هو التعاون والمشاركة والثقة في إنتاج العلم والمعرفة، وفي الحقوق والواجبات.
قال تعالى ـ والقياس هنا مع الفارق الكبير ـ: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف: 31 ـ 32).
إيمان شمس الدين
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطهراني
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد هادي معرفة
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
الشيخ علي الجشي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
السّيادة والتّسيّد وإشكاليّات التّغيير، الزهراء عليها السلام نموذجًا (1)
نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته
الأسرة الدافئة (1)
جنة عدن
القرآن كتاب كامل ودائم ومستقلّ في دلالته
الولادة الميمونة لفاطمة (عليها السلام)
السيّدة الزّهراء: تحفة سماويّة الملامح
تطوّر اللّغة واضطراباتها، جديد المترجم عدنان الحاجي
القرآن وخلق العالم
مفهوم العبادة وحدّها